كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

بكاميرا موبايله.. المغترب في أميركا د. علي خليل يوثق المعالم الأثرية في سورية

فادية مجد - طرطوس - فينكس:
يبقى حب الوطن يسري في الشرايين مهما ابتعد الانسان عنه، فهو و إن غادره جسداً بقصد إكمال الدراسة أو العمل، تبقى الروح معلقة بحبات ترابه، ويبلغ الحنين أشده، يناجيه حباً، ويقوم بدوره في إظهار وجهه المشرق وأداء رسالته الوطنية في بلاد الاغتراب...

وهذا حال الدكتور المغترب علي خليل ابن محافظة طرطوس، كما حال باقي مغتربينا، والذي غادر سورية الى إحدى ولايات أميركا منذ أربعة عشر عاماً بقصد إكمال دراساته العليا فيها، وليكن بعد ذلك مدّرساً في إحدى جامعاتها...
الدكتور علي خليل وثّق من خلال كاميرا موبايله فيديوهات وتعليقات تعريفية مرافقة لذلك بصوته باللغة الانكليزية ونشرها عبر قناته (الكنوز السورية) أفلاماً وثائقية لمعالم أثرية سورية، نقل من خلالها للغرب الصورة الحقيقية لسورية الجمال والسلام والتاريخ الموغل بالحضارة..
فينكس تواصلت مع الدكتور علي خليل وكان الحوار التالي:
- بداية نتعرف عليك دكتور.. اختصاصك وعملك الحالي وأين تقيم؟ ومتى سافرت الى أميركا؟المغترب د. علي خليل صاحب صفحة الكنوز السورية
أنا علي خليل، دكتور بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بجامعة رود آيلاند بالولايات المتحدة الاميركية، حائز على شهادة ماجستير بالأدب الإنكليزي للعصور الوسطى و عصر النهضة، و شهادة دكتوراه بإدارة التعليم العالي من جامعة اركنسو الحكومية في ولاية اركنسو - أميركا.
سافرت للولايات المتحدة الاميركية سنة ٢٠٠٩ لإكمال الدراسات العليا بعد تخرجي من جامعة تشرين بمدينة اللاذقية السورية.
وحالياً مقيم بمدينة بروفدنس بولاية رود آيلاند— القريبة من مدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس منذ ٣ سنوات ونصف، بعدما تركت ولاية آركنسو والتي أقمت فيها مدة ١٠ سنوات.
- زياراتك لسورية نتحدث عنها، وكيف خطرت ببالك فكرة القيام بالتصوير والمونتاج لمناطق في سورية؟ و ماالدافع للقيام بذلك؟
الحقيقة كان الموضوع صدفة من النوع الذي يكتب لفيلم سينمائي!
أنا غبت عن بلدي سورية مدة ١٠ سنوات متواصلة منذ سفري لأميركا، وعند أول زيارة لعائلتي بعد هذه المدة الطويلة — و من خلال شوقي ليس فقط للناس، بل حتى للأماكن و المطاعم و الشوارع — مررت بالصدفة قرب متحف طرطوس، فاسترجعت ذكرياتي وأيام جلوسي مع أصدقائي بقهوة المنشية التي تقع بالحديقة الخلفية للمتحف وكان ذلك برفقة والدتي — صاحبة الفضل الكبير و الأول في زرع بذور الآداب في نفسي منذ كنت صغيراً.
حيث وقفت أمام متحف طرطوس، هذا الصرح الهائل و المعلم التاريخي المهم في مدينتي، وفكرت وقلت في نفسي: (لا توجد هذه المعالم التاريخية في الولايات المتحدة الاميركية)، وكما تعرفين ويعرف الجميع، أميركا بلد يافع يضج بالحداثة و الشوارع العريضة و الأبنية التي تعانق السحب، و لهذا أحببت أن أشارك هذه اللحظات مع عائلتي، أقاربي، وأصدقائي الموجودين في أميركا ، فخطرت ببالي فكرة تصوير المتحف بالفيديو، وقد كان هذا القرار عفوياً و قيد اللحظة، حيث لم أكن مستعداً للكلام العميق و المفصل عن المتحف، ولم أكن أملك أدوات تصوير احترافية، وليس عندي قناة يوتيوب؛ ولم أمتلك أيضاً معلومات كثيرة عن هذا الصرح سوى المعلومات العامة الموجودة عند كل أهل مدينتي طرطوس.
وببساطة، طلبت من والدتي أن تمسك موبايلي وتقوم بتصويري لبضع دقائق، وأنا أخاطب أصدقائي الأميركيين أمام عدسة كاميرا الموبايل من أمام مدخل متحف طرطوس، بالتكلم عن المتحف، وأنا اتجول أيضاً في حديقته، لنقل صورة جميلة عن الانجاز المعماري الابداعي لهذا المعلم التاريخي المهم، لأقوم بعد ذلك بنشر الفيديو على صفحتي على الفيسبوك بلا مونتاج، أو موسيقا أو مؤثرات، ودون أي تعليق إضافي.
وأضاف الدكتور علي قائلاً: لقد ذُهِلْتُ تماماً بردود أفعال أصدقائي الأميركيين، فلم أكن على الإطلاق أتوقع هذا النوع من الولع، الإعجاب، الفضول، و العشق الذي أبدوه من خلال تعليقاتهم و أسئلتهم التي—و بكل صراحة—لم أكن أمتلك أجوبة عنها!
