كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

نموذج لعامل نسيج نقابي من دمشق

المشرف على الدراسة د. عبد الله حنا- فينكس:

مُجرية اللقاء الدارسة في المعهد النقابي بدمشق هند أبو عرّاج.
المتحدث: محمد الحمد ابن أسعد، من مواليد 1920 حي الصالحية، دمشق، ومقيم في مساكن برزة. تاريخ لقاء الدارسة به في 21/5/1989 في الإدارة العامة لمعرض دمشق الدولي، في غرفة اللجنة النقابية.
كتبت الدارسة:
المهنة: لحام في البداية (صانع)، ومن ثمّ عامل نسيج يدوي، وبعدها عامل في الدولة.
كان العمر تسع سنوات عندما عمل لحّاماً عند صاحب العمل صبحي، وكانت الأجرة 11,5 قرش في اليوم عام 1937، وبدأت العمل بسبب عدم وجود مدارس كافية، ولم أستطع الانتساب للمدرسة، وكانت الأهالي تفضل تعليم أبناءها في الكتُّاب من منطلق ديني.
"انتسبت لأول مرة للنقابة -وكنت أعمل في النسيج، وكانت نقابة النسيج اليدوي- عام 1945. ما قبل هذا التاريخ كان اسم رئيس النقابة حسني المصطول، ومحمد الأشقر أمين السر. سبب ترك مهنة اللحام هو عدم الرغبة في الاستمرار.
بدأتُ العمل في مهنة النسيج عام 1937 تقريباً، وعملت في مشغل لصنع الأقمشة "صاية" و"حطة"، وكانت الألبسة تصدر إلى بعض الدول العربية مثل: مصر، العراق، فلسطين، السعودية.
قبل عام 1945 كان يوجد تنظيم عن الأحياء لكل تجمع عمالي والذي كان ينوب عنهم يسمى "شيخ الكار" ومهمته الدفاع عن حقوق العمال وتحقيق مطالبهم من أرباب العمل. وكنت في هذه الفترة أساعد المندوبين (شيخ الكار) بجمع الاشتراكات وتبليغ قرار المندوبين واقتراحاتهم".
س2) عن عمل الجد: حجّار ونحّات. كان يتحدث عن عملية الشدّ والعهد عندما يصبح الصانع معلم فيقوم شيخ الكار ومعلمو المهنة بشده إلى رتبة المعلم. لم يهتم بالأشياء العامة ولكن كان الاهتمام بالأمور الاقتصادية الزراعية، بالإضافة لهذا العمل كانوا يقومون بضمان بعض البساتين الزراعية.
س3) تفاصيل عن الوالد: كان خبيراً في مهنته (نحات وحجار)، ملتزماً محباً لمهنته وصادقاً مع مهنته، ويحب الخير لجميع الناس، وكان لديه ستة شباب وبنتين، وكان الجميع يعمل في مهنة الوالد إلى فترة دخول الآلة والتطور الصناعي. وكانت أعمال البنات في المنزل وعمل التطريز والخياطة وكان الوضع المادي غير جيد.
س4) كنت أحب المطالعة وكنت أقرأ الروايات الأدبية (جورج جرداق، جرجي زيدان) وسيرة عنترة والزير سالم وسيرة بني هلال وبعض المجموعات الدينية. وهوايتي المفضلة معاشرة كبار السن من أجيال جدي، وكنت أساعدهم في أعمال خيرية كالجباية لبناء جامع وجباية للأيتام، وأستمتع بأحاديثهم التاريخية".
كان يوجد جرائد ومجلات: البعث، والرأي العام، والقبس، والعلم، والأيام، والصرخة، ومجلة المضحك والمبكي.
