كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

قصة لاستخلاص العبر.. قضية فؤاد مردم- ج2

علي سليمان يونس- فينكس

كما تعلمون انه بعد أربعين إلى خمسين عاماً.. فإن معظم الدول تفرج عن الأرشيف السري الذي يتضمن وقائع أحداث معينة وتجعله متاحاً للجميع بحيث لا يؤثر على أمن الدولة.. وقد أفرج الكيان الزائل عن أرشيف سفينة الأسلحة بعد أربعين عاماً مع الأخذ بعين الاعتبار أن الرواية هي من وجهة نظر العدو وفيها ما يجمّل أعمالهم "البطولية الخارقة!"..
رواية العدو، تركز على الدور الاسرائيلي في نسف الباخرة التي تحمل صفقة السلاح السورية، الرواية تمر مروراً عابراً - يمكن فھمه بالنسبة لمقال اسرائيلي - على دور فؤاد مردم مع التغطية على وقائع ثبتت عليه بشھادة أشخاص سوريين لا موجب للطعن بشھادتھم.
والذي يھمنا من ھذه الرواية ھو الاشارة الى الأھمية الكبيرة التي كانت اسرائيل تعلقھا على عدم وصول تلك الأسلحة إلى الجيش السوري (أقول: الشحنة كانت أسلحة خفيفة، فما بالك بما يفعله الكيان عندما يعلم أن سوريا تصنع أسلحة بعيدة المدى.. وردة فعلهم بالعدوان المتواصل على سوريا واضحة)، مما تبدى بملاحقة "بن غوريون" شخصياً لمراحل الاستيلاء عليھا والتي يصفھا المقال بأنھا:
"كانت كافية بمقاييس سنة 1948 للتغلب على المستوطنات اليھودية في الشمال بما يمكن الجيش السوري من فتح الطريق أمام ھجوم واسع النطاق عبر سھول الجليل".
(وهنا لابد لي من الاستئناس بما أفاد به العميد المتقاعد "جورج محصل" حيث أفاد: انه عندما كان برتبة ملازم في حرب 1948 كلف بالقيام بھجوم على مستعمرة يھودية مع اثنين وثلاثين جندياً، كان 17 منھم مسلحين ببنادق قديمة، أما الباقون فكانوا عزلا من السلاح!؟)...
ولا بد من ان أشير الى أن تفاصيل سفر الضابط السوري الذي عقد الصفقة عبر تل أبيب تستحق - من طرفنا - كثيراً من التمحيص وإشارات التعجب والاستفھام، وقد يكون ايرادھا في الرواية على تلك الصورة للتغطية على طريقة وصول خبر الصفقة إلى الجانب الاسرائيلي.....!
أكرر الحذر والانتباه أن الرواية هي إسرائيلية... وهي تقول:
(((ھبطت الطائرة السويسرية من طراز "دي. سي. 4" في الرحلة رقم 442 الى مطار تل أبيب، كان ذلك في مطلع شھر شباط سنة 1948 وبعد تزويد الطائرة بالوقود، بدأت تستعد للاقلاع من جديد متجھة الى محطتھا التالية في رحلتھا إلى باريس. لم تكن اسرائيل قد أنجزت بعد قيامھا الكامل كدولة في فلسطين، ومع ذلك فقد كان اليھود يعدون أنفسھم بالفعل للحرب ضد العرب، وھي الحرب التي يعرفون أنھا وشيكة فعلاً، ومن ھنا فقد كانت خطوط الطيران الدولية ما تزال تطير بين العواصم العربية وفلسطين في طريقھا الى اوروبا وامريكا أو في طريق عودتھا. وفي مقصورة الدرجة الأولى بالطائرة السويسرية كان يجلس ضابط سوري شاب، وھو الكابتن عبد العزيز قرين، في طريقه الى براغ عن طريق باريس، باعتباره ممثلاً لوزير الدفاع السوري، أحمد شراباتي، لكي يتعاقد على شراء عشرة آلاف بندقية من تشيكوسلوفاكيا للجيش السوري.. حيث تحتاجھا سوريا بشدة في مواجھتھا الوشيكة مع اليھود في فلسطين... وخلال دقائق كان يجلس في الطائرة نفسها مسافر آخر يتجه الى مھمة مماثلة، وبين جواز سفره الفلسطيني ان اسمه ھو "جورج ايبرال "ووظيفته المدونة في الجواز ھي مدير مؤسسة يھودية ذات فروع في الخارج مع ذلك، فقد كان اسمه الحقيقي ھو "ايھود افريل" وھو يمثل منظمة من أكثر المنظمات اليھودية سرية في فلسطين انھا منظمة "راكيش" لشراء الاسلحة للھاجانا، التي ھي بدورھا الجيش اليھودي الذي يعمل لقيام الدولة اليھودية في فلسطين.
