كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

كيف أفسد حافظ الأسد المؤسسة العسـكرية؟- ح1

خالد محمد جزماتي

مــقــدمــة: ازداد الصراع الألماني الانكليزي الفرنسي حدة عام 1941 مما أجبر الديغولي الجنرال "كـاتـرو" على اصدار بيان ألقته الطائرات الفرنسية فوق المدن السورية تضمن وعدا بإنهاء الانتداب الفرسي على سورية ولبنان فور انتهاء الحرب مع ألمانيا... وجرت الأحداث متتابعة، حيث جرت الانتخابات الدستورية بتاريخ 7 تموز 1943 وحصلت الكتلة الوطنية على أكثرية المقاعد النيابية والتي مكّنت رئيسها السيد شكري القوتلي من الفوز برئاسة الحمهورية السورية عبر انتخابات النواب في المجلس النيابي بتاريخ 17 اّب 1943...
ولقد حاول الفرنسيون التنصل من وعودهم، فجرت مواجهات شديدة بين السوريين وسلطات الانتداب كانت نتيجتها الحصول على الاستقلال التام بعد استلام المصالح المدنية والقطعات العسكرية والتحاق أكثرية الضباط بالقوى الوطنية وعدد لا بأس به من صف الضباط والجنود.. وكان هذا الجيش يقدر عدده بثمانية اّلافـ ومن حسن حظ السوريين واللبنانيين حصولهم على الاستقلال التام بدون اتفاقيات تكبل الاستقلال وذلك لسببين:
الأول: الثورات الكثيرة في البلدين..
الثاني: شدة الصراع بين الفرنسيين والانكليز.... بعد ذلك توالت الأيام واضطر الجيش السوري الحديث والضعيف لخوض معارك فلسطين عام 1948، ثم بدأت سلسلة الانقلابات العسكرية وكان عددها خمسة، أولها انقلاب حسني الزعيم بتاريخ 30 اّذار 1949 الذي استمر 137 يوما، وفيه وقّع حسني الزعيم اتفاقية "التابلاين" بتاريخ 16 أيار 1949، وأيضا وقّع اتفاقية أنابيب الشرق الأوسط البريطانية، ووقّع ثلاث اتفاقيات مع الفرنسيين، ثم وقّع اتفاقية الهدنة مع الكيان الصهيوني بتاريخ 20 تموز 1949 التي إحدى بنودها انسحاب الجيش السوري من الأراضي الفلسطينية التي سيطرت عليها أثناء الحرب ومنها مستعمرة "مشمار هاياردن"، وكان خامس انقلاب بتاريخ 24 شباط 1954 على العقيد أديب الشيشكلي.......
انتسب حافظ الأسد الى الكلية الجوية عام 1952.. وهنا لابد لي من تعريف القراء الكرام على عائلة الأسد ومن أين جاءت...