س5) عن الأحزاب الموجودة: كان هناك "الكتلة الوطنية" بزعامة شكري القوتلي وفارس الخوري. وكان من أهم أهداف الكتلة تحرير البلاد من الاستعمار ، وهذا الهدف جعل لها شعبية قوية بين العامة. وكان يوجد أيضاً حزب الشعب، والحزب الوطني، والحزب القومي السوري، والحزب الشيوعي السوري. كان في وقت الكتلة الوطنية وحزب الإخوان المسلمين، حزب التعاون الاشتراكي بزعامة فيصل العسلي. وجدت هذه الأحزاب بعد الاستقلال باستثناء الحزب الشيوعي، والقومي السوري.
الحزب الشيوعي السوري كان له الإيجابيات الآتية:
- أولاً: كان يَنْصَبّ معظم نشاطه ضمن العمال والأحياء الشعبية بهدف محاربة الفقر والاستغلال، ويجب أن يكون عن طريق التنظيم النقابي الملتزم مع الحزب الشيوعي المنتشر في بلدان العالم، وكانوا يدعون للسلم العالمي.
- ثانياً: كانت قضية الإلحاد شائعة في أوساط الشعب، وقد استفاد حزب البعث من هذه الناحية.
- ثالثاً: يستطيع النشوء والاستمرار دون معارضة شعبية.
س6) عملت منذ عام 1937 حتى 1955 في مهنة النسيج، وتركتها بسبب ضعف المهنة وانحسارها بسبب وجود الآلة. المواد الأولية كانت القطن والحرير، وكانت تتميز المواد بالمراحل التالية:
1- المسداية، 2- الصباغ، 3- المزيك، 4- الملقي، 5- النول (نويلاتي)، 6- المنير، 7- الحايك، 8- المنكة والكوي.
وبعد ذلك يتم إرسالها إلى التجار. وبسبب تخصص كل عائلة في مرحلة من مراحل التصنيع سميت العائلة باسم المرحلة مثل عامل النول: "نويلاتي"، عامل الصباغة: "الصباغ"، عامل الحياكة: "الحايك"، و"المنير" و"الملقي".
المهنة الحالية عمل إداري في معرض دمشق الدولي.
- في عام 1955: بداية العمل في الديوان، عمل كتابي.
- وعام 1958: مدير جناح الصناعات السورية.
- عام 1964: مفرغ للعمل النقابي حتى عام 1969، وما زلت مدير جناح الصناعات اليدوية في المعرض، بالإضافة للعمل في النقابات وخبير في المؤسسة للشؤون القانونية والعمالية في فترة 1964–1973.
- مثّلت العمال في المجلس الوطني للثورة، وبعده في مجلس الشعب ممثل للعمال، وكان ممثلي العمال والفلاحين بنسبة 50%.
- وشغلت عضو مجلس بلدي في أمانة العاصمة حتى صدر قانون الإدارة المحلية عام 1972.
أما بالنسبة للحصول على المواد الأولية، مثل: الحرير والقطن المغزول ،كان يستورد من الهند ومصر حتى عام 1945. والحرير من أوربا واليابان. قطن الغزل حلَّ محله الوطني عندما أسست الشركة الخماسية عام 1945. والمغازل كان يستورد عن طريق التجار -حرير ملفوف على "كونات"( ) جاهزة ومغزول، ولها أرقام تدل على تخانة الخيط مثل 150/1 (180)- ترسل لعند الموضب الذي يرسم رسمة القماش، ثم يأخذ المسدي من الخيطان عدد معين ويصنع منهم شلل ملفوفة على أوتاد، وبعدها ترسل إلى الصباغ وتصبغ بألوان متعددة حسب الرسمة، ومن ثم ترسل لعند المزيك، تغطس الكونات في الغرة والنشا وتلف بعدها على أوتاد، وترسل لعند الملقي لتنظيم عملية الرسمة والنقشة على القماش، وترسل إلى عامل الحياكة ويتم حياكتها، وبعد الحياكة تذهب للغسيل والكوي، وتصدر بعدها إلى السوق، وأحياناً تصدر إلى فلسطين، السعودية، العراق، مصر، الأردن. كانت العلاقة تقوم على التعاون بسبب ترابط المهنة الواحدة بعدة أشخاص، وكان العمال متوزعين ومستقلين ما عدا عمال الحياكة حيث كانوا يتجمعون في مكان واحد، وبعض العمال كانوا يتجمعون بخانات مثل خان عيسى القاري وخان الأبرش. وأن الرابطة تقوم على التعاون بسبب ترابط المهنة. وعند الإضراب يتوقف العمل في كافة فروع المهنة الواحدة. وعند صدور قانون العمل رقم 91 عام 1959 تشكّل لهم نقابة.
