كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

محاولة عصيان الرائد سليم حاطوم في السويداء يوم 8 أيلول 1966- ح4

كتب مروان حبش:

   نشرت جريدة البعث في عددها الصادر يوم 22 /11/1966 عن أبعاد هذا التآمر الاستعماري الجديد، وأن الأجهزة الاستعمارية الأنكلو – أميركية ترمي بثقلها في الأردن وتحوله إلى ثكنة للأسلحة وملجأ للمتآمرين، والمؤامرة وفق خطة المتآمرين، تبدأ بتحرك الرجعية في الداخل يتبعه تدخلاً أردنياً – صهيونياً وغزو القطر من الخارج للإجهاز على جذوة المد الثوري التقدمي.

   كانت السلطات السورية مطلعة على ما يجري بين الفارين، وعمل عضو القيادة القطرية رئيس مكتب الأمن القومي العقيد عبد الكريم الجندي على تشجيع هذه العناصر للعودة إلى الوطن وجند لهذه الغاية بعض أقاربهم للسفر إلى الأردن والاتصال بهم لهذا الغرض، وكان من أبرز من قام بهذه المهمة المحامي محمد الكسار، زوج والدة امرأة البطحيش.

   قامت أجهزة الأمن الأردنية، وبناء على طلب الرائد سليم حاطوم باعتقال بعض الضباط منهم: النقيب إبراهيم نور الدين وعلي المقداد وسبعة آخرون وتم تسفيرهم في أول الشهر الخامس من عام 1967، إلى لبنان، ولكن السلطات اللبنانية، بوشاية من البطحيش والوليد طالب، اعتقلتهم بعد أيام من وصولهم وأعادتهم قسراً إلى الأردن، حيث تم توقيفهم لأيام ثم وضعوا تحت المراقبة.

   اجتمع بقية الضباط الفارين المناوئون لحاطوم وقسّموا أنفسهم إلى مجموعتين هادفين العودة إلى سورية، ونفذت المجموعة الأولى خطتها بتاريخ 6/5/1967، ولسوء حظهم اعترضهم كمين من الجيش والأمن الأردنيين وأمطرهم بوابل من الرصاص، فتوفي الملازم جورج أنطي وجُرح آخر، وتمكن ضابط واحد من الوصول إلى الوطن، واعتقل الآخرون بمن فيهم أفراد المجموعة الثانية، وسُفّروا إلى لبنان. وعاد جميع هؤلاء إلى سورية أيام حرب حزيران 1967.

   عندما بدأت حرب الخامس من حزيران نشط وصفي التل في عقد اجتماعات مغلقة مع سليم حاطوم وبدر جمعة، وفي يوم 7/ 6 وصلت وحدات عسكرية سورية "اللواء 17" بقيادة المقدم صلاح نعيسة إلى الأردن، بناء على تعليمات قائد الجبهة الشرقية الفريق عبد المنعم رياض، لنجدة الجيش الأردني وقدم التل لحاطوم وبدر جمعة أسماء ضباط كتائب اللواء وقادة سراياه بهدف الاستيلاء على اللواء للدخول به إلى سورية والعمل على قلب نظام الحكم (15).

   كلف الرائد حاطوم أحد الفارين ويدعى مسلط أبو عاصي بالتوجه إلى مكان تمركز اللواء في منطقة الصويلح للتعرف وجمع المعلومات، وشاهد المذكور قريبه طلال أبو عاصي من عناصر اللواء وحاول إغراءه بالذهاب معه إلى عمان لمقابلة الرائد حاطوم، كما حاول أخذ معلومات منه عن اللواء، ولكن المحاولة فشلت لأن طلال رفض التجاوب معه وأخبر رؤساءه بذلك، وصدرت الأوامر بعودة اللواء إلى سورية لانتهاء الحاجة إليه في الأردن الذي دخل في مرحلة وقف إطلاق النار مع "إسرائيل".

