كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عندما زار الشيخ أحمد مرهج (الصارمية) العلّامة الشيخ سليمان الأحمد حافي القدمين.. والسبب!

زين العابدين رمضان

(كتبتُ القصّةَ منذ فترةِ على "صفحتي السابقة" لكنه تمّ اختراقها عبر خُدعةٍ مِن ثعلبٍ ماكرٍ وثقتُ به فغدر بي).
سأعيدها؛ لأكتبَ ما يلي:
الحمدُ للهِ ربِّ العالَمين الذي مَنَّ عَلَيَّ برؤيةِ وَجههِ الوَضيء وَمُحيَّاهُ المُضيء من خلال زيارتنا له في منزله في قرية (الصارميّة) برفقةِ إخوتي الكرام.
بعدَ السلامِ وطيبِ الكلامِ جلستُ بجانبهُ أتفيّأ بظلالِ نورهِ وأفياءِ سروره، وقدِ استأذنتُهُ للكلام فقبلَ بكلّ احترام.
كانت أسئلتي له كسيلٍ غير جارفٍ وإنَّما تحفة لكلّ عارف.
ومنها السؤال الأوّل:
"سيّدي الفاضِل هَلْ تتكرّمُ عليَّ بتعدادِ مَن شاهَدتَهُم مِنَ المؤمنينَ الأفاضِلِ والسّادةِ الأماثِلِ"؟
فافترَّ ثغرُهُ عنِ ابتسامةٍ كأنّها بُرعُم وَردٍ، وَشَرَعَ يُسمّي لي مَن يتذكّرهُ، وقد ذكرَ أكثر مِن عشرين عالِماً.
وبعدما توقّف عنِ الكلام انتظرتُه ليستريحَ قليلاً - ومَن هو في عمرهِ لا يجِب اِتعابه وقد جاوز حينها ال (105) سنوات.
بعدها كان سؤالي التالي:
"سيّدي الشيخ أحمد هل شاهدتَ وليَّ اللهِ العلّامة الشيخ سليمان الأحمد"؟
فأجابني:
"نعم، لقد شاهدتُه وكان عمري حينها 18 سنة".
فطلبتُ منه أن يحكِي لي عن سببِ رؤيته له.
فقال:
"وصلتْ لوالدي (غفر الله له) دعوةٌ من العلّامة (ق) لحضور اجتماعٍ في منزله في قرية (السلّاطة)، فلبّى والدي الدعوةَ فَرحاً، وقد طلب منّي مرافقته، فانطلقنا أوان الفجر".
فتوقّف عنِ الكلام هُنَيهةً وابتسمَ في وجهي وقال:
"هل تصدُّقُ يا بُنَيَّ أنّني مشيتُ حافِيَ القَدَمَيْنِ من قريتنا (الصّارميّة) إلى (السّلاطة)"؟
فسألتُهُ:
"وَكَمِ هي المسافةُ يا سيّدي"؟
فأجابني:
"لقد انطلقنا من الفجر ووصلنا الساعة العاشرة، يعني سِتّ ساعاتٍ".
فصدحَ صوتي مُعلناً تعجّبي وإكباري وقلتُ: "يا إلهي".
فقال لي:
"يا ولدي، إنّ الحذاءَ في حينه لم يكُن متوفّراً للفقراء أمثالنا".
ثمَّ أكمل حديثهُ:
"دخلْنا منزل السيّد العلّامة فشاهدنا العشرات بل المئات من السَّادة المشايخ، فألقينا سلامنا عليهم فردّوا علينا بأحسنِ منها، وبدأ والدي بمصافحتهم وأنا أتبعه".
هنا قاطَعتُهُ عنِ الكلام:
"سيّدي هل صافحتَ سيّدي العلّامة الشيخ سليمان الأحمد"؟
فابتسم وقال:
" نعم يا بُنَيَّ".
فسألتُه: "أوصِفْ لي يدَهُ الشريفةَ".
فقال:
"كانت كفُّه طريّةً، ولمّا طبعتُ قبلاتي على ظاهر كفّه لم أكتفِ، فقلبتُها إلى باطنِها وقبّلتها، فابتسمَ العلّامة وقام وطبع قبلةً على جبيني".
ثم سألته:
" أذكُر لي مَن شاهدتَ وقتها".
فقال:
"بعدَ العلّامة كانَ الفيلسوفُ الشَّيخ يونُس حِمدان، وَبعدهُ الشَّيخ الرَّفيع ذو العِلمِ البديع الفاضِل مُعلّى ربيع".
وقد عدّد لي أسماءً كثيرةً (قدّس الله أرواحهم).
ولمّا أحسستُ أنّ الشيخ أحمد تعبَ من أسئلتي، قلتُ له:
"سيدي الفاضل الشيخ أحمد مرهج ـ أطالَ اللهُ لنا في عمركم الجميل أيها الفاضل الجليل، سؤالي لكم هو الأخير:
"سيّدي ما هو سبب الاجتماع"؟
فقال:
" لقد دعا العلّامة الشيخ سليمان الأحمد المشايخ من سورية ولبنان وتركيا؛ لأجلِ توحيد الكلمة ورصّ الصفوف لرفض الدولة العلوية التي استحدثَتْها فرنسا".
سألته: "في أيّ سنةٍ كان الاجتماع"؟.
فأجابَني: "كان على ما أذكر ما بين 1933م و 1936م".
انتقل الشيخ أحمد مرهج - الصارميّة في 3 - 12 - 2021م.
----------------------------
(قدّس الله روحه)