لم يكن الضابط السوري الشاب يعرف بالطبع بوجود ھذا العميل اليھودي السري معه على الطائرة نفسها ومتجھاً الى البلد نفسه –تشيكوسلوفاكيا- وكانت تلك الرحلة للعميل اليھودي ھي في حد ذاتھا جزءاً من أول عملية مخابرات سرية كبرى تقوم بھا اسرائيل فيما وراء البحار، وتنفذھا منظمة "راكيش" السرية وكانت المنظمة قد عرفت بعد أيام، من عميلھا اليھودي ھذا... ايھود افريل.. انه لاحظ بينما ھو يتجول في مصانع السلاح والذخيرة في تشيكوسلوفاكيا، انه يوجد شخص عربي آخر، لا يعرف جنسيته، يقوم بجولة مشابھة له، ويريد ھو الآخر التعاقد على شراء أسلحة من تشيكوسلوفاكيا، وفي فلسطين بدأت منظمة "راكيش" اليھودية السرية تجري تحرياتھا، حتى اكتشفت ان الشخص المقصود سوري الجنسية، وانه سافر الى براغ على الطائرة نفسها وفي اليوم نفسه، وأنه يمثل الحكومة السورية، واسمه عبد العزيز قرين. وبمقاييس الحرب الحديثة، فإن المشتريات التي اكتشف "ايھود افريل" ان الضابط السوري قد تعاقد عليھا من تشيكوسلوفاكيا، ليست ضخمة، لقد تعاقد عبد العزيز قرين على شراء ستة آلاف بندقية وثمانية ملايين طلقة ذخيرة من الحجم الصغير وشحنة من القنابل اليدوية.... وحينما تلقى ديفيد بن جوريون، الذي سيصبح خلال وقت وجيز أول رئيس وزراء لاسرائيل، تلك المعلومات من "ايھود افريل" فإنه لم يتردد لحظة في التصرف، لقد أمر بوضع عملية مخابرات عاجلة لمنع الجيش السوري من الحصول على تلك الأسلحة بأي ثمن، وأصبح اسم العملية السرية ھو "عملية السرقة" وھدفھا التأكد تماماً من عدم وصول شحنة الأسلحة التشيكوسلوفاكية ھذه الى سوريا، خاصة بعد أن تبين أن الشحنة قد تم تحميلھا في باخرة ايطالية قديمة اسمھا "لينو" وان الباخرة تشق طريقھا في البحر فعلاً متجھة الى ميناء وصولھا.
وفي البداية لم يكن ھناك أحد يعرف كيف يمكن تجاوز الباخرة الايطالية في أعالي البحار، لقد كانت منظمة "الھاجانا" قد اشترت لتوھا اسطولاً من طائرات النقل، ما زال موجوداً في ايطاليا، وقد جرى التفكير في أن يتم شحن تلك الطائرات بالمتفجرات، لكي تطير متابعة الباخرة الايطالية في آعالي البحار حيث يمكن ضربھا بالقنابل وتفجيرھا بالكامل، وقد تم تزوير وثائق خاصة لإحدى تلك الطائرات وأفرادھا وطاقمھا على أساس أن بناما ھي موطنھم. ثم جرى التفكير في خطة بديلة، وھي استئجار قارب وتسليحه بعد إعداد أوراق مزورة أخرى له، لكي يحاول الاستيلاء على الباخرة في عرض البحر، أو نسفھا إذا فشل في الوقت نفسه، لم تكن الدول العربية تعرف بعد أن منظمة الھاجانا قد أصبح لھا سلاحھا الجوي، وقد تم تكليف بعض طائراته بالخروج الى أعالي البحار للبحث عن الباخرة الايطالية وضربھا ولكن... لمدة ثلاثة أيام متواصلة، ظلت تلك الطائرات "السرية" تستكشف البحر الادرياتيكي بحثاً عن الباخرة... بغير جدوى. لقد اختفت الباخرة الايطالية في أعالي البحار في ظروف غامضة.. وھو الأمر الذي أوشك ان يصيب "ديفيد بن جوريون" بالجنون.