   حينما بدأت القوات الإسرائيلية في اختراق الجبهة السورية، أوعز وصفي التل إلى سليم حاطوم وبدر جمعة بالإسراع في دخول سورية وأن يستفيدوا من قرار القيادة القطرية بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، بعد أن بيّن لهما أن الفرصة أصبحت سانحة لاستلامهما السلطة نظراً لانهيار الحكم، ووعدهم بالاتصال ببقية السياسيين السوريين المرتبطين بالأردن للعودة إلى سورية لنفس الغرض.

   استغل سليم حاطوم وبدر جمعة مراجعة الضباط الفارين لهما والمتحمسين للعودة إلى الوطن للاشتراك بالحرب، استغلا هذا الشعور لتنفيذ المخطط المتفق عليه مع وصفي التل، وفي اجتماع في بيت الفار محمد الأطرش في عمان لحضّ السوريين الفارين على العودة، طلب سليم حاطوم من الرائد فؤاد منذر ونذير نابلسي نقل موافقته على العودة إلى سورية مدعياً أن السلطة في سورية سمحت لهم بالدخول بعد اتصال هاتفي معها، وفي وقت هذا الاجتماع كان سليم حاطوم في اجتماع مغلق مع وصفي التل لتلقي التعليمات منهسليم حاطوم - ويكيبيديا.

   بعد الاجتماع مع وصفي التل اتصل كل من بدر جمعة وسليم حاطوم ومحمود نوفل ونذير النابلسي هاتفياً مع الأستاذ صلاح البيطار في بيروت وأخبروه بقرارهم دخول سورية.

   في هذه الأثناء نشطت جيوب وصفي التل في سورية دعماً لسليم حاطوم وتنفيذاً للمخطط الأردني، حيث تداعى أعضاء ما عُرف بالجبهة الدستورية وعقدوا اجتماعات في بيت أحد أعضائها "سليم هارون" بحثوا فيها ما سوف تؤول إليه الأمور عند سقوط الحكم، واستعرضوا وضع البلاد وموقف جبهتهم في حال قيام حكومة ائتلافية وإمكانية اشتراكهم في الحكم، كما ناقشوا ما قاله أحد أعضاء الجبهة من إمكانية قيام حركة مسلحة في حلب أو حماة، وإمكانية استيلاء الضباط المسرحين على الإذاعة لإذاعة بياناتهم.

تسلل سليم وبدر مع بعض الفارين إلى سورية عن طريق درعا حيث أخبروا مخفر الأمن العام هناك بأنهم ضباط من القوات السورية التي انسحبت من الجبهة عن طريق الأراضي الأردنية وعائدون إلى سورية، ومن درعا توجهوا نحو مدينة القريا وبعد مكوثهم بعض الوقت فيها توجهوا نحو دمشق، ولدى دخولهم إليها توجه سليم مع مجموعة من الفارين إلى مقر الشرطة العسكرية في البرامكة، وتوجه البطحيش مع آخرين إلى منزل عبد الوهاب البكري، من الجبهة الدستورية، على أن يلحق بهم حاطوم بعد استطلاعه لمقر الشرطة العسكرية، وتوجه بدر جمعة ومحمود نوفل ونذير النابلسي ونبيل الشويري إلى بيت منصور الأطرش، ومنه اتصلوا مع الفريق أمين الحافظ بمنزله لاستطلاع الوضع، وبين 7 - 10حزيران 1967، دخل بقية الفارين الذين لم يرافقوا سليم حاطوم ومجموعته عن طريق درعا، كما عاد الضباط الذين لجأوا إلى لبنان عن طريق حمص، وسلموا جميعاً أنفسهم للسلطات المختصة.

   وجد سليم وبدر وبعض من اجتمع معهم في بيت البكري أن الأوضاع ليست كما أخبرهم بها وصفي التل، وعندما علموا أن أغلبية من جاء معهم من الأردن قد سلموا أنفسهم للسلطة، قرروا العودة إلى الأردن عن طريق السويداء، فتم القبض عليهم في الطريق من قبل دورية أمن كُلِّفت بملاحقتهم.

   بدأ التحقيق مع سليم وبدر من قبل لجنة قيادية، عبد الكريم الجندي ومحمد عيد العشاوي، ولقد عُثر مع بدر جمعة على قائمة بأسماء المقترحين كوزراء فيما لو آلت إليهم السلطة، كما عُثر مع نذير النابلسي على شيك موقع من راضي العبد الله وزير داخلية الأردن ويصرف لحامله.