وكانت الأجور حسب القطعة. وكان الصانع في المهنة يتقاضى [...]. كان يحدث تنازع بين الصناع وأرباب العمل بسبب منح تعويض نهاية الخدمة لمعلمي المهنة دون الصناع. عام 1946- قانون رقم 279- وكان هناك خلاف أيضاً، حيث يعتبر بعض العمال بأن التعويض ليس من حقهم. كانت هناك تعرفة من خلال عقد بين شيخ الكار وأرباب العمل لكل قطعة منتجة لضمان حقوق العمال.
المزيك يحاسب على الوزن، الملقي يحاسب على المئة خيط، المسدي يحاسب على الوزن وعدد الخيوط، الصباغ يحاسب على الوزن، الحايك يحاسب على القطعة، وكانت الأجرة مرتبطة بالعرض والطلب. وكان يجري اتفاق بشأن التعرفة بين ممثلي العمال وممثلي أرباب العمل على تعرفة تحدد فيها أجور كل قطعة حسب أهمية القطعة. فكان رب العمل عندما يتعرض لقلة الطلب يتجاوز هذه الاتفاقية وينقص من أجور العمال، وبالمقابل كان العمال يصححون هذا التناقص في الأجرة عند زيادة الطلب على القطعة، وغالباً يتم هذا التصحيح بوسيلة الإضراب.
وخلال وجودي على رأس النقابة اتبعت أسلوب غير الإضراب، واستعملت الأسلوب القانوني، وتركت استعمال الإضراب للحاجة القصوى، لأن من وجهة نظري كان الإضراب يضر بمصالح العمال مثلما يضر بأرباب العمل. والأسلوب القانوني من خلال القانون السوري، وهو إلزام صاحب العمل بدفع فرق الأجور المحسومة المخالفة للتعرفة المتفق عليها، وقد نجحت إلى حد كبير. وكان هناك أسلوب آخر ولكنه فشل بسبب وضعه بغير وقته، وهو إنشاء جمعية تعاونية إنتاجية غايتها تشغيل العمال العاطلين عن العمل في أوقات ضعف الطلب على البضاعة، ومن ثم خلق عمل تعاوني كبير يقضي على استغلال أرباب العمل. وقد أنشأت هذه الجمعية عام 1951 قبل صدور أي قانون للتعاون في سوريا. وسارت بإرشادات الخبير التعاوني الذي كان يعمل في وزارة الزراعة واسمه علي سدليك وكان رئيس حزب الفلاحين في يوغسلافيا، وساعدني الدكتور عدنان شومان وهو حالياً مدير بفرع من فروع اليونيسكو بحلب، وسجلت تحت رقم /1/ بمديرية الاقتصاد بدمشق.
كان تصريف الإنتاج على يد التجار وأصحاب العمل، وغالباً يصدر إلى بعض الدول عن طريق عملاء في الخارج، وكانت معظم الأرباح تذهب لأرباب العمل. مثل الحرير سبع تدرع( ) بليرة سوري. كان هناك خلاف بين المعلم والصناع حول الأجور وحول الجودة في بعض الأحيان، وكان للنقابة دور أساسي لحل المشاكل والخلافات.
