كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

اغتيال الشهيد السید حسن نصر الله واختراق السیادة اللبنانية من وجهة القانون الدولي

يوسف حسن- فينكس

مقدمة:
تاريخ الكيان الصهيوني ملطخ بالاغتيالات، فالكيان خلق مع الاغتيالات. زادت وتیرة الاغتيالات من قبل الكيان الصهيوني مؤخرا في منطقة الشرق الأوسط ومن أبرز الاغتيالات الإسرائيلية في الأونة الأخيرة اغتيال قيادات المقاومة في أي مكان و في أي زمان دون الاكتراث لقواعد القانون الدولي، كان آخر مسلسل الاغتيالات لقيادات المقاومة هو الشهيد السيد حسن نصر الله في جنوب لبنان.
هذه الاغتيالات تثبت فظاعة و اجرام الكيان الصهيوني في خرق سيادة الدول بأي وسيلة، وغير آبه بالقانون الدولي، وخارق بذلك السلم والأمن الدوليين.
فالكيان خلق مع الاغتيالات وارتكاب جرائم الحرب وكأن القانون الدولي لعبة في يده. في الحقيقة يعاني النظام الدولي الحالي من أزمات عميقة، والقوة العظمى التي تقوده عاجزة عن حل هذه الأزمات المتراكمة. إن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى اندلاع حرب عالمية جديدة، وذلك بسبب عدم وجود حلول فعالة للأزمات المتفاقمة. عدوان الکیان الصهیوني في تنفيذ عمليات الاغتيال خارج نطاق القضاء يقوض بشكل خطير النظام القانوني الدولي، لأن هذه الأعمال تنتهك أيضاً الحق في الحياة المكفول بموجب المادّة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما أنّه وفقًا للمادة 25 من نظام روما الأساسي، فإن الأفراد الذين يأمرون أو يخططون أو ينفذون مثل هذه الجرائم يتحملون المسؤولية الجنائية الفردية أمام المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي يضع الولايات المتحدة الأميركية أيضًا كونها الداعم الأساسي للكيان الصهيوني في خانة الشريك معها وعليه فلا بدّ أن تتحمل مسؤولية الجرائم التي تقترفها الأخيرة. على الرغم من كل أنواع الخرق لقواعد القانون الدولي من قبل الكيان الصهيوني إلا أن القانون الدولي أثبت بهذه الأحداث الأخيرة يحكمه منطق القوة، فالقوي يأكل الضعيف و القانون لا يطبق إلا على الضعيف فجرائم الكيان الصهيوني تزداد يوما بعد يوم من أبادة جماعية واغتيالات منظمة وغيره ولا تلقي للمجتمع الدولي والقانون الدولي أي اعتبار. فما زال الكيان الصهيوني يشن غارات جوية على الأماكن السكنية مستخدما القنابل المحرمة دوليا في لبنان سورية وفلسطين وغیره بحجة اغتيال قيادات المقاومة ويرتكب أفظع الجرائم بحق المدنيين من قتل وتهجير وإبادة جماعية وغيرها... مخالفا القواعد الدولية بصورة علنیة. الدلیل علی ذلك بأن أوامر نتنياهو باغتيال السيد حسن نصر الله عبر أطنان من المتفجرات في منطقة مكتظة بالمدنيين كانت من اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وكأنه يريد أن يثبت بأنه أقوى من القانون الدولي والأمم المتحدة وهما لعبة في يده.
تتضمن الاتفاقية الخاصة باحترام القوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 نصوصا قاطعة تحظر الاعتداء على حياة المدنيين الذين لا يشاركون في العمليات الحربية، حيث تنص المادة (23) منها على أنه لا يجوز للمتحاربين قتل أو جرح أفراد من الدولة المعادية أو الجيش المعادي باللجوء إلى الغدر.
ما يهمنا هنا هو دراسة اغتيال الشهيد السيد حسن نصر الله من ناحية القانون الدولي و عدم قانونية الاغتيال و خرق سيادة لبنان.
اغتيال السيد حسن نصر الله مخالف لميثاق الأمم المتحدة وانتهاك للسيادة اللبنانية.
