كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

لقاء مع دولاتي من دمشق

المشرف على الدراسة د. عبد الله حنا- فينكس:

مُجرية اللقاء الدارسة: ماجدة فارس.
اسم المتحدث: أحمد بن سليم لبابيدي من مواليد 1925 في دمشق، قنوات. مكان أخذ الحديث: مكان العمل بباب مصلى سويقة يوم الأحد 21/6/1987.
كتبت الدارسة:
اسم جد المتحدث: مصطفى لبابيدي. يقول المتحدث بأن جده توفي وهو طفل في الثانية من عمره فلا يعرف عنه شيئاً سوى أنه كان يعمل جزاراً أمام جامع يلبغا. وتوفي عن عمر يناهز 90 سنة. للجد ولد واحد فقط وهو والد المتحدث.
اسم أب المتحدث: سليم بن مصطفى لبابيدي. تاريخ ومكان الولادة دمشق 1907، وتوفي عام 1974، وكان بنّاء.
أخبرنا المتحدث بأنه كان وحيداً لوالديه، وكان مدللاً كثيراً وأمه تعتني به كثيراً، ولا يُرفض له طلباً. تعلم القراءة والكتابة في مدرسة معهد العلوم في باب سريجة. وكان التعليم في ذلك الوقت يقتصر على تعليم القرآن، وعندما يختم الطالب القرآن، كان الأهل يتباهون به أمام الجميع ومن ثم تُقام الأفراح والزغاريد. لم يقرأ أياً من الكتب، بل كان يذهب مع أقرانه إلى القهوة ليستمع إلى القصص التي كان يسردها لهم الحكواتي، ومن هذه القصص عنتر وعبلة، الزير سالم الخ... كما كانوا يشاهدون "صندوق السمع".( )
{صندوق السمع: الفونوغراف أو غرامافون (Gramophone or Phonograph) من أوائل الأجهزة الصوتية التي تستخدم الاسطوانات، ويتميز بحجم بوقه الكبير – المشرف}
قبل الزواج كان يعمل صانعاً في مهنة دولاتي والأجرة كانت 15 قرش سوري. تزوج وهو في الرابعة عشر من عمره لأنه وحيد لوالديه.( ) بعد الزواج اشتغل مع والده في البناء بنصف ليرة، بعدها أصبح معلماً فصار يأخذ أكثر من والده لرشاقته وخفّته في العمل، فغدت بينه وبين والده إشكالات، وعلى أثرها ترك عمل البناء وعاد إلى صنعته القديمة دولاتي.
الأثاث الموجود عند والديه سابقاً: خزانة، سجادة، صندوق. لم يشتر أثاثاً عند الزواج لأنه كان صغيراً فأعطاه والده السجادة والخزانة الموجودتين في المنزل. ودفع والده مهر العروس عشر ليرات ذهبية.
كان الرجال يلبسون صدرية وشروال وطربوش وقنباز وجاكيت. ذكر لنا حادثة طريفة بأنه عند زواجه جلبت له العروس معها بيجاماً بيضاء فلم يلبسها، وتحول لونها مع الزمن إلى أصفر لأن الرجال في ذلك الوقت لم يعتادوا لبس البيجامات، لأنه كان عيب يلبس الرجل بيجاما.
الزوجة عند الزواج كان عمرها 12 سنة، فهي صغيرة لا تعمل شيئاً. كان والدها يضمن عنباً وقد توفي قبل زواجها. لم يتزوج المتحدث إلا مرة واحدة لأنه مرتاح مع زوجته، فهي جميلة وخلوقة ومطيعة. قال لنا بأنه يرى فيها كل الصفات الإنسانية، فلذلك لم يخطر على باله في يوم من الأيام أن يتزوج غيرها.
أما عن وضعه بعد الزواج، فقد اشتغل مع والده بمهنة البناء لأنها مريحة وذلك من أجل تأمين مصروف المنزل، وعندما شعر والده أنه يتضايق منه لأنه صار معلم ترك مهنة البناء وعاد إلى مهنة النحاس.
استقل عن والديه عندما أصبح لديه أربعة أطفال والأحوال أصبحت ميسورة. فقد اشترى أرضاً وعمّرها بنفسه.
كان يحصل على المواد الأولية من التجار وهم: عمر مكي، وأنطون شلهوب، و الياس شكور. كان ثمن كيلو النحاس 2،5 ل. س عام 1942. ثم ارتفع بعد ذلك وهبط إلى أن أصبح سعر الكيلو في ذلك الوقت عشر ليرات. في القديم كان العمل يدوياً يعتمد على المهارة. كان الصانع طوال النهار لا ينتج سوى قطعة واحدة، أما الآن أصبح العمل يعتمد على الآلات. وتصريف المنتوج كان مباشرة عن طريق سعودي كان يأتي ويأخذ كل ما لديه من منتوج، بحدود 300 قطعة، كل قطعة 3 ليرات.( )