   اطّلعت القيادة القطرية في اجتماع لها (16) خلال فترة التحقيق على رسالة كان قد أرسلها سليم بواسطة مدير السجن، يرجو فيها مقابلة اللواء حافظ الأسد أو محمد رباح الطويل ولكن الإثنين رفضا الاستجابة.

   أُحيل سليم حاطوم وبدر جمعة إلى المحكمة العسكرية الاستثنائية برئاسة المقدم مصطفى طلاس، وصدر الحكم عليهما بالإعدام رمياً بالرصاص.

   وتمت محاكمة بقية المعتقلين أمام محكمة أمن الدولة العليا، التي صدر قرار القيادة القطرية بتشكيلها بدلاً من المحكمة العسكرية الاستثنائية، وسمّت القيادة أحد أعضائها "محمد سعيد طالب" لرئاستها. وصدر بتاريخ 4/1/1969 حكم المحكمة بهذه القضية التي عُرفت "بمؤامرة العاشر من حزيران 1967".

   إن الذين تورطوا في هذه المؤامرة عدة فئات، منها فئة حاقدة على الحزب وثورته، وفئة أخرى انطلقت من مصلحتها الشخصية، وثالثة، كان انتماؤها الاجتماعي يؤهلها لأن تزج بنفسها في حمأة التآمر.
   وإن من يتتبع طبيعة النشاط في هذه الفترة، يجد أن أعداء حركة 23 شباط استنفروا كل قواهم وزجوها دفعة واحدة لإثارة الأراجيف وقذف الشائعات المضللة المغرضة، بقصد طمس حقيقة المؤامرة وإخفاء أبعادها ومراميهاسليم حاطوم - ويكيبيديا.

   كان العديد من ضباط الجيش، الذين لم يكن دورهم في صبيحة الثامن من آذار وقبلها بأقل من دور سليم حاطوم، وكذلك بعض القيادات الحزبية، يحتجون على الدور الذي أُعطي له والمواقع التي تبوّأها بعد 8 آذار، وأدى هذا الاحتجاج إلى عدم انتخابه في عضوية المكتب العسكري من قبل المؤتمر الحزبي للضباط البعثيين الذي انعقد في الأسبوع الأول من شهر نيسان 1965 في معسكرات القابون.

   وفي المؤتمر القطري الثاني الذي انعقد بدورة استثنائية، في شهر آب 1965، بذل اللواء صلاح جديد جهداً كبيراً جداً لانتخاب الرائد سليم حاطوم لعضوية القيادة القطرية، ونجح في عضويتها.

   ولابد من التنويه بأن القيادة القطرية المؤقتة قبل تنفيذ حركة 23 كانت قد قررت أنه على العسكريين فيها أن يختاروا بين الاستقالة من الجيش وبين العمل السياسي، ورغم الإلحاح على الرائد سليم حاطوم ليكون اختياره السياسة، أصر على الاستمرار في الجيش.

   أخلص من ذلك إلى أن الذرائع التي تذرع بها سليم حاطوم لانضمامه إلى تنظيم معاد لحركة 23 شباط ومن ثم عصيانه في السويداء، وهي الخلل الموجود في بنية القوات المسلحة ورجحان طائفة عليها، أنه كان بإمكان حاطوم من خلال قيادته لوحدة عسكرية قوية ولمكانته عند قيادة الحزب وموقعه عند قيادة الجيش، العمل على تصحيح بعض هذا الخلل، وهو من أعضاء القيادة التي خططت ونفذت حركة 23 شباط ويَعرِف أن من بين الدواعي لقيام هذه الحركة هو معالجة أسباب الطرح الطائفي الذي أخذ ينتشر في القوات المسلحة والعمل على تصحيح بنية الجيش وعودة السيادة للقيم والعلاقات الحزبية فيهمن التاريخ السوري: وصية سليم حاطوم قبل إعدامه | عشتار نيوز للاعلام والسياحة.

   كما كان بإمكانه، لو اختار السياسة، أن يكون عضواً في القيادة القطرية أو وزيراً أو في أي منصب آخر عالي الشأن.