إن اغتيال السيد حسن نصر الله، يعد مخالفة للقوانين و المواثيق والأعراف الدولية والتي تحظر الاغتيالات السياسية من دون سند قانوني، وهو ما ينطبق على حالة اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. فالقانون الدولي يحظر الاغتيالات السياسية لقادة حركات التحرر المسلحة التي تحارب الاحتلال العسكري وتكافح لنيل حق المصير للشعب والإقليم المحتلين.
القادة العسكريون لحركات المقاومة المسلحة يجوز استهدافهم طالما شاركوا في العدائيات العسكرية بشكل مباشر. حسن نصر الله قائد سياسي وليس قائدا عسكريا، وبالتالي عملية اغتياله مخالفة لكل القوانين الدولية. ولم يكن قائدًا ميدانياً في لبنان. إذا أن الاغتيالات السياسية إحدى أشكال الإرهاب وفق المواثيق الدولية خصوصاً المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة. أیضا الحق في الحياة هو أحد الحقوق غير القابلة للتصرف والتي يجب احترامها في جميع الظروف، بما في ذلك حالات الطوارئ.
أعلنت محكمة العدل الدولية في الرأي الاستشاري لقضية الجدار الفاصل لعام 2004 و الرأي استخدام او التهديد بالأسلحة النووية1996 من صور الحماية التي يوفرها العهد الدولي المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية هو الحق في الحياة والتي يجب احترامها حتى أثناء النزاعات المسلحة.
إن القتل العمد لقائد عسكري محدد بسبب ما قام به في ساحة المعركة أو ما قد يفعله محظور بموجب قانون النزاع المسلح الذي يرجع إلى اتفاقيات لاهاي لعام 1907، وبروتوكول اتفاقية جنيف لعام 1949 ( يحظر قتل الخصم أو إصابته أو أسره باللجوء إلى الغدر).
 تشمل اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، واتفاقية لاهاي الرابعة قوانين تحظر الاغتيالات، معتبرةً إياها جرائم تهدد السلم والأمن الوطنيين والدوليين. لکن ما اختلقته اسرائیل و امریکا هي القتل المستهدف" Targeted killing" لاستقصاء كل من يخالفها و تتمثل هذه السياسة بقتل وابعاد أي شخص يعتبره الکیان الصهیونی يشكل خطرا عليه و مخالفا لأنشطته و لا يستطيع اعتقاله وحتى لو كان غير مقاتل ومشارك مباشرة بالأنشطة عليه.
هذا النوع من القتل هو الاغتيال خارج نطاق القضاء، أي أن الفرد يتعرض للقتل بدون أي محاكمة عادلة، وطالما أن الكيان الصهيوني اعتبر الشخص يشكل خطرا عليه فيلجأ لهذا النوع من القتل. في حين أن القتل المستهدف لا يزال موضع نقاش وجدل، يرى مجموعة من الفقهاء أن القتل المستهدف يحكمه القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبالتالي فإن حرمان شخص ما من حقه في الحياة أمر غير قانوني كما ورد في المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وهي مخالفة لحقوق الانسان وتعرض حياة الأفراد للخطر.
ومع ذلك، تعتقد مجموعات أخرى أنه يمكن أن يكون قانونياً إذا تم استخدامه في نطاق قانون الحرب حال تمت مراعاة المعايير المرتبطة به مثل الضرورة والتناسب والخطر الوشيك.
يشير مفهوم القتل المستهدف كأحد صور الاغتيالات لأشخاص يفترض ارتكابه جرائم،
ويشير البعض إلى أن القتل المستهدف تخفيف من مصطلح حديث للاغتيال (أي قتل مع سبق الإصرار أو الترصد) للأفراد من قبل مؤسسة أو تنظيم تابع للدولة كتصرف أو إجراء غير قانوني أو بعيدا عن ساحة النزاع المسلح.
تم توصيف القتل المستهدف بأنه عمل شرعي في سياق الدفاع عن النفس، عندما يتم استخدامه ضد الشخصيات الموصوفة بالإرهاب أو المقاتلين المنخرطين في حرب غير متكافئة.
في ضوء هذا فإن اغتيال الشهيد حسن نصر الله يشكل قتلا تعسفيا له ولا تنبطق عليه قواعد القتل المستهدف. لكن الكيان الصهيوني يحاول عبر مفهوم القتل المستهدف شرعنة الاغتيالات حماية لمصالحه و سياسته الخبيثة في المنطقة وألباسها ثوباً آخر. قد يرقى هذا القتل إلى مستوى الإعدام خارج نطاق القضاء – وهو انتهاك صارخ للحق في الحياة – والقتل العمد، بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
سياسة الاستهداف الذي يمارسه الكيان تدهور القانون الإنساني الدولي أو تقوض الإطار القانوني الذي يقصد به حماية حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة.