{كانت الحجاز ومن ثمّ السعودية سوقاً رائجاً للبضائع الشامية. وفي لقاء لي مع خيّاط ذكر أنّ عدداً ممن الخياطين في ثلاثينيات القرن العشرين كانوا يخيّطون ما يلائم أذواق السعوديين. ويأتي حجازي مرتين في السنة لشراء ما ينتجونه.- المشرف}
في ذلك الوقت لم يكن حق العامل مهضوماً، كانت أجرة الصانع 15 ق. س في اليوم، وفي ذلك الوقت كان هذا المبلغ يكفي بالنسبة للأسعار. في الماضي. كان يوجد مرابون، كانوا موجودين في حي الميدان، يتعاملون مع أهل حوران. كان يأتي الحوراني ويأخذ مبلغاً من المال مقابل فائدة، ولما تطول الفترة المتّفق عليها، يذهب الميداني مع رجاله على الخيول إلى منزل الذي أخذ منه المبلغ ويعيده، مع خسارة الحوراني طعام الرجال وخيولهم.
ملاحظة الدارسة: امتنع المتحدث عن ذكر أي اسم من أسماء هؤلاء المرابين، كما امتنع أن يروي لنا اي حادثة بسيطة عنهم، مع العلم بأنني أخبرته أنني لن أسجل ما يقوله.( ) كما قال بأنه يوجد أهل خير كثيرون، مثال: إذا استجارت امرأة برجل كان يساعدها مهما كلف ذلك من ثمن.
أهل الحارة كانوا يحبون بعضهم وكأنهم أسرة واحدة، كل واحد يشعر بشعور الآخرين، يساعدون المحتاجين، كما كان الجميع يتصفون بالشهامة والمروءة والصدق والاخلاص والوفاء، وكان الجميع يشاركون في الأفراح والأتراح. أما الآن فالذين يقيمون في بناية واحدة لا يعرفون شيئاً عن بعضهم.
أولاد المتحدث:
- مروان: يعمل بياع براميل، متزوج، المؤهل العلمي سادس.
- بسام: يعمل سمكري وبياع أدوات غسيل، متزوج، المؤهل العلمي سادس.
- غسان: يعمل سائق سيارة، المؤهل العلمي تاسع.
- منور: متزوجة في كفر سوسة، زوجها يعمل دهان سيارات.
- كوثر: عازبة في المنزل.
دخل في التنظيم النقابي للحرفيين في عام 1970 على أمل أن يساعده التنظيم في الحصول على المواد الأولية، ويحميه من الاستغلال والمرابين. بعد ذلك وجد أنّ ما تقوله الجمعيات الحرفية لا ينفذ منه شيء، وأقوالهم حبر على ورق.
العمل في القديم أفضل من الآن. سنوات الخير بالنسبة له كانت 1973 حتى 1978، فكان لا يعرف من أين يأتيه المال. أما الآن فالحياة بسيطة جداً. وأخبرنا بأنه يصرف على أحفاده الأيتام، بعد أن توفي له ولدان ولهما 11 طفلاً. ( )
رأي معدة الاستمارة بالمتحدث: كان يتحدث باختصار، كان محرجاً، وشعرت بأنه يخفي الكثير. في كثير من الأحيان كان يتجاهل أو يرفض أن يتكلم. واستنتجت بأنه يحافظ على سر المهنة، فهو لا يخبرنا عنها إلا أنها كانت يدوية وتعتمد على المهارة، أما الآن تعتمد على الآلات. 
المتة.. ماهيتها وأماكن انتشارها.. فوائدها وأضرارها
الدمشقيون المسيحيون رواد الفنون والصناعات الدمشقية منذ ألفي سنة
معاصر العنب في "حدتون" وصناعة الدبس
الاقتصاد السوري.. أين كان قبل عام ٢٠١١ وأين أصبح الآن؟
بنغلاديش.. قصة نجاح آخر!
الأعيان والفلاحون في "مقتبس" محمد كرد علي لعام 1910
"أرباب الوجاهة" يستولون على الأرض ويتحولون إلى طبقة إقطاعية "عثمنلية" معادية للتقدم
قمة البريكس الخامسة عشرة والنظام العالمي الجديد
دير الزور وريفها في حديث مع نجار بيتون
حياة عامل في دباغة الجلود ومعمل البلور في دمشق
محمد الجاجة عامل نجارة الميكانيك – حمص
عبد الكريم معلوف النقابي المُتَنَوّر سياسيا في جمص
العمل النقابي في مهنتَيْ النسيج اليدوي والنسيج الآلي - حلب
من عامل مطعم في حلب إلى "قيادي نقابي"
نموذج لعامل ارتقى إلى نقابي مسؤول في عهد البعث- إدلب