   إن شعوره بأن السطوة التي كانت له قبل حركة23 شباط قد زالت لاعتماد منطلقات جديدة للحكم بعد الحركة، إضافة إلى أن عقل المغامرة عنده وطموحه لأن يحكم سورية من خلف الستارة- بدلالة أنه بعد اتفاقه مع الدكتور منيف الرزاز واللواء فهد الشاعر أصرّ على أن يكون قائدا للواء سبعين إضافة إلى قوات المغاوير التي كان قائدها حينذاك- دفعت به لقلب ظهر المجن للقيادة والاستمرار في مغامرته.                                                                                                                               تنفيذ حكم المحكمة العسكرية الاستثنائية

   في مساء يوم إصدار المحكمة الحكم بالإعدام رمياً بالرصاص على المتهمَين الرائدين سليم وبدر، استدعى وزير الدفاع اللواء حافظ الأسد المقدم الطيار متعب العبد الله وطلب منه، دون معرفة أحد من أعضاء القيادة، السفر إلى جبل العرب والحث على تشكيل وفد شعبي لمقابلة قيادة الحزب والتماسها إعادة النظر في الحكم. ولسبب ما، وبعد سفر المقدم العبد الله، طرأ تبدّل على رأي اللواء حافظ واقترح على الأمين العام المساعد اللواء صلاح جديد دعوة القيادة إلى اجتماع فوري.

   بعد وقت قليل من منتصف ليلة 23 حزيران 1967 رنّ الهاتف في المنزل الذي أسكنه مع عضو القيادة القطرية وزير الزراعة والإصلاح الزراعي محمد سعيد طالب، وكان المتصل موظفَ مقسم القيادة القطرية وأبلغنا عن اجتماع فوري لأعضاء القيادة بناء على طلب الأمين العام المساعد اللواء صلاح جديد.

   تبادر إلى ذهني، ونحن في الطريق إلى مبنى القيادة أن الاجتماع قد يكون لإبداء رأيٍ أو اتخاذ قرار يطلبه الأمين العام للحزب الدكتور نور الدين الأتاسي والوفد المرافق له الموجود في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي من جدول أعمالها بحث عدوان حزيران 1967.

   بدأ الاجتماع بعد الساعة الواحدة من صباح 24 حزيران، وأبلغ رئيس الجلسة الأمين العام المساعد الحاضرين بأن الرفيق وزير الدفاع طلب عقد اجتماع فوري للقيادة، وطلب الأمين العام المساعد من اللواء الأسد أن يشرح أسباب الدعوة.

قال اللواء الأسد: إن المحكمة العسكرية الاستثنائية أصدرت حكمها بالإعدام على كل من سليم حاطوم وبدر جمعة، وخشية من مجيء وفود من جبل العرب تطلب من القيادة إعادة النظر في الحكم الصادر، لذا أقترح أن تتخذ القيادة قراراً بتنفيذ الحكم هذه الليلة.

   ناقشت القيادة اقتراح الرفيق وزير الدفاع وكان رأي بعض الأعضاء ومنهم الأمين العام المساعد تأجيل بحث الموضوع ريثما يعود الأمين العام وبقية الرفاق من أعضاء القيادة الموجودين بمهام حزبية خارج دمشق، وفي نهاية المناقشات التي طالت لأكثر من ساعة طُرح اقتراح وزير الدفاع على التصويت ونال موافقة الحاضرين بأكثرية صوت واحد.

   تم تنفيذ حكم الإعدام بالرائدين حاطوم وجمعة، رمياً بالرصاص، بعد آذان الصباح من يوم 24حزيران، في سجن المزة العسكري.

   ونتيجة للبس الذي حصل في دعوة قيادة الحزب للاجتماع، تكوّن وعي خاطئ وهو أن اللواء صلاح جديد كان وراء قرار الإسراع بتنفيذ الحكم على الرائدين سليم وبدر.

  

الهوامش:

1 -لا يمت بصلة قرابة للواء صلاح جديد

2 –كان منصبا وزير الدفاع، ورئيس الأركان تقررا قبل أيام من تنفيذ الحركة، بتسمية اللواء حافظ الأسد لمنصب وزير الدفاع واللواء أحمد سويداني لمنصب رئيس الأركان.