وكانت هذه اللحظة نقطة تحول كبيرة بالنسبة لي. فبدأت مشوار أفلام اليوتيوب عن مواقع سورية التاريخية، دافعي الوحيد هو نقل صورة وجه سورية الجميل للمجتمع الأميركي تحديداً، والغربي عموماً، متكلماً بلسان أميركي، و روح سورية.
فلقد شبعنا و تُخِمنا من رؤية صور الدمار و المآسي في سورية، و حان وقت نقل صورة سورية الجميلة؛ سورية التاريخية والحضارية، سورية المبهجة للروح الإنسانية إلى العالم الغربي.
- متى كنت تقوم بذلك؟ نتحدث عن تفاصيل عملك وترجمتك وتصويرك؟ وأنواع تلك الدعايات، هل اقتصرت على تصوير الآثار في محافظة معينة؟جانب من قلعة المرقب بعدسة د. علي خليل
كنت أقوم بتصوير المعالم التاريخية فقط أثناء أوقات الإجازة و خلال زيارتي لأهلي في سورية، فأنا شخص هاو، و لست محترفاً، فلم أستخدم معدات تصوير ثقيلة، بل اقتصر الأمر على كاميرا الموبايل فقط.
ويتابع الدكتور علي: وبعد محاولة التصوير الأولى خلال أول زيارة، بدأت بكتابة النص لأول مرة خلال زيارتي الثانية لسورية، هذه كانت أول مرة أبتعد فيها عن الارتجال و أدخل في مجال التصوير و المونتاج بشكل ممنهج.
أولاً: أقوم بعملية بحث و قراءة معمّقة للأماكن التاريخية التي أختارها للتوثيق السينمائي.
ثانياً، أقوم بكتابة النص بشكل روائي مع أخذ الحقائق التاريخية بعين الاعتبار والدقة للأمانة و المصداقية.
ثالثاً، أباشر بالتصوير من موبايلي بهدوء، و من عدة زوايا و نقاط.
رابعاً، أقوم بإختيار الموسيقا التي تتلائم مع المحتوى.
خامساً: أقوم باختيار المؤثرات التي تتلائم مع المشهد المعروض.
وأخيراً أقوم بعملية التجميع لهذه العناصر و المحتويات بشكل يتلائم مع رسالة المحتوى.  
وأضاف: في الحقيقة، لم أكن أوجه المحتوى للجمهور العربي، فلم أُولِ كبيرَ اهتمام لإضافة الترجمة العربية إلّا مؤخراً، لأن جمهوري بالدرجة الأولى هو الشعب الأميركي.
 أما بالنسبة لتصويري في المحافظات، فكان الأمر مرتبطاً بأماكن زيارتي للأقارب و الأصدقاء، لذلك ركزت على المواقع التاريخية في طرطوس، اللاذقية، ودمشق.
- دكتور علي هل التصوير هو هواية سابقة أم لأجل هدفك تعلمته؟ وبماذا كنت تصور؟
لم يكن التصوير أكثر من وسيلة لحفظ الذكريات بالنسبة لي، حيث لم يكن هواية سابقة على الاطلاق، كنت أستخدم كاميرا الموبايل أثناء المناسبات الرسمية و الإجازات فقط.
ولكن مع تركيزي على إعطاء صورة جميلة عن سورية بطريقة احترافية، اكتشفت ولعاً جديداً بمسألة التصوير الإحترافي و الإخراج السينمائي، فبدأت بتصوير أماكن كثيرة في الولايات المتحدة الاميركية مستخدماً المسيّرة (الدرون) لإعطاء المحتوى جمالية خاصة و احترافية.
أما في سورية فكان الأمر منوطاً بمدة الإجازة و الأماكن التي يسكن فيها الأقارب، الكاميرا الوحيدة التي استخدمتها في سورية هي كاميرا الموبايل.
-منشوراتك وتلك الفيديوهات أين كنت تنشرها؟ وماهي الأصداء بصراحة في أميركا؟
بالبداية، و كما ذكرت، لم يكن لدي قناة يوتيوب فاستخدمت صفحتي على الفيسبوك، و مع مرور الوقت و زيادة لهفة الأصدقاء و المتابعين، بدأت بنشر أفلام وثائقية عن قلعة الحصن، قلعة أرواد، قلعة مصياف، قلعة المرقب، و غيرهم على قناتي الخاصة على اليوتيوب.
أما بخصوص الأصداء في أميركا فكانت هي الأساس الذي شجعني على الاستمرار في هذا المجال.
الشعب الأميركي هو شعب طيّب و مُضَلَّل و عنده الكثير من الفضول، هو يعلم—و على رؤوس الأشهاد—بأن إعلامه غير صادق، فيبقى السؤال كالتالي: ما هي الحقيقة؟ الصدفة الغريبة أنه وجد عندي وعبر قناتي الأجوبة على أسئلته من خلال سلسلة الأفلام التي صورتها و عرضتها على قناتي—سلسلة Syrian Treasures أو الكنوز السورية بالعربية.
-كلمة أخيرة دكتور علي تود توجيهها لأبناء سورية في الداخل ولكل المغتربين في الخارج. نحن اليوم—و من قبلنا جبران خليل جبران—سوريين في بلاد الإغتراب، الإنسان لا يتجزأ، ولايمكن له الانفصال عن نفسه و هويته وثقافته، لذلك أدعو كل سوري—في كل مكان— لأن يكون فخوراً بانتمائه، لمهد الحضارات، ويعمل على نشر ثقافته وثقافة أجداده، و يظهر وجه سورية الجميل.