"عائلة الأسد: هناك وثيقة عثمانية تعدد فيها أسماء عوائل قرية القرداحة عام 1854 لم يذكر فيها أي ذكر لعائلة الأسد، ولكن يبدو أن جد حافط الأسد المدعو سليمان البهرزي قدم الى القرداحة عام 1857 من مكان قرب الحدود العراقية الايرانية يتاخم مدينة السليمانية كمرتزق ليقاتل مع غيره من المرتزقة تمرد المدعو "اسماعيل خير بيك"، وكان لا يملك شيئاً، ولما تم سحق التمرد في تلك المنطقة وقتل قائد التمرد اسماعيل خير بيك عام 1858 بقي سليمان البهرزي في القرب من القرداحة، فقام رجل من أهل الخير بالسماح له بالمبيت في بناء صغير بطرف القرية، وبدأ الناس يتصدقون عليه، ومع الزمن تزوج وكان قوي البنية، وأصبحت العائلة تعرف "عائلة الحسنة"، بعد ذلك بدأ بعض سكان القرداحة يكلفون، سليمان بـ"العمل في الأراضي الزراعية ويشرف على الفلاحين العاملين في تلك الأراضي، وكان قاسيا عليهم ويستعمل السباب والضرب، وهكذا أصبحت العائلة تدعى: "عائلة الــشـوبــاصــي"، بعد أن سماها سكان قرية القرداحة بعائلة "الحسنـة".... أما والد حافظ الأسد فقد وُلد في القرداحة عام 1975م، وكان قوي البنية أيضاً، ولما احتلت فرنسا سورية وقامت بعملية احصاء السكان سجل سليمان الشوباضي اسم العائلة بـ"الوحش" وتزوج من فتاة تدعى "سـعــدى" من قرية قريبة من قرية القرداحة، أنجبت له ثلاثة أبناء ذكور وابنتان وجميعهم وُلدوا قبل الحرب العالمية الأولى وأخبارهم قليلة... وبعد أن استراح والد حافظ الأسد (علي) خمس سنوات تزوج من "ناعسة" الشهيرة، فأنجبت له خمسة ذكور وابنة واحدة، اشتهر منهم حافظ الذي وُلد عام 1930م، وجميل وُلد عام 1933م، ورفعت وُلد عام 1937م... ولحافظ ثلاث عمات... وقبل ذلك في العام 1927قام علي الوحش بتغيير كنيته من الوحش الى الأسد..
تخرج حافظ الأسد ملازم طيار عام 1955، وتم ارساله الى القطر المصري لاتباع دورة طيران، ولقد حدّثني أحد شهود العيان عنه ما يلي:
"في عام 1985 تم في سجن تدمر (وكنت من السجناء) فرز وتجميع الأحكام الشاقة المؤبدة في مهجع واحد (رقم المهجع 5 و6) وكان عددنا 216 سجيناً، وفيه تعرفت على الرائد الدمشقي أحمد حسن الخن (أبو مازن)، وكان يوم انقلاب 8 اّذار 1963 رئيسا لفرع فلسطين وتم تسريحه وهو من دورة 1951 - 1953 التي منها حكمت الشهابي.. حدّثني قائلاً: عند تحسن العلاقات السورية المصرية عام 1955 أرسل الجيش السوري بعثات عسكرية من الضباط الى المدارس العسكرية المصرية حوالي 40 ضابطاً من مختلف الاختصاصات أنا منهم (أي أحمد الخن) لاتباع دورة أمن، وحافظ أسد لاتباع دورة طيران، وكان من بيننا عدد من الضباط الدروز الذين سألوا عن المطرب فريد الأطرش ثم زاروه، فأكرمهم واستقبلهم أجمل استقبال، ثم طلب منهم دعوة جميع زملائهم من الضباط السوريين الى منزله الجميل المطل على نهر النيل، وقال: إذا لبوا الدعوة سأغني لهم.... فلبى الدعوة جميع الضباط إلّا حافظ الأسد.. حيث تعجب الجميع... وتابع القول بأنه كان يتغيّب لوحده ويأبى مشاركتهم في كثير من المناسبات... وأشار بأن الأسد كان يحرص على خصوصياته في التغيب عن رفاقه....