إن ما قام به الكيان باغتيال الشهيد حسن نصر الله عمدا، من ناحية يشكل انتهاكاً لإحدى قواعد حقوق الإنسان (وتحديداً الحق في الحياة) بالنسبة لحسن نصر الله والمدنيين القاطنين في أماكن الاستهداف، ومن ناحية أخرى فإن فعلته بالاغتيال داخل أراضي اللبنانية تعتبر انتهاكا لسيادة الدولة اللبنانية. إذاً أن اغتيال حسن نصر الله على أراضي لبنان، هو انتهاك لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة وتدخل في شؤونها الداخلية. فدولة لبنان تعرضت للضرر والكيان الصهيوني نقض البند الرابع من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة المتمثلة بمنع التوسل بالقوة فهذا المبدأ هو قاعدة آمرة في القانون الدولي و لا یجوز العمل خلافها.
للبنان أيضا الحق بالرد العسكري المتبادل المناسب "الرد بالمثل" فيما يتعلق بهذا العمل الإجرامي، في أي وقت يراه مناسباً. فاغتيال السيد حسن يعد اعتداء على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية وأمنه، و يشكل جريمة عدوان وانتهاكا صارخا للقانون الدولي.
في الحقيقة، لم يرد على مبدأ حظر استخدام القوة سوى استثناءين وفقا لميثاق الأمم المتحدة الأول: يخص حالتي حق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي عن النفس، أي أنه يحق للدول بشكل إفرادي أو جماعي أن تخرج عن نطاق القاعدة القانونية حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية، وذلك بشكل استثنائي أجازته أحكام المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، تمسكاً بحق طبيعي خاص بحالة الدفاع الشرعي عن النفس، أما الاستثناء الثاني: فيخص آلية نظام الأمن الجماعي وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهناك استثناء آخر يتعلق بحالة حق الشعوب في تقرير مصيرها، ومقاومة الاحتلال الأجنبي بكافة الوسائل، ونضالها من أجل استرجاع أراضيها المغتصبة وكرامتها المنزوعة في إطار القواعد الدولية الملزمة، التي تنظم اللجوء إلى القوة وترسم حدوداً لها ضماناً للمصلحة الإنسانية والمجتمع الدولي.لم يكن للكيان أي حق و فق الاستثناءات الثلاث الأولى فلم يتحقق أي شرط حتى تعتدي على سيادة دولة لبنان و تخرق السلم و الأمن الدوليين.
يحظر ميثاق الأمم المتحدة عمومًا استخدام القوة ضد الدول الأخرى، ولكن هناك استثناء إذا وافقت الدولة على استخدام القوة على أراضيها.
هنا من المحال أن يوافق لبنان أن تتعرض سيادته للنقض لذلك من الصعب على الكيان الصهيوني تبرير عملية القتل أو الاغتيال.
 إعلان عدم جواز التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية للدول اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 36/103 المؤرخ في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1981: "إن الجمعية العامة؛ إذ تؤكد من جديد، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، أنه لا يحق لأية دولة أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، ولأي سبب كان، في الشئون الداخلية والخارجية لأية دولة أخرى"، "وإذ ترى أن التقيد التام بمبدأ عدم التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية والخارجية للدول هو أمر ذو أهمية عظمى للمحافظة على الأمن والسلم الدوليين ولتحقيق مقاصد ومبادئ الميثاق"، "وإذ ترى أن أي انتهاك لمبدأ عدم التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية والخارجية للدول يشكل تهديداً لحرية الشعوب ولسيادة الدول واستقلالها السياسي ولسلامتها الإقليمية، وتهديداً لتنميتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويعرض أيضاً السلم والأمن الدوليين للخطر؛".
من الممكن أيضا ادراج اغتيال حسن نصر الله ضمن جرائم الحرب وفقاً للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تعرف القتل العمد كجريمة حرب، بالإضافة إلى أنه ينتهك المادة الـ3 المشتركة في اتفاقيات جنيف التي تحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية للأشخاص المحميين.