ولكن، في آذار تم حل اللغز، حينما أبرق "شاؤول افيجور"، أول رئيس لبعثات المخابرات اليھودية في أوربا، بتقرير من يوغوسلافيا يقول فيه انه لسبب غامض تلقت الباخرة الايطالية تعلميات بالعودة الى ميناء قيامھا. ولكن في اليوم التالي مباشرة تلقت الباخرة امرا بالابحار من جديد، وھكذا استعدت الطائرات "السرية" التي اشترتھا الھاجانا وأعطتھا جنسية بناما المزورة لضرب الباخرة الايطالية في عرض البحر.
غير أن الطقس تدخل في ھذه المرة لكي يفسد عملية المخابرات اليھودية الأولى فيما وراء البحار. ففي أول نيسان (1948) ھبت عاصفة كانت من القوة بحيث عجز طيارو اليھود تماما عن المضي في رحلتھم الاستكشافية بحثا عن الباخرة الايطالية التي تحمل شحنة السلاح الى سوريا. وھنا قامت منظمة "راكيش" اليهودية السرية بوضع خطة بديلة على الفور لقد تم استئجار يخت تجاري فاخر من ايطاليا، قادر على الابحار بسرعة تتراوح بين 14 و 17 عقدة بحرية، ومن ثم فإنه يمكن أن يكون أسرع كثيراً من الباخرة الايطالية القديمة التي تحمل شحنة السلاح السورية. وأرسلت الھاجانا على الفور بمجموعة منظمة من الضباط اليھود الذين يشكلون طاقم اليخت في المھمة السرية للاستيلاء على الباخرة الايطالية أو نسفھا في عرض البحر. وبينما يتم إعداد اليخت للابحار وصلت معلومات جديدة: لقد تعطلت بعض آلات الباخرة "لينو" وحينما رأى قبطانھا سوء الأحوال الجوية أمامه، قرر الاتجاه بباخرته الى ميناء "مولفيتا" وھو ميناء صغير في جنوب ايطاليا. وھنا أصبحت الظروف تساعد المخابرات اليھودية، فطالما الباخرة موجودة في الميناء الايطالي الصغير، يصبح في امكان مجموعة صغيرة من المحترفين في الھاجانا، الذھاب الى ھناك ونسفھا.
وھنا قامت الھاجانا بتجنيد احدى عميلاتھا من اليھود الاوروبين، وھي امرأة يھو*دية جميلة اسمھا "ادا سيريني" التي كان الالمان قد قتلوا زوجھا خلال الحرب، وأصبحت الان عميلة لتنفيذ عمليات المخابرات اليھودية السرية في اوروبا، وفي تلك الفترة كانت ايطاليا تجتاز فترة الانتخابات العامة، حيث يتم تبادل الاتھامات الضارية بين الديموقراطيين المسيحيين والشيوعيين، وكل جانب منھما يتھم الآخر بالاستعداد للقيام بعصيان مسلح في ايطاليا. واختارت "ادا سيريني" عشيقا لھا في الحزب الديموقراطي لكي تتصل به وتقول له: "ان الشيوعيين يأتون بالأسلحة تمھيدا للقيام بانقلاب مسلح ضدكم في ايطاليا" لقد وصلت السفينة الى ميناء "مولفيتا" محملة بالبنادق والذخيرة استعدادا للانقلاب الشيوعي. وخلال اثني عشرة ساعة، كانت تلك الأخبار منشورة في الصفحات الاولى لكل جريدة ايطالية وأصبحت الحكومة الايطالية في حالة رعب من الانقلاب الشيوعي المسلح المحتمل، بينما ردت الصحف الشيوعية الايطالية بأن تلك الاخبار مزيفة وتمثل استفزازاً من الحكومة، ثم ردوا من جانبھم باتھامات مضادة بأن تلك الاسلحة لا بد ان تكون قد جاءت بھا الأحزاب اليمينية الايطالية التي تخطط لقھر الشيوعيين بالقوة. في الوقت نفسه كانت المخابرات اليھودية تھنئ نفسھا على عملية الوقيعة الكبرى ھذه التي نجحت فيھا داخل الأحزاب الايطالية، خاصة ولم يعد ھناك مفر أمام الحكومة الايطالية المرتعبة من أن تأمر بالقبض على قبطان السفينة وأفراد طاقمھا الذين لا يعرفون سبب القبض عليھم. وتم اقتياد السفينة الى ميناء "باري" العسكري في ايطاليا، حيث أصبحت ھدفا محددا وقائما أمام فريق النسف السري الذي بعث به بن جوريون.