وكان لأرباب العمل الصغار والكبار تنظيم موحد. وهناك كان وجود المناقشة من أجل زيادة الربح والسيطرة على السوق. ومن الغريب في هذه المهنة كان الالتزام مطلق لعمال المهنة رغم عدم تجمعهم. لقد مرت نقابتنا بمرحلتين مثل باقي النقابات، مرحلة ما قبل صدور القانون رقم 279 عام 1946، حيث النقابات الأولى المهنية تسمى هيئة الاختيارية، والنقابات الثانية تسمى هيئة المندوبين؛ أما مرحلة ما بعد صدور القانون وكان يوجد بعض التعاون بين عمال المهنة في المحافظات، مثال على ذلك: في عام 1951-1952 صار مؤتمر في حمص، واتخذت قرارات أذكر منها: نظمنا مظاهرة في دمشق -وكنت أنا رئيس النقابة لعمال النسيج اليدوي- وضمت كل العمال، وكنا مضربين، وكان لنا مطاليب خاصة تتعلق بالأجور، وكان للمهنة بصورة عامة مطالب أقرها مؤتمر حمص الذي يمثل عمال النسيج في المحافظات الموجودة فيها المهنة (حمص- حلب- دمشق) ، وبالنسبة للنقابات كلها كان اتحاد عام، ومر بعدة مراحل، حيث كان في الأربعينات كان العمل النقابي ضعيف الفعالية بسبب ظروف الحرب، وكانت تسمى "هيئة الاختيارية" والنقابات الثانية "هيئة المندوبين".
التجمعات العمالية كانت تتوضع في الصالحية والشاغور والقيمرية والميدان ومأذنة الشحم من أحياء دمشق القديمة .
في عام 1946 أصبح اسمها نقابة عمال النسيج اليدوي.
التضامن العمالي بدمشق كان يظهر في مناسبات، ويتحول من نضال طبقي إلى نضال وطني. وكانت هناك نقابات النسيج الآلي والطباعة والدباغة والكونسروة والخياطين والخبازة. وعندما تكون مصلحة مشتركة أو نوع من المؤازرة يحدث تضامن بين هذه النقابات.
في سنة 1954 أضرب عمال النسيج الآلي من أجل تصحيح تعرفة الأجور، وطال الإضراب، وأضر بمصالح العمال نتيجة عدم وجود أجور، وأصبح مثل شد الحبل بين العمال وأرباب العمل ومن يصبر أكثر، فقامت نقابة النسيج بإعطاء مساعدات خاصة من صندوق النقابة، وتضامنت بقية النقابات الأخرى معهم من خلال مساعدتهم مالياً، وكذلك مساندتهم في التضامن في الإضراب معهم، وتجهيز مسيرات عمالية، مما أدى إلى تضامن الأحزاب التقدمية مع العمال، وهذا بدوره أيضاً أدى إلى إجبار الحكومة على التدخل وحل المشكلة القائمة لصالح العمال. كما أدى ذلك إلى إنجاح عدد لابأس به من ممثلي الأحزاب التقدمية في الانتخابات البرلمانية وحصول العمال بالتالي على مكاسب عمالية جديدة منها مثلاً: إلغاء تشريع صدر في 22/5/1952 رقم /243/ الذي كان يفرض على مكاتب النقابات العمالية واتحاداتها القسم القانوني بعدم انتمائهم إلى الأحزاب السياسية، وكان نص القسم أمام مندوب الحكومة: "أقسم بالله بأني سأقوم بواجبي النقابي بشرف وأمانة وإخلاص، وأني غير منتسب الآن ولن أنتسب إلى حزب سياسي أو منظمة سياسية، ولن أقوم بأي نشاط سياسي، ولن اخضع لأي تأثير حزبي ما دمت عضواً في مكتب النقابة". واستبدل هذا القسم بنص يسمح بمزاولة العمل السياسي بشرط ألا يستغل النقابي مركزه لصالح حزبه السياسي. وأنا شخصياً تعرضت بأن أقسم القسم السابق، ورفضت القسم، وذلك معروف من قبل زملائي النقابيين القادة، ومع ذلك اُنتُخبتُ رئيساً للنقابة.