3- كان هؤلاء قد قادوا تكتلاً في الانتخابات الحزبية أيلول 1963 وأسقطوا الأستاذ صلاح البيطار في الانتخابات، كما أنهم قاطعوا المؤتمر القومي السابع شباط 1964، وانشقوا عن الحزب وأسسوا بالتعاون مع كتلة علي صالح السعدي ما عُرف بحزب البعث اليساري، ولم يدم هذا الحزب طويلا إذ انشقت كتلة عنه بتاريخ 17 نيسان 964 وأسست حزب العمال الثوري العربي، بينما انفرط عقد الآخرين وتقدم حوالى 22 شخصاً من بينهم (حمود الشوفي، منذر الونداوي، محمد بصل، محمود نوفل، منير الحمش......) بمذكرة إلى المؤتمر القطري الثاني يطلبون فيها العودة للحزب. ثم عادوا أخيراً، والتفوا حول الأستاذ صلاح البيطار. 

4 – أقام بعد حركة شباط، بشكل سري في دمشق واختبأ في عدة منازل لأنصار القيادة السابقة، وآخرها في منزل المهندس غسان رزق.

5 - كان الرائد سليم حاطوم قد أعد شاحنةً عسكرية تحمل عدداً من مدافع الـ آر.ب.ج والقذائف الثقيلة، وحين وصول هذه الشاحنة إلى المكان المحدد لها أمام نايت كلوب الكاف دروا في شارع أحمد مريود تتصل به هاتفياً امرأة على أنها زوجته وتبلغه كلمة السر "كل شيء جاهز" وحينها يعتذر الرائدان الشاقي وحاطوم، وفي حال مغادرتهما المنزل، تبدأ العناصر الموجودة في الشاحنة بقصف المنزل لتدميره على الموجودين فيه.

وأثناء التقاء سليم مع ياسين الحافظ في منزل نايف شريطي بحي الطبالة أطلق تهديدا بتصفية أعضاء القيادة جسديا، وأجابه ياسين الحافظ بأن هذا الأسلوب لن يمكنه من استلام السلطة بسبب انتمائه إلى أقلية مذهبية من جهة، وبأنه "اسلوب التصفية سيكون وبالا على الشعب لما سيعقب ذلك من تصفيات جسدية كبيرة، وضرب له مثلاً عن مغامرة شبيهة.

6– كان عدد من الضباط الموالين للفريق أمين الحافظ قد عرفوا ما ينوي الرائد حاطوم عمله، وتجمعوا في منزل أحدهم وهو قريب من منزل عضو القيادة جميل شيا بحي المهاجرين بانتظار تنفيذ العملية.

7 - يؤكد الرفيق إلياس ضاهر، هذا الأمر، بقوله: بإلحاح شديد من الدكتور حمدي عبد المجيد، ذهبت يوم 6 أيلول 1966 إلى الرائد سليم بمكتبه ووجدت عنده كلاً من خالد الحكيم ونبيل الشويري ونذير النابلسي، وطلبت منه الإنفراد معاً، وأبلغته رجاء الدكتور حمدي بأن لا يقدم على أي عمل عسكري، ولقد وعد بذلك.

8 - حضر الرائد الحاج علي المؤتمر القطري الثالث بصفته عضواً فيه، وبعدها صدر قرار بنقله إلى السلك الخارجي.

9- أكد لي الرفيق المرحوم خزاعي ملي، بعد إطلاقي من المعتقل، أنه زار الرفيق حافظ برفقة عبد الله الأحمر مرة واحدة فقط، بعد أن التقيا بسليم حاطوم، وأبلغاه عن أطروحات سليم.  

10– كان توجه القيادة هو العفو عنه بعد محاكمته، ثم تعيينه في السلك الخارجي بإحدى بعثاتنا الدبلوماسية في أميركا اللاتينية.

11 _ لأن بشرة الجندي شقراء نشرت بعض وكالات الأنباء أن ضابطاً سوفييتياً يقود القوات العسكرية.