أهم أحداث مرحلة الحكم الوطني بين عام 1954 وقيام الوحدة عام 1958، العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وعصيان قطنا عام 1957 الذي حدث بسبب نقل بعض الضباط من مناصب حساسة، حيث جرى بعد ذلك تجاوز ذلك العصيان بتشكيل مجلس عسكري من 24 ضابطا من مختلف الانتماءات التي توافقت على ارسال وفد من 14 ضابطاً برئاسة اللواء عفيف البزري الى مصر لفرض الوحدة الاندماجية مع مصر.... وربما تلك التفاصيل يعرفها أكثرية الناس، ولكن المهم بما يتعلق بهدفي من المقالة هو أن أحد القادة المصريين طلب من العقيد مصطفى حمدون أن يزوده بأسماء الضباط الكبار من البعثيين ليصار الى تعيينهم في مراكز حساسة في الجيش حفاظاً على الوحدة... واستجاب مصطفى حمدون للطلب.. وما هي إلّا بضعة أشهر على وصول الأسماء الى قيادة الجيش حتى تم نقل المئات من الضباط السوريين الحزبيين وغير الحزبيين الى الاقليم الجنوبي ومنهم حافظ الأسد ومحمد عمران وصلاح جديد وبشير صادق وعبد الغني عياش ومنير جيرودي وعبد الكريم الجندي ومظهر شاغوري ورئيف علواني ووليد حمدون وزياد حمضمض وعدنان الحناوي وخالد جمية وعزة جديد ومصطفى عبدو المصطفى ومحمود حمرا....... الخ. وكان أكثر الضباط غاضبين من قياداتهم المدنية على الموافقة مع عبد الناصر على حل الأحزاب في القطر السوري، فتنادى بعض الضباط السوريين البعثيين الموجودين في الاقليم الجنوبي على التباحث بينهم لتشكيل تنظيم عسكري لتجديد الترابط بينهم، وهكذا تشكلت اللحنة العسكرية الأولى (الخماسية) في أواخر عام 1959 من الضباط التالية: أسماؤهم: 1- العقيد بشير صادق من دمشق، 2 - الرائد مزيد هنيدي من السويداء، 3 - الرائد ممدوح شاغوري من حماة، 4 - الرائد الطيار عبد الغني عياش من حماة، 5- الرائد محمد عمران من مخرم الفوقاني في ريف حمص.
بقيت هذه اللجنة تعقد اجتماعاتها سرا حتى أوائل عام 1960، ثم فجأة تم تعيين أربعة من أعضائها في السفارات الأجنبية (وبقي محمد عمران في مصر). على أثر ذلك قام الرائد محمد عمران وكان قد ترفّع الى رتبة مقدم بتشكيل اللجنة العسكرية الثانية وكانت سباعية من الضباط التالية أسماؤهم: 1 - المقدم محمد عمران رئيساً، 2 - الرائد صلاح جديد من دوير بعبدة (جبلة)، 3 - الرائد عبد الكريم الجندي من السلمية، 4 - الرائد أحمد الأمير من مصياف، 5 - الرائد عثمان كنعان من لواء اسكندرون، 6 - الرائد الطيار منير جيرودي من دمشق، 7 - النقيب الطيار حافظ الأسد من القرداحة.
وللحديث بقية 
جماعة الإخوان المسلمين والوثائق الثلاث
حول اغتيال سامي الحناوي في بيروت
الأمة العربية بين الوعي والمقاومة: صراع التاريخ والخيارات المستقبلية
عندما أضاع حافظ الأسد فرصة السلام مع اسرائيل
المجازر العثمانية في سورية الطبيعية والأناضول
الترامبية كجنون مؤسَّس.. من نقد فوكو للعقل إلى انهيار السياسة
حول اتفاقية أضنة وتسليم عبد الله أوجلان
الإسلاميون والإثنيات والمساكنة العجيبة
قراءة في خطابي الرئيس دونالد ترامب: (1) أمام الكنيست الإسرائيلي، و(2) في قمة شرم الشيخ أمام رؤساء دول حول "خطة السلام/الاستقرار" المتعلقة بالقطاع
كيف أفسد حافظ الأسد المؤسسة العسكرية- ح2
ما تشهده سورية حاليًّا كنّا قد توقّعناه حرفيًّا عام 2012
كيف أفسد حافظ الأسد المؤسسة العسـكرية؟- ح1
حرب تشرين ومذكرات الفريق الشاذلي
الإسلام السياسي.. التحولات الجيوسياسية والتوظيف الغربي
ظهور العلوية السياسية: الأخطاء الاستراتيجية القاتلة للعلويين (2)