ولم يكن ھناك مزيد من الوقت، فنحن الآن في الرابع من نيسان، والحرب الاسرائيلية مع العرب وشيكة للغاية، ولو وصلت تلك الأسلحة الى الجيش السوري فإنھا ستؤخر، وربما تمنع، اعلان قيام الدولة اليھودية في فلسطين، ان قبطان الباخرة سرعان ما سيروي القصة الحقيقية للسلطات الايطالية، وساعتھا ستكون الحكومة الايطالية مضطرة للافراج عن الباخرة، ولذلك، أصر ديفيد بن جوريون على انجاز "عملية السرقة" بأقصى سرعة قبل ان يتم كشف الحقيقة للسلطات الايطالية. وبسرعة شديدة تجمع فريق التخريب الذي بعث به بن جوريون الى إيطاليا حيث قام قائد المجموعة باستئجار سيارة نقل ضخمة من حمولة الخمسة أطنان، وتم طلاؤھا بشعار القوات الامريكية في ايطاليا، وتم ملؤھا بكل معدات النسف والتفجير المطلوبة. وكانت علامات الجيش الامريكي المزورة على سيارة النقل تؤدي الى تسھيل مرورھا عبر الحواجز التي أقامھا البوليس الايطالي عند مفارق الطرق الھامة، وفي مداخل ميناء "باري"، وفي الوقت نفسه الذي كان فيه فريق استطلاع يھودي قد تسلل الى الميناء لتحديد موقع الباخرة، واكتشف ھناك وجود مدمرة بريطانية ترسو بالصدفة بجوار الباخرة المستھدفة "لينو". وبعد ان استأجر فريق التخريب اليھودي السري قارباً من أحد الايطاليين في الميناء بحجة انھم سياح يھوون التنزه بالبحر، وبعد ان وضعوا اللغم المشحون بمادة "تي. ان. تي" في الزورق.. فشلوا في محاولتھم الاولى لوضع اللغم أسفل الباخرة المستھدفة.. بسبب الأنوار الكاشفة التي كانت تنطلق من المدمرة البريطانية الموجودة في الميناء الايطالي بالصدفة. وفي منتصف الليلة التالية، 19 نيسان، عاود فريق التخريب اليھودي السري المحاولة، وفي ھذه المرة أيضا اقتربوا تماما من الباخرة "لينو " لكي تمنعھم الأنوار الكاشفة للمدمرة البريطانية من الاقتراب اكثر واكثر لتثبيت اللغم.
