كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

المشتى والخراب والخرائب!

كتب عدنان بدر حلو:

صحيح أن المشتى ومنطقتها كانت محظوظة في فترة الأحداث التي عرفتها سورية خلال السنوات العشر الماضية، إذ كانت بعيدة عن أتون المعارك الدموية التي شهدتها مناطق أخرى من البلاد.
غير أن موجة الهجرة التي عصفت بها، وبمناطق أخرى واسعة من سورية، وقذفت بأجيال كاملة من الشباب إلى مختلف المهاجر في أربعة أرجاء العالم، تشبه إلى حد بعيد، الموجة التي عرفتها البلاد في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وحملت بعائلات كاملة للهجرة إلى المغتربات الأمريكية بشكل خاص. مخلفة وراءها عشرات، بل مئات البيوت الخالية التي تحولت خلال سنوات إلى مجرد خرب مهجورة. وتوافق مع هذه الظاهرة وفرة أعداد النسوة اللواتي يتولين القيام بكل ما يلزم لإعالة أولادهن، وكذلك وفرة النساء العوانس نتيجة غياب العدد الكبير من الشباب المهاجر!
ونذكر في أيام ولدنتنا أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات أن البلدة كانت عبارة عن مجموعة محدودة العدد من البيوت المتباعدة التي يجاور كلا منها عدد غير قليل من الخرب المهدمة، حتى ليظن أن أصحاب البيوت كانوا يبنون الخرب عمدا إلى جانب بيوتهم لاستخدامات خاصة في حياتهم اليومية كزراعة الخضروات أو زرائب للماشية أو مخازن للحطب والحماية أو غيرها.
فهل نحن يا ترى أمام ظاهرة مشابهة مع استقرار المهاجرين الجدد في بلدان الاغتراب الحالي، وتتحول معها هذه الأبنية الحديثة والشاهقة التي توسعت في فترة السياحة المزدهرة، خلال سنوات قليلة إلى خرائب؟!!
إنه احتمال غير بعيد إطلاقا. فقد عرفت المشتى أيضا في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، (أي قبل موجة الهجرة القديمة) مرحلة ازدهار كبير نتيجة رواج تجارة الحرير وتربية دود القز وما رافقها من نشاط تجاري وزراعي وحيواني، كان من ثمارها عمارات القرميد العديدة التي ما يزال بعضها قائما حتى الآن. ولم يحل ذلك دون خراب سفر برلك ومجاعة "الحالة" وابتلاع البحار لموجات المهاجرين!
فعلا لدينا خوف كبير من مصير كهذا لبلدتنا الحبيبة، مصير لا تحول دونه العواطف الجياشة التي يعبر عنها المغتربون بكثير من اللوعة على وسائل التواصل الاجتماعي!