كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الفاتح الاسكندر المقدوني أسس حوالي أربعين مدينة "اسكندرية"

《الفاتح الاسكندر المقدوني أسس حوالي أربعين مدينة "اسكندرية" في آسيا والشرق الأوسط، بقيت بؤرة اشعاع للحضارة اليونانية.》
إعداد الياس بولاد- فينكس
☆ نسب "بلوتارخ" الى الاسكندر، بناء سبعين مدينة، وهو رقم مبالغ فيه، ولكن من المحتمل انه شمل حصوناً وقلاعاً ومراكز تموين، أو نسب مدنا بناها السلوقيون بعده. أما العدد الذي يتفق عليه العلماء اليوم قد يصل الى الأربعين..
- أسكن الاسكندر في هذه المدن مكدونيين ومرتزقة ويونان.. وأكثرهم من المحاربين القدماء، الى جانب جماعات من البلديين، وكان من المحتم أن يحصل التمازج بالزواجات لشبه انعدام النساء الآتيات من الغرب. وزودت هذه المدن، على العموم، بالمؤسسات العامة التي لا بد منها لقوام الحياة اليونانية الأصيلة، ولكن لم تعط الاستقلال والسيادة شأن المدن "البوليس" القديمة، إنما كان لها مجالسها ومحاكمها، وتنعم بالحرية في إدارة أمورها الداخلية، وبمالية مستقلة. فكانت أشبه بما نعرفه اليوم عن البلديات. بقيت هذه المدن قروناً طويلة بؤرة إشعاع للحضارة اليونانية.
اتبع الاسكندر سياسة المزج العرقي بين الشعوب المتعددة في الامبرطورية، وكان يعد تصاميم مستقبلية، تهدف الى نقل السكان بين أوربا وآسيا كما ذكر "ديودور" المؤرخ، إلا أن هذه المشاريع بقيت دون تحقيق عقب موت الاسكندر المفاجئ، وكان لديه أهداف اخرى عندما أكثر من تأسيس المدن في المقاطعات الايرانية الشرقية وعلى مشارف الهند وعلى ضفاف ومصب نهر السند من وراء هذه الانشاءات، تخدم أهدافه الاستراتيجية وفي دعم قوته العسكرية. وتدارك اي مقاومة، وضبط خطوط مواصلاته، وقد ساعد ذلك لتصبح مراكز مرموقة للتبادل التجاري، تبع ذلك انشاء أسواق لهؤلاء السكان، وزاد من التمازج بين الأجناس. وربط أقسام الامبرطورية فيما بينها برا وبحرا ونشر منجزات الفكر اليوناني، مما أدى الى ترسيخ دعائم دولة قوية مزدهرة ذات حضارة عالمية واحدة.
☆ما يسترعي الانتباه أن الفاتح الاسكندر لم يؤسس سوى مدينة واحدة في افريقيا وهي أشهر الاسكندريات قاطبة، اختطها قرب ضيعة مغمورة تدعى "راكوتيس" ثم نقل إليها سكان "كانوب" البلدة الصغيرة القريبة منها. ومن الاسكندريات ما أعاد الفاتح بناءها بعد أن خربها لمقاومتها له، مثل مدينة صور، ومدينة غزة. ومنها ما دثر وأصبح مكانها مجهولاً.. كما كان أمر مدينة "اي خانوم" في التركستان الروسية، وقد ثبت الآن انها بنيت بعد موت الاسكندر، ومنه ما يحوم الشك حول مكانها مثل اسكندرية القفقاس، إذ يرجح البعض أنها مدينة "بغرام" على بعد ٤٠ كلم من "كابول".
ومن المدن الباقية العامرة الى الان اسكندرية "أريا" وتقع في شرق أفغانستان باسم "هرات"، وكانت في العصر الوسيط، على زمن السلالة التيمورية، من أغنى مدن آسيا، واسكندرية "أركوزيا" وهي "قندهار" اليوم، الواقعة على نهر "الهلمند" في أفغانستان، وقد وجد قربها أحد أنصاب الملك "أشوكا"باللغتيتن
الآرامية واليونانية. والاسكندرية القصوى "خوقند" حاليا القريبة من ضفاف نهر "سرداريا" الأعلى الى الجنوب الشرقي من سمرقند في التركستان الروسية
وسميت القصوى لأنها أبعد المدن التي بناها الاسكندر الى الشرق. واسكندرية مصب "الأندوس" وهي كراتشي اليوم، وقد أقيمت بأمر الاسكندر على غربي الدلتا تحاشيا من طمي مصب النهر، كما فعل عندما اختار مكان انشاء اسكندرية مصر.
أما الاسكندرون على الساحل السوري منهم من يعزوها الى الاسكندر ومنهم الى الملوك السلوقيين خلفاءه. وكما نسب الى الاسكندر مدن عديدة، تنافست أعظم الأسر الملكية في التاريخ القديم (مصر وفارس) على احتواء الاسكندر وضمه الى سلالاتها، والى عهد قريب تباهى أكثر من أمير في البنجاب والهند بوشائج القرابة منه، فصيغت أغرب الاساطير متحدية الأزمنة والمسافات وكل معقول، للتغني بمجد موهوم، وفي "البنجاب" ينسب السكان أكثر من أثر الى الفاتح الاسكندر المقدوني، وفي قرى "راولبندي" مثلا يعتقد أهل المنطقة أن إحدى
"الاسطوبات" وهي ضريح هندي على شكل قبة ضخمة تعلو الارض مباشرة، ليست سوى قبر "بوسيفال" فرس الاسكندر.