12- بعد أن أيقن سليم فشل ما قام به، وأن الركب انفض من حوله، اجتمع مع اللواء صلاح في مكان اعتقاله في السويداء في منزل عبد الكريم عزة وسأله ما هو مصيري؟ أجابه اللواء صلاح: تذهب معي إلى دمشق وتضع نفسك تحت تصرف القيادة. ورد سليم: لكي يكون مصيري الإعدام؟ وبعد برهة من الصمت، نصحه اللواء صلاح بألاّ يلتجئ إلى الأردن. وهذا يدل على مدى حرص اللواء صلاح لكيلا ينزلق سليم إلى مسارات خاطئة جديدة.

13 - من الجدير بالتنويه، أن عصيان سليم حاطوم، قد تم إنهاؤه بسرعة بسبب موقف بعض الواعين من قواعد الحزب وجماهير المحافظة ضد هذا العصيان، وأظهروا عدم رضاهم عما يقوم به حاطوم وتنصلوا من كل تصرفاته المعادية.

14 – مقتطفات من نص البيان الذي نشره الأستاذ صلاح البيطار في جريدة )الجريدة) اللبنانية بتاريخ 10/11/1967 ويعلن فيه قطع علاقته بحزب البعث:

   "ليسوا قلةً أولئك الذين يعرفون أني ابتعدت منذ مدة غير قصيرة عن حزب البعث العربي الاشتراكي، وعن جميع قياداته

ومؤسساته ولا سيما بعد الثامن من آذار.

   ففي أيلول من ذلك العام وعند انعقاد المؤتمر القومي السادس أدركت أبعاد الخطة ضد الحزب، ضد حقيقته وأصالة تاريخه وضد بنيته وتنظيمه القومي وضد قادته الذين يمثلون قيمه، تلك الخطة التي اتخذت من رغبة عامة في تجديد الحزب سبيلاً لإقامة حزبٍ جديد.

لقد كنت أول من حذر إلى حتمية سقوط الحزب في متاهات الفكر والسياسة والتنظيم، ولكن تحذيري لا يعني تبرئة نفسي من حملي نصيبي من المسؤولية.

   لقد عدت إلى رئاسة الحكومة مرتين فيما بعد، وقد كانت المحاولة الأولى عقب حوادث حماه ودمشق في أيار 1964، ولم تدم أكثر من أربعة أشهر عندما طوح بالحكومة التي كنت أرأسها، وكانت المحاولة الثانية في أواخر كانون الأول عام 1965 بعد حل اللجنة العسكرية وعقب حل القيادة القطرية، ويومئذٍ توليت رئاسة الحكومة وأعلنت في بيانٍ أذعته على الشعب ضرورة انكفاء الجيش عن المواقع السياسية وضرورة عودته إلى عسكريته، وضرورة عودة الحزب إلى الشعب وإلى حقيقته القومية الجماهيرية، غير أن الانقلاب الذي وقع في 23/2/1966 قضى على هذه المحاولة.

   وبعد تحليلٍ موضوعي للأحداث التي أعقبت نكسة الثالث والعشرين من شباط ونكبة الخامس من حزيران رأيت أن الواجب القومي يفرض أن أعلن استقلالي عن حزب البعث العربي الاشتراكي بجميع منظماته وقياداته على مختلف أشكالها وألوانها.

   إن النكبة القومية، نكبة حزيران، لم تكشف عن عجز حزب البعث وحده، فالأحزاب والمنظمات العقائدية الأخرى لم تكن أحسن حظاً.

15- لم تكن الجبهة الأردنية بحاجة إلى قوات سورية لقبولها قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، ولكن وصفي التل ضلل الفريق رياض لطلب هذه القوات كي يسيطر سليم حاطوم عليها ويدخل دمشق بها.

16- ذهبت في تلك الليلة، بعد انتهاء اجتماع القيادة القطرية، إلى سجن المزة العسكري والتقيت مع سليم حاطوم ودام اللقاء ثلاث ساعات، اعترف خلالها بأن ما قام به من يوم 8 أيلول ألحق ضرراً كبيراً بالحزب وحكمه، ولا يعرف كيف سيكفر عن ذلك.

البعث وثورة آذار- مروان حبش