وفي إضراب عام 1951-1952 كان التجمع في تكية السلطان سليم، وخرجنا منها بطريقة نظامية نحمل لافتات مكتوباً عليها المطاليب، أذكر منها: تعديل تعرفة الأجور بما ينسجم مع مستوى المعيشة مستندين في ذلك إلى نص في قانون العمل يقول بأن الحد الأدنى من الأجور يجب أن يكفي لسد حاجات العامل الأساسية، ومطلب ثاني عام كنا نطالب بإيجاد مكتب للقطن على غرار مكتب للحبوب، وفي هذه النقطة انسجمت مصالح العمال مع مصالح ارباب العمل. مهمة هذه المكاتب من أجل حصر بيع الحبوب حتى لا يصدر ويهرب إلى الخارج، وفي هذه المرحلة كان يوجد مزارعون للقطن ويوجد مصانع له، وهذا ينطبق بأن مصلحتنا باستمرارية العمل، وأرباب العمل مصلحتهم بالحصول على المادة الخام بسعر رخيص. وفي هذا الإضراب مشينا بمسيرة مع إعطاء تعليمات للعمال بعدم إطلاق شعارات غير متفق عليها، وفعلاً تفيد العمال. وكانت المظاهرة محاطة بالشرطة، واتجاه المسيرة من التكية إلى شارع جمال باشا ، المرجة، رئاسة الوزارة. وكانت النية أن نعلن مطالبنا أمام رئيس الوزارة -اسمه فوزي السلو-، إلا أن قبل وصولنا إلى المرجة، وعند الدرويشية، لا نعلم من تدخل وضرب حجر على الشرطة، وقد يكون من أتباع السلطة لأن العمال كانوا متقيدين بالتعليمات، وعندها هاجمت الشرطة المظاهرة، وفرقوها، واقتادوا قادة المظاهرة. فشل الإضراب، إلا أنه سويت الأمور بمفاوضات مع موظفي مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة لوزارة الاقتصاد!
س7) لم يكن أي وجود للصراع الطائفي، بل كان التعاون سائداً بين جميع الطوائف. وكان يردد: "الكتلة الوطنية – إسلام ومسيحية".
عندما كنا نعمل في يوم من الأيام في المشغل، ودخل علينا صاحب عمل ونحن نأكل كوسا محشي، وطبعاً الكوسا المحشي تبع العمال يختلف عن الكوسا المحشي تبع التجار من حيث اللحمة والصنوبر، فقال لنا مازحاً: "إذا كنتوا أنتم تأكلون الكوسا المحشي فماذا هو الفرق بيننا؟".
كان وضع الحي فقيراً جداً، ولكن يوجد محبة وتآخي بين الجيران، وجميعهم يشاركون بعضهم الأفراح والأحزان.
المهر: تزوجت عام 1943، وكان النقد معجّل 600 ل.س مقبوضة، ومؤجلة 300 ل.س. و600 ل.س تعادل 20 ليرة ذهب. وكان المهر المتعارف عليه حوالي 10 ليرات ذهبية. وقد وفرت المهر 600 ل.س من عملي خلال فترة ستة أشهر في مهنة الحياكة. وفي عام 1947 اشترت زوجتي "الجِهِاز مثل: خزانة، سجادة، طقم كنبايات، ولحاف وفرشة. وكان السكن بغرفة مع أهلي. وقد بعت الجهاز كله بعد عامين واشتريت بيت، وعشت فترة على الحصيرة وفرشة ولحاف وطراحة للأولاد.
س8) العلاقة بين الريف والمدينة: من الناحية الاقتصادية كانت المدينة تستورد من الريف كافة المواد الغذائية والحيوانية والريف يستورد الصناعات من المدينة. وكان يتصف الريف بالجهل وعدم التعلم وكانت الزراعة تسيطر.
س9) أسماء اعضاء النقابة الذين يتذكرهم وتفاصيل أعمالهم، ثقافتهم، أوضاعهم: أمين السر محمود دقماق.
ومن الناحية الثقافية كان أحسن واحد يحمل الابتدائية. وبالرغم من ذلك عضو مكتب النقابة كان مثقفاً، والسبب الداعي لتثقيفه هو المهام الملقاة على عاتقه كونه مسؤول عن لقاء وتنظيم العمال ومواجهة السلطة وأرباب العمل والدخول في مفاوضات وحفظ الأنظمة والقوانين والدساتير واتفاقيات العمل الدولية.
