كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

سيرة ذاتية

طلال سليم- فينكس:

في ذاك البيت الريفي في جبال اللاذقية نشأت ببيت يسكن قمة عالية. ومن ممتلكاتنا المميزة كان بابور بلون نحاسي يعمل على الكاز، ولم يكن يُستخدم إلا لحالات طارئة كزيارة ضيف، أو بسبب هطول مطر غزير، فكل أنواع الطبخ كانت تتم على الحطب في فناء الدار، وكنت أسمع أمي تقول: (تشلوطت الطبخة نسيت ضعف النار تحتا).
كيف يمكن لتلك النساء أن تضعف نار الحطب وتتحكم بها؟!
كان نصيبي دائماً وبشهية أن أقحف قعر الطنجرة، وماعلق بها من حليب، أو بطاطا وحتى البرغل كان شهياً وقد خالط طعمه النار.
كان لأمي عشرة أطفال، ثمانية ذكور وابنتين، وكانت أمي مسؤولة عن تأمين الخبز عن طريق العجين وخبزه على التنور، وحلب البقرتين ومن ثم إطعام هذه الفرقة من الأبناء وتسييرها حسب كل طفل واختصاصه، وكان العمل الموكل لي رعاية البقرتين، وجلب الماء ببيدون صغير من (عين الحنبوشية) للشرب، ولم تكن لدينا مياه أو صنابير لذلك حفر الوالد خزان مياه ضمن البيت وعبأه من مياه الأمطار، وخفف بذلك علينا هم تأمين المياه الذي كنا ننقله على حمارنا من مسافات بعيدة ضمن "الراوية" التي تتسع لمئة لتر ماء...
ثم تذهب أمي بعد كل هذا العناء للعمل مع أبي ضمن أراضينا البعيدة، تعود في كل مساء ويديها معفرتين بالتراب، وجروح الديس، والحطب...
كبرنا يا أمي وصارت من ممتلكاتنا رؤوس الغاز، والأفران الكهربائية، وصنابير المياه الممدة، وطناجر التيفال، والستاليستيل وطناجر البخار...
لكن لا طعمة لها توازي تلك التي أكلناها على نار الحطب ذات طفولة دون أن ننتظر الرسالة السماوية من رسائل (تكامل).