كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الأغاني الشعبية الساحلية.. عبق الماضي الجميل وإرثٌ تتناقله الأجيال

فادية مجد- فينكس:

لا تخلو الأعراس الساحلية من وصلات الغناء الشعبي كالميجانا والعتابا وأبو الزلف والدلعونا، تلك الأغنيات الأصيلة مثلت هويةً ميزت قرى ريف الساحل السوري عبر سنوات طويلة، تروي كل منها حكايةً تكاد الأجيال الشابة لا تعلم عنها شيئاً.

فماهي الاغنية الشعبية وماقصة أبو الزلف والدلعونا؟
 تواصلت فينكس مع الباحث في التراث الشعبي الأستاذ حسن اسماعيل والذي بدأ حديثه بالقول: أغانينا الشعبية والمعروفة عند شعوب شرق المتوسط هي أغان قديمة، يرجع بعضها الى آلاف السنين، وقد سميت بالشعبية لأن عامة الناس تحفظها وترددها، وتؤلف المقاطع التي تريدها وللمناسبة التي تعيشها، لافتاً الى تميز الأغنية الشعبية بالمرونة، فهي تغنى في الأفراح والأتراح والعمل بكل أنواعه (حراثة- زراعة- تحطيب- حصاد)، كما تؤدى أيضاً على عدة ايقاعات، لأنها مرتبطة بالدبكات البطيئة والسريعة مثل دبكة (النخة، الجخة، الميلة، الشبة، الطيرة، المتلتة).حسين اسماعيل
وذكر اسماعيل أن أغانينا الشعبية القديمة (التراثية) تتميز بأن لافواصل موسيقية فيها، ولايُعرف من ألفها أو لحنها ولاتاريخ لوجودها، مبيناً أن معانيها كلها ذات طابع اجتماعي إنساني، مرتبط بحياة الانسان وعمله الدائم.
وفي الحديث عن بعض تلك الاغاني الشعبية اختار لنا الباحث في التراث الشعبي أغنية أم الزلف، أو أبو الزلف والتي يعود تاريخها الى أكثر من ٤٠٠٠ سنة قبل الميلاد، وفي التعريف عن أبو الزلف أفاد أن (زلف) هي كلمة آرامية، وتعني الثوب الملون المزركش بالأزهار، وقد كان السوريون القدماء يُلبسون آلهتهم (عشتار) ثوباً ملوناً في عيد رأس السنة السورية الذي يقام من الأول وحتى العاشر من شهر نيسان من كل عام احتفالاً بقدوم الربيع، ويغنون لها (يم الزلف) والتي كانت تردد في المعابد أيضاً.
وقدّم اسماعيل مقطعاً لأم الزلف تلك الأغنية الشعبية حيث قال:
عالعين يم الزلف زلفا ياعينيا
لاتكسروا بخاطري وبتندموا علّيا
لأطلع ع رأس راس الجبل وأشرف على الوادي
وصيح يامرحبا نسم هوا بلادي
وصيد طير الحجل معكن ياصيادي
لو قالوا عني العشر مجنونة البنّية
وتقول صابوني وتقول صابوني
الأحباب بسهم عيونن ياناس صابوني
لو قطّعوني قطع وألواح صابوني
ماحيد عن عشرتك يانور عينيا
على دلعونا
وفي الحديث عن الأغنية الشعبية (على دلعونا) ذكر أنها أغنية كنعانية، ظهرت في أوغاريت أيام الآلهة عناة، ابنة الإله (إيل) وكان في أيامها الزواج سفاحاً، دون أي قانون روحي أو اجتماعي، الناس تتزوج وتنجب، وفي ذلك الزمن كان الملك أو الزعيم هو المسؤول عن كل الرعية، فأرادت الآلهة عناة أن تنظم المجتمع، فأعلنت للناس أن كل شاب يتزوج من فتاة ويسكن معها، ستؤمن لهما المهر والمسكن والأكل واللباس لمدة سنة، وخلال سنة قد يتم التحابب والتفاهم بين الشاب والفتاة، وربما يرزقون بمولود ، وهكذا تكونت الأسرة الأوغاريتية على يد الآلهة عناة.دبكة
وأضاف اسماعيل: استمرت تلك الإعانة الى أيامنا هذه، حيث تقدم للعروسين باسم (النقطة)، وكان أي شاب أو فتاة يحتاج لمساعدة ينادي (يد العناة- يدك ياعناة - يد العون) ثم تحول هذا النداء، ليصبح نداء للمساعدة في كل الأعمال (يد العون - مدوا لنا يد العون) ومن هنا جاءت أغنية يادلعونا، والتي تغنى بثلاثة عشر لحناً أو أكثر، وحسب الدبكة التي ترافقها.
وضرب لنا اسماعيل مثالاً على أغنية الدلعونا فقال:
على دلعونا على دلعونا
راحوا الحبايب ماودعونا
نزل عالدبكة مسّكني حدو
شلّحني المحبس الله لايردو
والله تا أعمل متل مابدو
وجكارة باللي مابيحبونا