كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

قصر سويد في حارة قولي

عماد الأرمشي- فينكس

ذكر الدكتور عدنان تكريتي رحمه الله بيت سويد وتكلم عن حي ساروجة العريق في الجزء الثالث فقال:
مصطفى ـ أبو درويش سويد: مَن ِمن الدمشقيين.. لا بل من السوريين جميعاً لم يسمع بأبي درويش سويد؟
إنه ذاك الإنسان الذي اتخذه حبيب كحالة صاحب مجلة ((المضحك المبكي)) رمزاً للفرد السوري... مقابل ماكانت ترمز إليه المجلات المصرية بالمصري أفندي ولكن شتان بين الاثنين. فلقد تمثل المصري أفندي المتخيل إنساناً بديناً يتدلى بطنه أمامه ممسكاً سبحة بيده وعلى رأسه طربوش.
أما أبو درويش كان حي يرزق ولحمه ودمه من دمشق الشام وتستطيع أن تراه في أماكن كثيرة... وكان حبيب كحالة أحد عبقريات الصحافة في عصره يكتب بنفسه معظم مقالات مجلته الأسبوعية ويزينها بصور كاريكاتورية يرسمها بنفسه أيضاً إذ حباه الله موهبة الرسم الكاريكاتوري.
وإذا نظرت إلى أبي درويش رأيت إنساناً أميل إلى القصر يترنح في مشيته.. أما لباسه فكان من البذلة الإفرنجية التي لم تذق طعم حرارة الكي... وكما كان طربوشه بحاجة إلى اختصاصي كي الطرابيش. وكانت له نظارات سميكة تساعده على الرؤية لا على القراءة وكان يتوكأ على عصاً يستعين بها في مشيته المترنحة. ولا يستطيع الاستغناء عنها وقد قيل إن عظام حوضه أو فخذه كسرت في صغره وكان التئامها خاطئاً مما أصابها بذاك التشوه؛ أما سبب ذلك فكان مهنته الدمشقية القديمة التي بدأ بها حياته يصنع الأجران التي استعملت قديما في الحمامات ولم يخل منها منزل دمشقي.
وفي أحد الأيام وكان أبو درويش صغير السن وقعت عليه عدة أجران فسببت له الكسر الذي أصابه بعاهة دائمة؛ وعرف أبو درويش هذا الإنسان البسيط بالذكاء الخارق كان إذا دخل على الوزراء والكبراء احترموه؛ وإذا تحدث مع المتعلمين والمثقفين أكبروه؛ وإذا تحدث مع العمال والصناع هابوه وأجلوه.