كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

القبور الملكية المكتشفة في قصر أوغاريت...

د. غسّان القيّم
إن قبور القصر الملكي التي تم الكشف عنها خلال سنوات التنقيب الأثرية السابقة، التي نقبها عالم الآثار الفرنسي "كلود شيفر"وهي تقع في الجناح الشمالي للقصر الملكي في وسط منطقة جنائزية تتكون من عدة قاعات مخصصة لطقوس الشعائر الملكية التي كانت تخص الملوك الأسلاف، وكانت تتم بلا شك في حضور جمهور وحشد يجتمع في ساحة قريبة من هذه المقبرة..
هذه القبور ذات الغرف المبنية التي أطلقت عليها نصوص أوغاريت التسمية الآكادية "قبرو" لا تتميز عن قبور المدينة إلا في مخططها وبعض التنظيم الخاص، وهناك الكثير من القبور التي تم اكتشافها تعود الى شخصيات تم التعرف عليها على سبيل الذكر لا الحصر منها؛ قبر العلامة ذائع الصيت في اوغاريت "رابعانو" و"راشبابو"وحشميكو بن عليشي" الى نماذج القبور الواسعة ذات النوعية المعمارية المتميزة والمعروفة في اوغاريت. والذي يزور مدينة اوغاريت الاثرية وتحديدا القصر الملكي وبعض المنازل السكنية يراها بوضوح.
يتكون المدفن الملكي من قبرين رئيسين مبنيين بالحجارة المشذبة، ويصل بينهما ممر طويل ذو مدخل مكون من دهليزين متوازيين ذات طول كلي يبلغ أكثر من 16 متراً.
وهذه القبور كلها مغلقة بواسطة بلاطات تغطية حجرية غير منتظمة وهي منهارة حالياً.
اضافة الى قبر ملفت للانتباه في هذا التجمع وهو منحوت بعناية، ولها على مستوى الأرضية فتحة غريبة، وهذا الإجراء هو لتنظيم طقس جنائزي بشكل ما، يشبه باب الاتصال بين القبر والأرض الوجهة الأخيرة للمتوفى "مملكة رفائيم"المتوفيون الملكيون"
ومن المثير للجدل أيضاً وجود بئر في هذا التجمع الجنائزي وهي بئر كبيرة بشكل دائري، مبني باحجار دبش يبلغ قطرها 2.10متر، وعمقه 4 امتار، وهو مغلق ببلاطات غير منتظمة ويتم الوصول إليه عبر باب جانبي..
ان هذا البئر الذي ما زالت وظيفته غامضة يحتل بالتاكيد دوراً هاماً في الطقوس الجنائزية الملكية بسبب موقعه المركزي.
وقد تم ذكره في طقس نكفين الملك الأوغاريتي نقماد الرابع، وكنت قد نشرت بحثاً مطولاً عن هذا الطقس في منشورات سابقة، الذي يتعلق بنزول الملك المتوفى الى الأرض، إن هذا العبور الاساسي ينجز طقسياً وذلك بانزال الجثة نزولاً يكرر سبع مرات ترافقه الأضاحي، إنه لأمر غريب فعلاً.!! فعلى الملك ان ينزل في كل مرة تحت أسلافه مما بسمح بالاعتقاد بان رعاة الطقس يضعون الجثة سبع مرات في البئر العميقة الواقع بين جناحي القبر الملكي.
من الصعب تأريخ هذان القبرين بسبب عمليات النهب التي تعرضا لها، أثناء الغزو الذي تعرض له القصر الملكي. لكن تسمح البحوث الجارية في هذا القصر بإعطاء تاريخ انشائها الدقيق.
لاتقدم العناصر القلبلة من اللقى التي جاءت من القبرين سوى صورة جزئية عن الأثاث الجنائزي الذي كان بالتاكيد غنياً جداً بعناصر خشبية مع تصفيح برقائق ذهبية. ربما تمثل أسلافاً عظاماً للعائلة الملكية في أوغاريت وضعت في الفضاء المجاور للقبور.
أخيراً نقول: لا شك أن المقاعد الحجرية والأواني العديدة تشهد على ممارسة طقس "الكيسبوم" kispum"..أو ما يطلق عليه الوليمة الجنائزية. وفي المقابل نجد في اوغاريت أن معظم الاحتفالات التي كانت مرتبطة بالشعائر الملكية الجنائزية كانت تتم خارج المقبرة الملكية الخاصة بملوك اوغاريت.