كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

نص فخاري يتضمن رسالة من ملك قبرص إلى ملك أوغاريت يحذره فيها من احتمال تعرض مملكته للغزو..

د. غسّان القيّم:
يأتي هذا النص الى جانب عدد كبير من الرسائل والنصوص ذات طبيعة اقتصادية، والتي أكدت ترجماتها الى وجود أحسن العلاقات مع مدن ودول من الشرق ومع مصر وقبرص والعالم الإيجي..ِ هذه النصوص منها ما يعود الى الفترة الأخيرة أو آخر فترة من حياة مملكة أوغاريت تستحق منا عناية خاصة.
وقد أشارت ثلاث رسائل أُكتشفت في فرن الشي في قصر اوغاريت، إلى وجود أعداء وإلى تجهيزات سفن وإلى وضع غاية في الخطورة، و قد يكون وراء كل هذا شعوب البحر الذين ظهروا في شرقي البحرِ المتوسط.
ومن هذه النصوص التي أُكتشفت في سنوات تنقيبية سابقة وتحديداً عام (1972) في أوغاريت، تلك التي تم نشرها في مجلة "ugaritca..v111.."أوغاريتيكا".
حيث يشير لوح إلى "شيكالايو" إحدى مجموعات ما أطلق عليهم "شعوب البحر" المشكوك بروايتهم أصلا، فقد تم تضخيم دورهم التاريخي، علماً بأنه لم يذكر اسم العدو الذي لايذكر عادة بالاسم في النصوص المتعلقة بذلك، والذي بناءً على ذلك يمكن أن ينسب الى "شعوب البحر"! وذلك بناءً على ما اعتمدته تقارير البعثة الأثرية المنقبة في موقع اوغاريت الأثري.
لقد قيل عن جماعة "الشيكالايو" أنهم ينهبون ويهاجمون المدن والقرى الساحلية في الوقت الذي كان فيه ملك أوغاريت ما يزال فتياً وهذا الملك الذي يدعى "عمورابي" هو الملك المعني بالتأكيد في الرسائل المرسلة من وإلى قبرص وذلك حسب تاريخها وفحواها.
حيث وُجهت الرسالة الأولى الى ملك أوغاريت من قبل "إشوارو" أحد وجهاء الكبار في مملكة آلاشيا "alashiya" قبرص تحمل الرقم "rs20.18"، يخبره فيها عن تحركات أعداء هاجموا لتوهم أناساً وسفناً من أوغاريت، ويستعدون الآن مع عشرين سفينة لاعتداءات جديدة، وتوقّع هجوماً على مملكة أُوغاريت، وينصح ملك قبرص آلاشيا الملك "عمورابي" باتخاذ التدابيرالإحتياطية التالية: عليه أن يحصن الأسوار، وأن يضع جنوده وعرباته الحربية خلفها. أي عليه أن يكون مستعداً للدفاع عن المملكة.
وقد خاطب ملك اوغاريت ملك "آلاشيا" قبرص بدأ فيها بعبارة "أبي" ربما لصغر سن عمورابي، يعلمه فيها عن اقتراب السفن المعادية وأن بعض القرى والمدن القريبة من الشاطئ قد تم تدميرها بالنيران.
 تؤكد هذه النصوص الكتابية عن الفترة الأخيرة من حياة مدينة اوغاريت، الفرضية التي تقول أن العدو المذكور في النصوص كان مسؤولاً عن التدمير النهائي للمدينة، وفقد الملك عمورابي آخر ملوك أوغاريت حياته أوعرشه خلال الكارثة الأليمة التي حلت بها، ودمرت في الوقت نفسه مدينة وقصور ابن هاني، في حين غادر سكان مدينة أوغاريت بيوتهم بسرعة ولم يعودوا إليها بعد ذلك.

قد تساهم ترجمة ما تبقى من نصوص كتابية مكتشفة من أوغاريت، لم يتسن للعلماء ترجمتها حتى الآن في فك لغز دمار مدينة اوغاريت نهائياً، والذي ما زال حتى الآن موضع حيرة وجدل بين العلماء والمختصين في الدراسات الأوغاريتية، بالرغم من إقامة عشرات الندوات والمؤتمرات الدولية خصصت عن النهاية الاليمة والكارثية لمدينة اوغاريت ودمار حضارتها معها.

ربما السنوات القادمة تخبئ لنا أسراراً كثيرةً لم تبح بها هذه المدينة العظيمة حتى الآن.