وزاد على ذلك في ھذه المرة وجود المدمرة البريطانية في حالة استعداد، وكل أفراد طاقمھا في حالة تنبه، وأوامر تنطلق ھنا وھناك. وفي الواحدة والنصف ليلا كان فريق التخريب قد أصبح في حالة يائسة تماما من انجاز مھمته التي يتعجلھا بن جوريون ويتلھف على اتمامھا طوال الأيام الاخيرة. ولكن... سرعان ما تدخل الحظ فجأة لصالحھا.. فقد تبين أن حالة الاستعداد على المدمرة البريطانية سببھا استعداد المد مرة لمغادرة الميناء، حيث غادرته فعلا قبيل الساعة الرابعة فجرا.. وھو الامر الذي ترك الباخرة "لينو" ھدفا سھلا مجردا من اية حماية داخل الميناء. وھكذا تسلل فريق التخريب اليھودي من جديد لكي يعملوا بأقصى سرعة على تثبيت اللغم في جسم الباخرة التي تحمل شحنة السلاح السوري. وبعد الساعة الرابعة فجرا بقليل، كانت المھمة قد تمت.. وخلال فترة وجيزة انفجر اللغم في جسم السفينة، محدثا انفجارا ھائلا ومدويا، في اللحظة نفسها كان أعضاء فريق التخريب يفرون ھاربين خارج الميناء متجھين الى روما في عربة النقل التي تحمل شعار الجيش الامريكي المزيف، بينما شحنة السلاح السوري غرقت كلھا في الميناء خلال عشر دقائق.
ولكن القصة لم تنته عند ھذا الحد، ففي دمشق ذھب الكولونيل فؤاد مردم الى رئيس الوزراء جميل مردم وأخبره: ان تلك الاسلحة حيوية جدا للجيش السوري وكان يجب على الحكومة السورية ان تخطر الحكومة الايطالية رسميا بوجھة الباخرة وحمولتھا، وعلينا ان نفعل ذلك الآن فوراً. وبالطبع وافق رئيس الوزراء، وبعث بفؤاد مردم نفسه الى ايطاليا لھذه المھمة. وھناك تبين ان شحنات السلاح الغارقة ما زالت صالحة للاستخدام بسبب جودة تعبئتھا، ولا يبقى سوى انتشال الباخرة الغارقة ولكن ھذا استغرق أسابيع عدة، كانت اسرائيل قد قامت خلالھا رسميا كدولة.
ومرة أخرى استعانت اسرائيل بعميلتھا السرية "ادا سيريني" التي تابعت المعلومات حول انتشال صناديق السلاح والذخيرة السورية من الميناء، وتنظيفھا واعادة تعبئتھا بواسطة خبراء ايطاليين تحت الحراسة المشددة في ھذه المرة، وحتى تلك المرحلة لم يكن السوريون، ولا الايطاليون يشكون لحظة واحدة في ان تكون لاسرائيل علاقة بھذه العملية كلھا، مع ذلك فما زالت اسرائيل مصممة على عدم وصول الاسلحة الى الجيش السوري بأي ثمن. ولأن سوريا لم تكن لديھا بواخر ملكھا، فلم يعد ھناك مفر امام فؤاد مردم من البحث عن باخرة تجارية لشحن الاسلحة، وظل الكونيل مردم يبحث.. حتى اقترح عليه صاحب الفندق الذي يقيم به الاتصال بوكالة "مينارا" للشحن البحري في روما لكي تدبر له الحصول على باخرة، وبالفعل، اتصل مردم بالوكالة التي كانت اكثر من مستعدة لمعاونته، ودفع لھا أكثر من مليون لير مقدما نظير الشحن. أما الذي لم يكن الضابط السوري يعرفه، فھو أن صاحب الفندق قد اقترح عليه تلك الوكالة بالذات بناء على اقتراح من عشيقته "ادا سيريني" التي ھي بدورھا عميلة للمخابرات الاسرائيلية، والوكالة ذاتھا كانت قد أقيمت بواسطة المخابرات اليھودية من قبل. وحينما قام الكولونيل فؤاد مردم بالتفتيش على الباخرة الجديدة "اريجورو" التي تم وضع شحنة السلاح السورية عليھا، فإنه لم يكن ليشك لحظة في انه خلال ايام ستكون تلك الأسلحة في ايدي الجيش السوري، ولكن بينما الباخرة في عرض البحر، اكتشف القبطان ان اثنين من طاقمھا مسلحان، وتحت تھديد السلاح أرغماھا على الاتجاه بالباخرة الى تل ابيب.
أما كل الذي عرفته الحكومة السورية ھو أن الباخرة قد اختفت بطريقة غامضة في أعالي البحار، ولم تصل شحنة السلاح مطلقا، الأمر الذي أدى الى الحكم على الكولونيل فؤاد مردم بالإعدام)).
رابط الجزء الأول https://feneks.net/index.php/study/poltical/68968-1-6