كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

حول الأحرف المسمارية الأوغاريتية

د. غسّان القيّم- فينكس

اختلف علماء اللغات القديمه في لفظ الأحرف المسمارية الأوغاريتية، فقد وجدوا فيها أكثر من رسم للفظ الواحد..
لكن مقارنة الأبجدية الأوغاريتية مع الأبجدية العربية تبين أن الأبجدية الأوغاريتية تملك تسعة وعشرين حرفاً (27) دون حرف الضاد. لكن وفق دراسة حديثة تؤكد على أنه يوجد في الأوغاريتية حرف الضاد، بيد أن علماء اللغات الذين ترجموا الرقم الفخارية التي اكتشفت في أوغاريت يبدو أنهم ترجموها دالاً. ومازال البحث عن هذا الموضوع جارياً حتى الآن!... مع وجود همزتين مضمومة والثانية مكسورة إضافة الى الهمزة الأصلية المفتوحة..
لقد كانت البشرية دون شك تتطلع الى نمط جديد يخلصها من هذه الاستغلاقات المقطعية التي تجعل الكتابة على درجة كبيرة من الصعوبة، وقد تحقق هذا الأمل الجريء على يد عالم سوري من هذه الأرض المباركة من مدينة أوغاريت، بالرغم من إكتشاف آلاف الرقم الفخارية لم يتثن لنا حتى الآن من معرفة أسمه، لكن قُدّر له ان يعيش على هذه البقعة الجميلة من ساحلنا السوري قرب اللاذقية خلال منتصف القرن الرابع عشر قيل الميلاد..
لقد كان إبداعاً قائماً على ملكات عقلية راسخة وعظيمة، فأتاح لنا ولادة أبجدية بسيطة تشتمل على (29) حرفاً، فنهضت على تلك القاعدة البسيطة جميع أبجديات العالم الحديث بتسلسل لا يتغير..
وتجدر الاشارة أن ذلك الترتيب يكاد يكون ترتيب الأبجدية اليونانية ذاته، تلك الأبحدية التي انبثقت منها كل أبجديات أوربا مع بعض الفروق الطفيفة..
لكن الأوغاريتيين ظلوا يكتبون هذه الأبجدية التي اخترعوها بالخط المسماري السومري..
وإنه لأمر يبعث على الاعتزاز والفخر أن نعلم أن أطفال العالم اليوم يتعلمون استظهار الأبحدية بالترتيب الذي وضعه لها عالم من مدينة أوغاريت السورية منذ أربعة وثلاثين قرناً غبرت..
مازال هناك الكثير من الأسرار لم تكشفها لنا مدينة أوغاريت الأثرية سننتظر ترجمات ما تبقى من الرقم التي لم يتثن للعلماء والباحثين من قراءتها حتى الآن لكثرتها لنرى ما تخبئه. لنا ترجماتها عن هذه الحضارة العظيمة.. أتمنى أن لا يطول انتظارنا كثيراً..
المصادر والمراجع العلمية..
.................................. .
تقارير البعثات التتقيبية الأثرية العاملة في اوغاريت ومصادر علمية أخرى مختصة بالدراسات الاوغاريتية إضافة إلى مراحع أخرى..
******
نص من أوغاريت.. يتضمن صلاة من أجل حماية الملك والدعاء له بطول الحياة المديدة....
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++
تؤكد الآثار الأدبية التي وصلتنا من أوغاريت عن الصفات التي يجب أن يتحلى بها ملك أوغاريت وواجبه بتحقيق استقرار المجتمع وتحقيق العدالة وإرساء الحق في الحياة اليومية التي يحياها الناس..
منها أن يدافع عي حقوق الأرامل واليتامى ومساعدة الفقراءوحماية الضعفاء وإحقاق العدالة، إضافة الى كل ما أشرنا إليه يجب على ملك أوغاريت ان يتمتع بقوة عضلية جبارة وصحة سليمة لا تتأذى وأن تتوفر فيه صفات الرجولة وقوة الثبات والاخلاص.. كل هذا يجب أن تتوفر فيه كمقاتل مثالي أرستقراطي.. فالمجتمع يطلب منه ان يتمتع بكل هذه الصفات.. لأن ضعفه أو مرضه كان يؤدي به ذلك الى عزله.. لذلك كان ينظر بالنسبة للأوغاريتيتن وأسلافهم كائناً مقدساً مرتبطاً بالمجتمع برباط سحري لا ينفصل، وهو ضمانة رفاه المجتمع الذي يحكم واستقراره لأنه يملك الصفات الضرورية..
ومن خلال أعمال التنقيب الأثري التي حصلت في أوغاريت خلال مواسم تنقيب أثرية في عام /1980/عثر على نص فخاري أكدت البعثة المنقبة في الموقع من خلال ترجمته بأنه كتب باللغة السومرية والأكادية حيث كانت الصيغة السومرية إله من أوغاريتكاملة بينما الصيغة الأكادية الأصلية مشوهة..
يتضمن هذا النص دعاء أوصلاة يلتمس فيها أصحاب الدعاء بأن يحمي الملك ويعيش حياة طويلة مديدة، وإن تباركه الآلهة وتمنحه رعايتها.. يقول النص المترجم باللغة العربية.
"عش سيدي.. لتكن أيامك مديدة طويلة!
لتتجدد أعوامك دوماً!
ليباركك بفمه الحلو!
لتباركك آلهة الأرض..
لتعطيك سيدة الآلهة السيدة العظيمة القوة الجنسية!
ليفتح لك سيد الينابيع بنبعه!
لتنيرك شمش.. راعي الأراضي مثل النهار الساطع!
ليكتسب نيو سيد الكتّاب أيامك القادمة /مستقبلك/..
لتقوي الآلهة قوتك..
لتحيطك عشتار.. السيدة العظيمة باللمعان!
ليعطيك الليل لمعانه المخيف!
لتعطيك السهوب خصوبتها!
أنا أريد ان أعطيك مثل الانهار الخصوبة
مثل الماء لتكن حياة الأرض..
ليسقط عليك مطر غزير من السماء!
لتنبت لديك نبتة سرور القلب!
لتجلب لك الجبال عطاياها!
لتجلب لك الأنهار محاصيلها!
من عام الى عام من شهر الى شهر..
من يوم الى يوم ليعطي لك الحياة..
مراجع البحث
...................
تقارير بعثات التنقيب الأثرية العاملة في موقع أوغاريت
ثقافه أوغاريت. إ. ش. شيفمان ترجم ميخائيل حسان اسحق الصادر عن دار الأبجدية دمشق..
الصورة المرفقة رسم لمنحوتة مكتشفة في أوغاريت في ثلاثينيات القرن الماضي تمثل الإله آيل جالسا على كرسي العرش يقف أمامه ملك اوغاريت يقدم له قربان عبارة عن رغيف خبز وابريق زيت زيتون..
صورة النص المترجم غير متوفرة.