كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

ناعورة "البشريّات" الأثريّة.. تعودُ إلى الحياةِ مُجدَّداً

محمد ضبع- حماه- فينكس

بعدَ توقُّفِ أعمالِ الترميمِ والصّيانة لسنوات بسببِ الحرب، بدأت مديريّةُ النواعير في مجلسِ مدينةِ "حماة" بأعمالِ ترميمِ وتأهيلِ ناعورة "البشريّات" الكبرى البالغ قَطرُها /19/ متراً، والواقعة على مجرى نهر "العاصي" في موقع الـ /4/ نواعير في القسم الشرقيّ منَ المدينة.

"محمّد سبع العرب" مُدير دائرة النواعير أشارَ في تصريحٍ لمنصّة "فينكس" إلى أنَّ أعمالَ الترميمِ والتأهيل تشملُ تصميمَ وتنفيذَ مُجسّماتٍ خشبيّة للقِطَع التالفة مِن أنواع مُختلفة منَ الأخشاب، وتتضمّنُ استبدالَ (المِحَور، والعتب، والوشاحات، والدوائر الخارجيّة والداخليّة، وإكليل الناعورة)، لافِتاً إلى أنَّ ورشةً حرفيّة مُتخصَّصة هيَ مَن تقومُ بأعمالِ الترميم، وأنَّ هناكَ خِططاً لاحقة لإعادةِ إحياءِ ناعورة "البشريّات" الصُّغرى التي فُقِدَت في الأعوامِ السَّابقة.

من جانبِه "غزوان السقا" رئيس ورشة الصيانة تحدّثَ عنِ الصُّعوباتِ التي تواجهُ العمل، فقد أشارَ إلى أنَّ هناكَ حاجة إلى عاملينَ جُدُد من فئةِ الشباب، كونهم الأقدرَ على إتمامِ عمليّاتِ الصّيانة بالشكلِ المُناسب، مُبيّناً أنَّ مُعظمَ الكادرَ العامل هُم مِن ذوي الأعمار الكبيرة، بالإضافة لصعوبةِ تأمينِ مواد الصيانة المُخصَّصة للنواعير.

ناعورة عمل

الباحث التاريخيّ "مجد حجازي" أوضحَ لمنصَّة "فينكس" أنّهُ تمَّ إحصاءُ /114/ ناعورةً على طولِ مَجرى نهر "العاصي" تاريخيّاً، بينها /17/ ناعورةً أثريّة ما تزالُ موجودةً في مدينة "حماة"، حيثُ استُخدِمَت النواعير سابقاً لسقايةِ الأراضي الزراعيّة، ولكنَّ وجودها اقتصرَ حاليّاً على نواحي سياحيّة وتراثيّة وجماليّة فقط، مُضيفاً أنَّ أنواعاً عديدة منَ الأخشاب تدخلُ في صناعةِ النواعير، مثل (الكينا، والتوت، والصنوبر، والحور، والجوز)، فالأنواع القاسية كَ "خشب الجوز" تُستخدَم في قلبِ الناعورة و"الكفوتة"؛ وهيَ عبارة عن قطعتَين منَ الخشب تتربّعانِ على الحجريّة، أمّا "وشاحاتُها" فهيَ من "خشبِ الحور"، يأتي بعدَ ذلك الدوائر؛ وهيَ /48/ قطعة تشكّل مُجتمِعة دائرتَين، إحداهُما صغيرة والأخرى كبيرة، يُثبَت على هذهِ الدوائر "أكليل الناعورة" المُتضمّن الصناديق التي تحمِل الماء. وأخيراً هُناكَ "الجامعات"؛ وهيَ عبارة عن قِطَعِ خشبٍ تُحرّكُها المياه فتدور الناعورة، أمّا المسامير المُستخدَمة فهيَ عربيّة مُصنَّعة يدوياً على كورِ الحدّاد.

حكايات تُروى عن ناعورة "البشريّات"، والسيّد "حُسام العثمان" صاحب إحدى البساتين القريبة منَ الناعورة بيّنَ أنَّ الكثيرَ مِن كِبارِ السّنّ يذكرونَ "قصّةَ العفريت" الذي يحمي الناعورة ليلاً، حتى أنَّ بعضَهُم يقول إنّهُ رأى آثارَ أقدامهِ البالغ طولُها /70/ سم. ويُشير إلى أنّهُ أرادَ حمايةَ بُستانهِ منَ المُتطفّلين، فقامَ بنسجِ روايتهِ حولَ العفريت الذي يحمي النواعير ليلاً، وبذلكَ استطاعَ حمايةَ بُستانهِ دونَ حُرّاس.

يُذكر أنَّ سببَ تسميةِ ناعورة "البشريّات" بهذا الاسم جاءَ نِسبةً إلى مقام الشيخ العارف بالله "بشر الحافي"، وهوَ منَ "العراق"، وقد وُلِدَ وماتَ فيها، ولهُ مقامٌ قريب منَ الناعورة، كما تُعَدُّ ناعورةُ "البشريّات" ثالثَ أكبرِ ناعورةٍ في "حماة" بعدَ ناعورتَي "المُحمَّديّة" والمأمورية"، وتُعدُّ واحدةً من النواعير الأربعة (البشريّتان والعُثمانيّتان).