كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

في رمضان.. أرياف طرطوس تأكل و تطعم مما تزرع..

طرطوس- بشرى حاج معلا– خاص فينكس:

رغم الظروف المعيشية القاسية، فقد استقبل أهالي ريف طرطوس الشهر الفضيل، بمحبة وتعاضد من خلال الموائد الرمضانية المقدمة والتي لا تغيب عنهم ولا عن أحبابهم على امتداد ريفنا السوري.
وقرية يحمور هي ككل القرى المعطاءة، بسهلها وخيرها، يواصل أهلها عملهم بالزراعات المحمية التي عصفت بها رياح شتاء هذا العام، و أودت بخسائر جمة مازالت منتظرة تعويضها.
وفي جو من التراحم الممزوج بنكهة شهر رمضان يواصل الأهالي عاداتهم الاجتماعية في ما يجود به كرمهم، كما يقول ابراهيم خدام من قرية الزرقات: في أيام الخير نحن ننعم ببركات الشهر، حيث يجتمع الكثير من الآهالي ليعلموا أبناءهم تلاوة القرآن الكريم وتدبر آياته، بينما الأم في المطبخ تعد أطيب الاكلات بمكونات بسيطة وتقليديه نتقاسمها مع الجيران والاقارب. و أضاف: إن الاكتفاء الذاتي هو الذي نعتمد عليه في أيامنا من خلال الزراعة، و تربية الأبقار رغم أنها لا تفي بغرض العمل والإنتاج كما يعلم الجميع، ونقوم بتبادل ما تنتجه زراعتنا فيما بيننا.
إضافة الى أن الصدقات المخفية تنتشر بكثرة، على مبدأ اليد اليمنى التي تعطى لا يجوز أن تخبر عنها اليد اليسرى..
وهناك البعض يقوم بدفع فواتير وحسابات الناس المحتاجين في المحلات التجارية والأفران، إضافة إلى توزيع بعض الأطعمة للناس المحتاجة من خلال ما يسمى "التفطيرة"، وهذه تقام بكثرة في شهر رمضان في كل قرى الساحل السوري، ولا يمكن تجاهل بعض الصدقات التي تقدم من قبل جهات كثيرة للأسر المحتاجة بالسر أم بالعلن.
ويقول العم محمود أحمد والد الشهيدين "أحمد، وسيم": صحيح أن الكثير يتحدث أن العادات القديمة كانت أكثر كرما، ولكننا مازلنا نتوارث أثمنها قيمة ونورثها لأبنائنا ولأحفادنا كعادات متوارثة لا تنقطع بتقلب الظروف. ويكفي أن نمتلك بعضا من أسس الحياة الكريمة لنحمد الله على الدوام على ظروف فرضت علينا بقساوتها، وسنبقى متمسكين بمبادئنا وبمحبتنا لبلدنا مهما عصفت بنا الظروف.
الشيخ سلمان عبد الرحمن من قرية منية يحمور أضاف: إن جميع العادات ورثناها عن أجدادنا، والله فرض علينا الصيام لنعلم فضل نعمة الطعام والشراب، ومازلنا ملتزمين بجميع العادات من صلاة وصيام وصدقات سرية تقدم للكثيرين "من مرضى، ايتام، محتاجين، أهالي شهداء..."، يتم جمعها و توصيلها لهم عن طريق أحد الأشخاص إضافة إلى التبرعات العلنية والسرية التي يقدمها الكثيرون، سواء كانت عينية أو نقدية أو بتبرعات لعمليات جراحية أو غيرها، إضافة إلى الأعمال الخيرية التي تقام لإفطار الصائمين.
أما اليوم فيجب علينا مراعاة ظروف الحياة، وتقديم ما نستطيع في هذا الشهر الكريم علما أن الصدقات لا تنقطع بكامل أشهر العام.
و أضاف نحن لا نعتمد على عمل الجمعيات الخيرية فقط، فهي تعمل في خط ونحن في خط اخر كما في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ".
وما يمر به بلدنا من ضيق، يظهر عمق المحبة أكثر من الماضي، فالجميع مندفع لعمل الخير وتقديم ما يستطيع، رغم الأسعار الكاوية، ورغم الظروف الخانقة من خلال التعاون وتقديم ما أمكن.
وأضاف: يجب أن نحفظ حرمة هذا الشهر الكريم، ولا نكتفي فقط بالصيام، وانما علينا الابتعاد عن كل العادات السيئة، فلا يقبل الصيام بأذية الغير ولا الرياء بالصيام عن الطعام والشراب، وفعل باقي المحرمات..