س10) نتيجة جهود النقابيين القدامى الذين كانوا على رأس الحركة العمالية ما قبل تاريخ 1958 وتدخل جهود الأحزاب التقدمية التي أحست بضرورة الاعتماد على العمل النقابي وأهميته والارتكاز على العمال المنظمين نقابياً، لذا كان التنظيم النقابي شاملاً لمعظم العمال في المصانع والمعامل الصغيرة والكبيرة ونشأت نقابات حديثة وكثيرة خلال المرحلة، خاصة بين عامي 1950-1958. ولم يكن التنظيم يخص الصناع وأرباب العمل، وإنما كان لأرباب العمل نقابات واتحاد نقابات منفرد، وعندما كما نجلس في لجان تحديد الأجور والمفاوضات الأخرى كنا نجلس فريقين: الأول للعمال والثاني لأرباب العمل.
وكان للطبقة العاملة دخولاً في مجالات جديدة وحيوية على المستوى القومي العربي، حيث تأسس اتحاد عمال العرب عام 1957، وعلى المستوى الدولي انتسبت إلى الاتحاد العالمي، وحصل خلال هذه الفترة خطيئة صححت سريعاً فيما بعد، وهي انتسابها لاتحاد العمال الحر، والخطيئة الأخرى حصلت خلال تلك الفترة أنه تجزأ الاتحاد العام لنقابات العمال وأصبح اتحادين، وذلك بفعل السلطة، فسمي الأول اتحاد عام لنقابات العمال والآخر الاتحاد التقدمي، وأنا شخصياً كنت غير موافق ومعارض لهذا الانقسام.
س14) كان يوجد تيارات سياسية داخل النقابات، كانت محصورة والأحزاب التقدمية فقط مثل: الحزب الشيوعي وحزب البعث. وكان الكثيرون من النقابيين الآخرين يقولون أن الحزبية مضرة وينفصلون عن الأحزاب ويعارضون اكتساب النقابة للأحزاب ويتباهون بأنهم غير حزبيين ويشكلون تياراً، علماً بأنهم عام 1954 حاولوا تأسيس حزب عمال خاص.
كان يوجد بعض الخلافات العقائدية بين العمال والقادة النقابيين السياسيين، إلا أنهم كانوا يتضامنون ويتوحدون عند الأهداف والمطاليب العمالية، وكان الخلاف محصوراً بمن سيضم أكثر من العمال إلى حزبه. وكنا كنقابيين سياسيين حذرين تماماً من أن تحتوي الأحزاب السياسية الطبقة العاملة، وإنما كان انتسابنا هو تلاحم ثوري تقدمي وطني عقائدي بعيداً عن الانتهازية والاحتواء ومن منطلق الوصول إلى السلطة من خلال الحزب لتحقيق أهدافنا القومية والطبقية.
س15) في البداية مرحلة ما قبل الخمسين لم يكن الوعي الطبقي ظاهراً بشكل واضح. وبدأ الوعي الطبقي ينمو عند تدخل الشركات الصناعية بشؤون الدولة. وكان في أوساط العمال الفكر الاشتراكي هو السائد، وأرباب العمل فكرهم بورجوازي وطني، ووجدت محاولات (شق؟) لعمال في الشركات الصناعية المحدثة في تلك الفترة وفي المعامل الآلية الكبيرة، مثلاً في الشركة الخماسية كان أرباب العمل يحاولون شراء بعض العمال، وغالباً لم ينجحوا. وكان العامل المتعاون مع أرباب العمل منبوذاً. وكان خلال الأعياد عند بعض أرباب العمل الذين يعتبرون نفسهم كرماء يوزعون الهدايا، وكانت تأخذ شكل "الحسنة" برأيي، وكنت أرفض العيدية من رب العمل الذي كنت أعمل عنده، وكان يقول لي "وتحسبهم أغنياء ومن التعفف".( )
س16) في نقابتنا باعتبار أن العمال موزعين على مناطق في دمشق، كنا نراعي دوماً تمثيل هذه المناطق في مكتب النقابة، فكان من الضروري أن يكون عضو مكتب نقابي من كل منطقة. وكانت الانتخابات تجري بالتزكية، ويجتمع العمال جميعهم في مكان ما، وغالباً يكون في مقهى أو في مكان عام مثل مدرسة يجتمعون فيه، ويجري الترشيح حسب الأصول، ومن ثم الاقتراع فيما إذا كان هناك ضرورة، وغالباً كان كل تجمع عمالي متفقاً مسبقاً على شخص يمثله.