يعتبر الاغتيال السياسي جريمة ضد الإنسانية إذا كان جزءًا من هجوم واسع النطاق أو منهجي يستهدف المدنيين أو القادة السياسيين أو النشطاء بشكل منهجي ويشكل خرقا للمادة السابعة من نظام روما الأساسي، وقد يعد جريمة ضد الإنسانية.
إن الكيان الصهيوني لم يعلن أبدا حرباً رسمية على لبنان، لذا فإن القتل المستهدف للسيد حسن نصر الله كان “اغتيالاً واضحاً”، والقتل لا يمكن وصفه بأنه عمل دفاع عن النفس.
يستطيع لبنان باعتباره الدولة المتضررة وفق مسودة المسئولية الدولية للدول أن يستند إلى هذه المواد في تأكيد مسئوولية الكيان الصهيوني المحتل في نقض قواعد المسئوولية الدولية. وفق المادة 48 من المسودة أيضا باعتبار أن الکیان الصهیوني نقض قاعدة منع استخدام القوة باعتبارها قاعدة آمرة في القانون الدولي تستطيع أن تستند إلى مسئوولية الکیان الصهیونی. لكن المساءلة الدولية للکیان بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والمادة 39 من مجلس الأمن محمية بحق الفيتو من الدول الحامية للکیان الصهیونی. الجهة القانونية والقضائية لتقديم الشكوى هي محكمة العدل الدولية وفق البروتوكلات الملحقة بالاتفاقية 1963 و 1969 و مادة 13 من الاتفاقية لعام 1973.
الخاتمة
على أي حال، إن ما يقوم به الكيان الصهيوني من الاغتيالات، خرق لسيادة الدول من جملتها ايران، سوريه، اليمن، العراق ولبنان، والحجم الهائل من جرائم الحرب والإبادة الجماعية وغيرها تعد خرقا كبيرا للقانون الدولي، وقد تجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة، ومعاناة كبيرة للعالم بأكمله.
إلى الآن لم تتخذ اجراءات دولية رادعة ضد هذا الكيان، وكثير من الدول التي تتدعي الانسانية وقفت بجانب محور الشر (وأساسه الكيان الصهيوني) وساعدته بارتكاب أفظع المجازر إلا أن ازدواجية المعايير الحاكمة على القانون الدولي في التطبيق تظهر بشكل كبير بالنسبة للكيان الصهيوني. هذه الازدواجية تضعف الثقة بتطبيق القانون الدولي وتجعل القواعد القانونية الدولیة حبراً على ورق ولا يتم تطبيقها مالم تتوافق مع مصالح الدول الكبرى.
في المقابل هناك دول على الرغم من وضوح مسأله اختراق الكيان الصهيوني لقواعد القانون الدولي، من ضمنها اغتیال السید حسن نصر الله و ارتكاب الكيان للقتل العام في فلسطين ولبنان ودول أخرى، فضلت السكوت من أجل عدم محاربتها اقتصاديا من قبل امريكا و الكيان الصهيوني.
إذاً أن الكيان وداعمته امريكا يشنون حروبا عسكرية و اقتصادية على كل من يخالفهما.
في النهاية، الكيان الصهيوني يعتقد بفعلته باغتيال السيد حسن نصر الله أنه سيضعف المقاومة متناسيا كل شهيد من المقاومة يفتح طريقاً للوصول الى النصر وكرامتنا من الله الشهادة.
إن لم يتم ردع الکیان الصهیوني، فسوف تتجرأ على احياء أرض أجداده كما يزعم بأنها من النيل إلى الفرات، زبأي طريقة كانت، والدليل على ذلك تهديده الدائم لمحور المقاومة، وحتى القيام بالتهديد للشخصيات المحبوبة في المنطقة أمثال سماحة السيد السيستاني وسماحة السيد الخامنئي وشخصيات أخرى، للقيام باغتيالهم أيضا.
الخطر الصهيوني كبير في المنطقة ويستخدم سياسة القضم الجزئي لتحقق أهدافه بتشكيل دولته العظمى المزعومة، إذ أنه يسعى إلى إضعاف دولة تلو الأخرى إلا أن محور المقاومة ومن جملتها حزب الله سيبقى شوكة في حلق الكيان الصهيوني، مهما فعل وقام به، وستكون نهايته على أيدي المقاومة.