كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

منزل االمفكّر الأوغاريتي "رابعانو" الذي ترك مكتبة من أجمل المكتبات

د. غسّان القيّم:
كشفت لنا التنقيبات الأثرية التي تمت في أوغاريت خلال المواسم السنوية السابقة؛ عن منزل كبير أعتبر أحد أهم المنازل في أوغاريت، حيث بلغت مساحته/800/متر مربع.. واحتوى على /34/غرفة موزعة على طابقين، إذ عثر ايضاًعلى السلام الحجرية المؤدية الى الطابق العلوي.
ساكن هذا البيت الواسع الفاخر بالأبهة طبعاً في عصر ذلك الزمان الغابر، كان يدعى (رابعانو) الذي ترك لنا مكتبة اعتبرت واحدة من أجمل المكتبات في أوغاريت. احتوت هذه المكتبة أكثر من مئتي لوح فخاري مكتوبة باللغة الآكادية، تضمنت الكثير من المعلومات المهمة عن تاريخ مملكة أوغاريت، وعن السياستين الداخلية والخارجية لهذه المملكة العظيمة، وعن خصائص كل عهد من عهودها الغابرة، وكذلك أمدتنا هذه الالواح بمعلومات عن ثقافة طبقة النبلاء في أوغاريت ومعتقداتهم ودرجة تعليمهم.
و موضوعات هذه المكتبة حقوقية وإقتصادية ودينية وأدبية، واحتوى بعض الالواح على معاجم وقواميس لغوية للغات السومرية والآكادية والحورية والأوغاريتية. ومن الجدير بالملاحظة أنه يصعب في عصرنا الحالي العثور على قاموس لغوي واحد لأربع لغات مختلفة، بينما كانت هذه القواميس متداولة في أوغاريت قبل /3500/عام مضت.
حيث احتوى أحد الالواح على /500 سطر رئيسي يتفرع كل سطر إلى ثمانية أسطر، تبين من البحث ان هذا اللوح جزء من معجم كبير فيه أسماء الحيوانات والنباتات وتعداد لأنواع الأسماك والمعادن وأنواع الأقمشة والثياب وما شابه ذلك.
لايمل من سماع أخبار أوغاريت الذي لم يعرف العالم القديم مدينة أخرى كان كتابها يتعلمون خمس لغات كانت متداولة في عصرها: وهي الهيروغليفية المصرية، والقبرصية والآكادية، والحورية والهيروغليفية الحثية، طبعاً إضافة الى اللغة الأوغاريتية التي كانت لغة المدينة. 
كذلك لم يعرف التاريخ القديم مدينة كان فيها طبقة من النبلاء المثقفين الذين كانوا يمتلكون مكتبات ضخمة مليئة بالوثائق. إذ أن الكتابة والثقافة كانت في كثير من الممالك القديمة حكراً على طبقة الكهنة وموظفي المعابد.