كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

صنَاعيِّة ومعلمو حرفة وعمال من إدلب- ح2

المشرف على الدراسة د. عبد الله حنا- فينكس:

صنَاعيِّة ومعلمو حرفة وعمال من إدلب (مجموعة دراسات من إعداد الطالب النشيط عماد الدين نعمة)
مُجري اللقاء الدارس: عماد الدين نعمة.
الدراسة الثانية لنعمة فيما يلي:
المتحدث الثاني: يحي دردورة بن محمود. مكان الولادة: مبلط. مواليد: عام 1922. الإقامة حالياً: إدلب الحي الشمالي. مكان أخذ الحديث: منزله. والمهنة حالياً: عاطل، لكبر سنه.
"بدأت العمل في البناء كعامل بناء عربي 12 سنة، حفظت القرآن الكريم على يد شيخ الكُتّاب في عصر فرنسا. كان هنالك مدارس ليلية مجانية (دراسة فقط)، درست صف أول فقط. صرت أعمل عند شيخ الصنعة أحمد جبارة (توفي من 3 سنوات) في صنعة الأحذية البلدية (المراكيب الحمر)، وبقيت صانع لمدة 13 سنة. بعدها فتحت معلم لوحدي في عام 1951 في دكاكين حاج عبد الكريم قوصرة مقابل جامع العمري. بقيت لمدة 4 سنوات ثم انتقلت إلى الصليبة أمام معصرة حاج محمود عبادي بنفس المصلحة. كنا نشتري الجلود من إدلب حيث كان يحضر تاجر تركي ومعه جلود "أنطاكلية"( ) وكانت العملة السائدة "القرش الذهب". كانت الليرة ذهب خمسة ونصف ليرة سورية، وعند الاستقلال سبعة ونصف ليرة سورية. كنا نشتري الجلد بالرطل حيث كان سعر الرطل ثلاثة قروش ذهب في عام 1930 تقريباً.
قبل أن أفتح دكاني الخاص كان يأتي الجلد من أنطاكية ومن عينتاب (جلد أنطاكلي). بعد عام 1936 أصبح عندنا عدة تجار جلود (عبد العزيز شامية، أحمد سميع، مصطفى حجازي ثم محمد معتوق). عن الأدوات التي كانت تستعمل في هذه الصنعة: "البيلونة" توضع بين النعل والضبان، وكنا نصنع الضبان من جلود الحمير والحور من جلد الغنم، في الداخل على داير( ) المركوب أي الحذاء (عند فتحة دخول الرجل) يوضع أيضاً الزيك من جلد الماعز والسختيان (الوجه الأحمر) من الماعز والنعل من الجاموس والجمل.
كان عندي 6 صناع. كانت أجرة أمهر صانع: 15 ل.س في الجمعة،( ) وأنا عندما كنت صانع كنت آخد 14 ليرة في الجمعة، وعندما طلبت رفع أجرة الجمعة إلى 15 ل.س لم يوافق المعلم، فتركت، وفتحت مصلحة لوحدي. كان خسكاري {تعني هنا مقدار انتاجي} في الجمعة 50 جوز مراكيب، كنت أبيعها إلى سلقين، وحارم وحلب. كان هناك دلاّل( ) بحلب كنا نضع عنده البضاعة، ويدور هو على التجار ويأتي لنا بالسعر النهائي، حيث نذهب مع الدلال والبضاعة إلى التاجر المشتري (تاجر الجملة) ونبيعه البضاعة ونقبض ثمنها ونعطي الدلال تعبه. كانت أسعار المراكيب من 1- 4 ل.س، وأحسن جوز ) ({زوج الأحذية} بـخمس ليرات عام 1955. كنا نعطي للدلال شيء معلوم( ) فمثلاً على بيع كل مئة جوز نعطيه ليرة سورية واحدة.
أما العدة المستعملة فكانت: الدزكا من خشب الجوز (قرصة جوز على 4 قوائم)، مشطة نحاس تستعمل للمدق، الكاز (قطعة حادة من البولاد للتفصيل والقص)، والمخراز للخياط، والإبر أيضاً للخياط، والقوالب الخشبية، والسريس (لاصق مع الخام) كنا نشتريه من خان استنبولي بحلب- محل العدسات. أما الخياطة فكانت يدوية. تابعت العمل في هذه المصلحة حتى عام 1958. أما عن عدد ساعات العمل فكان الصانع يعمل من الساعة السابعة صباحا حتى الرابعة بعد الظهر، والعطلة الاسبوعية يوم الجمعة بدون أجرة، والأعياد من حساب الصناع أيضاً، أي أننا نحاسب على الدوام الفعلي. أما عن التنافس بين المنتجين، فقد كنا نعاني من سرقة الصناع حيث أن المنتج عندما يسمع عند فلان صانع ماهر يدفع له جمعية أكبر ويأخذه ليعمل عنده. أما عن المشاكل بين الصانع ورب العمل فلم تكن موجودة، حيث أن الصانع الذي لا يعجبه رب العمل يتركه ليعمل عند غيره، أيضاً رب العمل الذي لا يعجبه صانع يصرفه ويستغني عنه. التاجر كان هو الذي يأكل الأرباح. فمثلاً عام 1955 اشتريت مرة من التاجر محمد معتوق (تاجر جملة سبق ذكره) طن ونصف من النعل بسعر 45 ل.س للكيلوغرام، وخزنته عندي، فنشف، أي هبط وزنه، فعملت نتيجة لذلك سنة كاملة لحسابه حتى أوفيه قيمة البضاعة، ومع ذلك بقيت مكسور على 50 ل.س. فالأرباح كانت تذهب للرأسماليين بائعي المواد الأولية وشاري الأحذية الجاهزة".