س17) أيام الانتداب الفرنسي أعرف من رفاقنا النقابيين أنهم كانوا يلاقون صعوبات كبيرة في العمل النقابي، وكانت السلطة تتدخل في شؤونهم، ولم يكن يوجد تجمعات عمالية كبيرة، إلا أن الطبقة العاملة بتنظيمهم سواء على شكل شيخ كار أو نقابي كانوا جزءاً لا يتجزأ من الحركة الوطنية، وكانوا يناضلون إلى جانب عملهم النقابي الذي كان يهدف إلى تحسين أوضاعهم المعيشية وحماية حقوقهم وترسيخ العمل النقابي الذي كان يتطلب جهداً كبيراً لإقناع العمال والاجتماع في البيوت وصعوبة جمع المشتركات. بنفس المستوى كانوا يهتمون بالنضال الوطني. وفي زمن الحكم الإقطاعي والبرجوازي الوطني صدر قانون 279 عام 1946، وجرى تنظيم النقابات على أساسه، وبدأت تأسيس الصناعات المحلية مما أدى إلى إحداث تجمعات عمالية جديدة. وكان الصراع بين العمال وأصحاب العمل حول اقتسام الأرباح. ولم تتحسن أوضاع العمال كثيراً، وساد شعور عند العمال بأن نضالهم ضد الفرنسيين لم يأت بالنتائج الجيدة.
س21) ما انطباعاتك عن هذا الشخص والحديث الذي أجريت الحديث معه؟ هل كان مبالغاً؟ صادقاً؟ الخ...( ): لقد كان المتحدث نقابيا معروفا بنضاله ومن خلال حديثه تبين بأن له باع طويل في الدفاع عن حقوق العمال. وبما أنه كان بمركز مسؤول، فهناك أدلة تؤكد كلامه وأقواله وصدقه، واضح من خلال انتخابه من خلال الأحياء الشعبية ووصوله إلى عضو مجلس الشعب ومن خلال الجيل المثقف والواعي من أبنائه المعروفين والذين يفيدون الشعب والوطن.
المتة.. ماهيتها وأماكن انتشارها.. فوائدها وأضرارها
الدمشقيون المسيحيون رواد الفنون والصناعات الدمشقية منذ ألفي سنة
معاصر العنب في "حدتون" وصناعة الدبس
الاقتصاد السوري.. أين كان قبل عام ٢٠١١ وأين أصبح الآن؟
بنغلاديش.. قصة نجاح آخر!
الأعيان والفلاحون في "مقتبس" محمد كرد علي لعام 1910
"أرباب الوجاهة" يستولون على الأرض ويتحولون إلى طبقة إقطاعية "عثمنلية" معادية للتقدم
قمة البريكس الخامسة عشرة والنظام العالمي الجديد
دير الزور وريفها في حديث مع نجار بيتون
حياة عامل في دباغة الجلود ومعمل البلور في دمشق
محمد الجاجة عامل نجارة الميكانيك – حمص
عبد الكريم معلوف النقابي المُتَنَوّر سياسيا في جمص
العمل النقابي في مهنتَيْ النسيج اليدوي والنسيج الآلي - حلب
من عامل مطعم في حلب إلى "قيادي نقابي"
نموذج لعامل ارتقى إلى نقابي مسؤول في عهد البعث- إدلب