كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

انتساب رياض الصلح إلى "الجمعية القحطانية"

خالد محمد جزماتي- فينكس:

 في خضم الصراعات السياسية التي جرت بين مختلف القوى الفاعلة في مختلف عواصم الولايات العثمانية بعيد الانقلاب الشهير على السلطان عبد الحميد الثاني عام 1908، فقد تأسست الجمعية القحطانية عام 1910 من قبل وزير الأوقاف "خليل باشا حمادة"، وانتسب إليها بشكل مبكّر العلّامة الشيخ عبد الحميد الزهراوي من المدنيين والضابطان عزيز علي المصري وسليم الجزائري من العسكريين: وكانت جمعية سرية اتخذت لها إشارات معينة للتعارف بين أعضائها..
وكان رجل الدولة رضا الصلح (1860- 1935) والد رياض الصلح يقيم في الاّستانه وهو نائب غن بيروت في مجلس المبعوثان التركي وأحد النشطاء العرب في العاصمة العثمانية.. ففي الأول من ايلول عام 1910انتسب رياض الصلح الى كلية الحقوق التي أسسها السلطان عبد الحميد الثاني في الاّستانة عام 1878، وفي البدايات الأولى من دراسته في الجامعة أبدى جدية مفرطة واجتهادا ملفتاً في دراسته وفي اهتمامه مع زميلة المقرب إليه السيد سعد الله الجابري (1894--1948) الذي كان يسكن مع أخيه في العاصمة العثمانية نافع باشا الجابري (1854- 1917) نائب حلب قي مجلس المبعوثان التركي.
وانغمس الاثنان في السياسة إلى ذقنيهما، وكان رياض الصلح يتابع النقاشات التي تجري بين والده وزملائه المقربين وماذا يجري من أحداث في المنطقة وتدخل الدول العظمى في شؤون المنطقة والخوف الدائم من تفكيكها، ومنذ ربيع 1911 تشرب رياض الصلح من النواب العرب العداء القوي للنشاط الصهيوني ونفوذه الهائل داخل أروقة جمعية الاتحاد والترقي، وتفهم ذلك من النواب العرب أمثال عبد الحميد الزهراوي وخالد البرازي ورضا الصلح وشكري العسلي وشفيق المؤيد العظم وعبد المهدي الحافظ (نائب كربلاء) وروحي الخالدي (نائب القدس)، وسعيد الحسيني.. وقد قام هؤلاء النواب بالتحدث في جلسات المجلس المختلفة عن الصهيونية ونواياها الخبيثة في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بمختلف الأساليب ومنها شراء الأراضي من بعض أثرياء العرب.
بعد عام من تأسيس خمسة من الطلاب العرب لجمعية العربية الفتاة في باريس عام 1909، أرسل رياض الصلح رسالة إلى جميل مردم بك في دمشق وهو أحد مؤسسي الجمعبة المذكورة طالبا إليه الانتساب الى الجمعية، وبقي عضواً فيها حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.
و وجدت في أحد المصادر أن رياض الصلح انتسب في عام 1910 مع رفيقه نوري السعيد الذي كان طالباً في الكلية الحربية بالعاصمة العثمانية الى الجمعية القحطانية، وفي بداية عام 1913 قام الاثنان بتأدية يمين الولاء للجمعية ومبادئها، ولما عرف رياض الصلح أن مبادىء الجمعية تحث على الولاء لحكم ذاتي عربي ضمن امبراطورية يحكمها تركي يضع على رأسه تاجاً تركياً عربياً بآن واحد، تراجع رياض عن يمينه وعن الانتساب للجمعية وقال لنوري السعيد: "كيف نرفع رؤوسنا عالياً ويحكمنا تاجاً أجنبياً؟"، وتابع قائلاً له: الحرية ليست بطيخة تشترى حزوزا، إما الكل و إما فلا..!
فأجابه نوري السعيد: هذه الأفكار ستوصلك الى المشنقة قبل أن تبلغ الثامنة عشرة..! فرد عليه رياض: آتساءل عن نوعية الموت الذي ستلقاه.. هل أحلى الميتات في سن المائة؟
روى هذه القصة نوري السعيد بنفسه لآل الصلح عند مجيئه من بغداد لبيروت لتقديم واجب العزاء لعائلة رياض الصلح بعد اغتياله في عمان يوم 16 تموز عام 1951.
المصادر متعددة أهمها:
** رياض الصلح والنضال من أجل الاستقلال العربي (باتريك سيل)