كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

لعنة الأجزاء في دراما البيئة الشامية

دلبرين موسى- فينكس:

الاستثمار الدرامي في البيئة الشامية يبدو وارداً ومنطقياً ومشروعاً لولا المغالاة التي رافقت هذه النوعية من الأعمال والتي يُسميها البعض فانتازيا شامية، بمعنى انها حكايات افتراضية مُتحررة من الزمان على خلفية البيئة الدمشقية، إلا أنه من غير الممكن لأي عمل درامي الانفلات التام من الزمان، بالتالي فإن الكثير منها وقع في مطبات تأريخية غير منطقية، وإن استطاعت قلة منها الحفاظ على رونقها الخاص، كونها كانت قليلة ضمن التنوع العام للدراما السورية، ولكن وعلى طريقة سيخ الشاورما انتشرت هذه النوعية وصارت هي السائدة، والمشكلة ضمن هذا الإطار كانت مقبولة لولا الإنسياق وراء فكرة الأجزاء، فكانت كل الأجزاء التالية لجزء أول ناجح من أعمال البيئة الشامية (جماهيرياً- وليس بالضرورة ناجح من حيث الجودة) مفككة ومفبركة، والتي بدأت أولى بوادرها مع أبو كامل وأخذ أصحاب باب الحارة المبادرة ليُتحفونا بجزء تلو الآخر منذ سنوات طويلة جداً، ولحق الموضة عدد كبير من الأعمال كـ:"طوق البنات، زمن البرغوت، بروكار، الغربال، أهل الراية، خاتون، بيت جدي، طاحون الشر، عطر الشام، الكندوش، حارة القبة" والحبل على الجرار.
ولم ينج جزء تال لأي مسلسل من القدرة على تشويه تاريخ الشام وأهلها، لأنها جميعها اضطرت ان تلوي عنق الشخصيات والأحداث لتُبرر وتُفبرك أحداثاُ لاتتناسب مع حقيقة البيئة الشامية (زمن العثمانيين أو الفرنسيين) كما لا تتناسب مع طبيعة الشخصيات التي تم التأسيس لها في الجزء الأول فجاءت كنوع من الإستعلاء على ثقافة المُشاهد والمدينة معاً، ناهيك عن العنتريات الوطنية التي تدفع المرء إلى الإعتقاد بان الفرنسيين والعثمانيين قد انقرضوا بفعل الضربات الموجعة لهذه المسلسلات.