عن سؤاله عن أرباحه، لم يستطع تقديرها، بل أجاب: "كنا عائشين والحمد الله والأمور متداخلة مع بعضها"، حيث أنه يصرف من الغلة أول بأول، ويشتري من هنا ويبيع من هناك، دون حسابات أو تقديرات للأرباح. وبالنسبة لأرباح التاجر لا يستطيع تقديرها أيضاً، حيث كان التاجر يشتري منا المراكيب ويخزنهم عنده حتى يبيعهم في المواسم، فيتحكم في سعر الشراء والبيع. و"الواقع أنه كان يعيش بمستوى معيشة عالية جداً ولا تقاس بمعيشتنا".
عن النقابات وظهورها أجاب: "في عام 1956 أو 1957 كانت هنالك نقابة في حلب عملت لنا هويات، حيث لم تسمح لنا أن نبيع منتجاتنا إلا عندما ندفع ليرة ونصف بالشهر، فكانت نقابة استغلالية. أما المشاكل بين أصحاب المصلحة الواحدة لا يوجد مشاكل بيننا، حيث كل واحد منا يعمل لوحده، أي أن هناك وفاق بيننا، حيث عندما يُعلن الاضراب ضد فرنسا نكون متضامنين في الحارة. المشاكل كانت بسبب الطائفية {عنا المتحدث بالطائفية هنا العائلة، أو العشيرة الصغيرة ولم يقصد معناها الديني أو المذهبي} والطوائف الكبيرة هي التي تفتعل المشاكل، وهذه الطوائف مشاكلها معروفة، وكانت تسيطر على عائلات الأقلية (التي تعدادها قليل)، وكل واحد من هؤلاء الأقلية الذي يبين بين الطوائف عبارة عن مستخدم منهم ويسعى لرضاهم، ومن لا يتواضع لهم يأكل نصيبه كعقوبة (كفين – ضربة – نكشه) والأقلية الدراويش ( ) لم يتمكنوا من التكتل لأن كبير الحارة يمانع وجود أي علاقات فيما بينهم ويسعى إلى تفرقتهم حتى يبقى مسيطراً.
بالنسبة للنقابات لم تكن موجودة في إدلب، وانقرضت المصلحة ولم تظهر لها نقابة، سوى النقابة التي تم التنويه عنها في حلب حيث كانت نقابة استغلالية همها أخذ الاشتراكات فقط اسمها "النقابة العمالية لصنع الأحذية الجلدية في حلب.
بالنسبة للعمل ضد الاحتلال كنا نشارك في الاضرابات العامة والمظاهرات ونغلق المحلات استجابة لكل نداء ثوري ونشارك في الاضراب.
الكتب والمجلات والمطالعة بشكل عام: الملك الظاهر (كل السيرة)، الملك سيف، حمزة البهلوان، ألف ليلة وليلة (قرأتها بنفسي دون حكواتي)، سيرة ذات الهمة، الزير سالم، سيرة بني هلال، عنتر. أما الجرائد والمجلات فلا اقرأها.
الأحزاب الموجودة آنذاك: جمعية البر والآخاء تطورت إلى الحزب الوطني، وحزب الشعب، والإخوان المسلمون، وحزب البعث العربي، وحزب العربي الاشتراكي، والحزب الشيوعي، والحزب القومي السوري.
بعد هذه الصنعة (حيث ظهرت وعمت الأحذية العادية المعروفة حالياً) عملت عامل زريعة في حدائق بيروت، ثم عملت في معمل نسيج أيضاً في بيروت للحاج عمر فقاس من حلب، ثم عدت إلى إدلب حيث تعيّنت في شركة إدلب للغزل حارس بموجب عقد. وعندما بلغت الخامسة والستين من عمري تمّ إنهاء عملي وجلست في البيت بدون عمل". 
المتة.. ماهيتها وأماكن انتشارها.. فوائدها وأضرارها
الدمشقيون المسيحيون رواد الفنون والصناعات الدمشقية منذ ألفي سنة
معاصر العنب في "حدتون" وصناعة الدبس
الاقتصاد السوري.. أين كان قبل عام ٢٠١١ وأين أصبح الآن؟
بنغلاديش.. قصة نجاح آخر!
الأعيان والفلاحون في "مقتبس" محمد كرد علي لعام 1910
"أرباب الوجاهة" يستولون على الأرض ويتحولون إلى طبقة إقطاعية "عثمنلية" معادية للتقدم
قمة البريكس الخامسة عشرة والنظام العالمي الجديد
دير الزور وريفها في حديث مع نجار بيتون
حياة عامل في دباغة الجلود ومعمل البلور في دمشق
محمد الجاجة عامل نجارة الميكانيك – حمص
عبد الكريم معلوف النقابي المُتَنَوّر سياسيا في جمص
العمل النقابي في مهنتَيْ النسيج اليدوي والنسيج الآلي - حلب
من عامل مطعم في حلب إلى "قيادي نقابي"
نموذج لعامل ارتقى إلى نقابي مسؤول في عهد البعث- إدلب