كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

أُبي حسن: ميشيل كيلو وسليمان الأسد الجد والدولة العلويّة! 1من 2

هذا المقال كتبته ردّاً على مقال لميشيل كيلو. كنتُ قد نشرته بتاريخ 20 أيلول 2012 في موقع فينكس, لكن فُقد من الموقع في أيار 2013 على خلفية مصادرة الولايات المتحدة للدومين الخاص بالموقع (سنتذاك, وكان على "الدوت نت") في إطار معاقبتها للشعب السوري, وعبث أجهزتها بأرشيف الموقع.. وجاهداً, حاولت البحث عنه لدى الأصدقاء, دون جدوى, ومع الآسف لم أكن أحتفظ بنسخة منه عبر الوورد, إلى أن وجدته أمس في أرشيف أحد الأصدقاء, وأعيد نشره الآن, فعسى فيه فائدة.

من الصعوبة بمكان إحصاء تقلبات ومواقف ميشيل كيلو خلال "الثورة", وهو الموله بالأضواء والمشبع وهماً بأنه ناطق باسم الشعب السوري وممثل لضميره, مع أن كثيرين يعتبرونه ناطقاً باسم عزمي بشارة وبالآتي قطرائيل.

ميشيل كيلو يصرّح لروسيا اليوم (منذ حين): "لن نقبل بالتدخل الخارجي حتى لو قتلنا النظام فرداً فرداً".
ميشيل كيلو يصرّح لفضائية تشبهه: "قد نطالب بالتدخل الخارجي لحماية شعبنا".
يسمع ميشيل كيلو تصريحاً سياسياً موارباً لأحد المسؤولين الإيرانيين أو في حزب الله, يفيد بأن إيران تحترم خيار الشعب السوري, يسارع كيلو إلى التقاطه وبناء مقال عليه في صحيفة السفير اللبنانية, محور مقاله إن حلفاء النظام الإقليميين كإيران وحزب الله بدأوا يملون سياساته "المتعبة" ويتخلون عنه.
يكتب مطلع الأزمة أن الحل في سوريا سياسي, ويصرّح بأنه يعلم بأن هناك من سيتهمه بالعمالة للمخابرات, وفي مقال لاحق ينسف ماطالب به في السابق, ذلك الهراء ينشره كله في "السفير"؛ وعلى عهدته أن طلال سلمان قال في اجتماع مع هيئة تحرير صحيفته: "كل مواطن سوري هو رجل مخابرات بمن فيهم ميشيل كيلو", هذا الكلام رواه لي "غبطة" المُتهم منذ سنوات, وعندما سألتُ أحد الأصدقاء اللبنانيين العاملين في تلك الصحيفة, إن كان طلال قاله أم لا, أكده لي مع تغيير طفيف في اللفظ أدى إلى تغيير غير قليل بالمعنى

شبيه ما سبق يبني كيلو مقالاً يناقش فيه تصريحاً روسياً عابراً أو ملغوماً, ليؤكد استناداً عليه أن موسكو بدأت تغيّر سياستها الداعمة لدمشق وهي على وشك التخلي عن حليفتها كما تلهف نفسه وترغب, مع الأخذ بالحسبان أنه لحظة نشر مقاله تكون روسيا أدلت بعدة تصريحات تؤكد ثبات موقفها من الأزمة السورية, الرافض للتدخل الخارجي.. إذاً من الصعب بمكان الإحاطة بكل تناقضات "المفكّر" ميشيل كيلو, القائمة على تطويع تصريحات مسؤولي الدول الداعمة لوجود الكيان والمجتمع السوريين, إلى إعلان صريح من قبله برغبات دفينة مبنية على أحقاد لا تخفى على ذي بصيرة تهدف بمجملها إلى شيء واحد ألا وهو المساهمة في تدمير سوريا الدولة والمجتمع بأي شكل من الأشكال نكاية بالنظام, شأنه شأن غالبية المعارضين.. يارب السموات متى كانت السياسة تُبنى على الأحقاد؟!
في مقال نشره بتاريخ 19/8/2012 في جريدة السفير, بعنوان "هل ستتفكك سوريا؟" يبدأ كيلو "ملحمته" بالاستشهاد بوجه سفاهة العرب أي الملك السفلس عبد الله الثاني الذي اعتاد آل سعود وآل ثاني (ومن خلفهم أسيادهم في أمريكا وبريطانيا وفرنسا) وضعه في "بوز المدفع" كلما أرادوا إجراء اختبار ما في المنطقة, ومطلع "الملحمة" الكيلوية سابقة الذكر: "تتكاثر منذ بعض الوقت التصريحات التي تحذر من تقسيم سوريا وتفككها. وكان ملك الأردن عبد الله الثاني آخر من نبّه إلى احتمال كهذا وحذّر منه", وغني عن البيان أنه عندما يستشهد "مثقف" معارض ناتوي برأي أو تحذير صادر عن الوجه الرسمي لسفاهة العرب وأطماع الغرب (عبد الله الثاني), فهو يقرّه ويتبناه عملياً شأنه شأن السفيه صاحب التحذير, وإلّا لكان انتقد المُحذّر وعرّض بتاريخه وحاضره قبل البناء على "تحذيره" والصواب القول "بالون اختباره".
في المقال ذاته يتحدث كيلو مطولاً عن الدولة العلويّة, وليس سرّاً القول إن كاتبنا يكتب عنها وعن العلويين كمستشرق مأجور (هل تذكرون مقاله "نعوات سوريّة" الذي يستهزئ به، وبطريقة غاية في الخبث، من أبناء الطائفة الإسلامية العلوية؟), أو بالحد الأدنى كما كتب السيد بطرس البستاني صاحب مجلة الجنان عن الحملة التي قادها عام 1870 صاحب الدولة راشد باشا العثماني لقمع تمردات حصلت في جبال النصيرية, والتي حرق خلالها قرى بكاملها؛ بالعودة إلى بعض ما أتى في نصّ كيلو يقول: "أقف هنا عند حقيقة مهمة هي إن تيارا من الأسر والزعامات العلوية الإقطاعية والمشيخية حاول التأقلم مع مشروع الانفصال، كان منه جد الرئيس السابق حافظ الأسد، وأن قضية الانتساب إلى سوريا كانت محل صراع جدي بين القيادات العلوية وحاشياتها المحدودة، وأن المواطن العلوي العادي لم ينخرط فيها.. سليمان الأسد، الجد الذي طالب بانفصال المنطقة العلوية عن سوريا", وهذا ما سنناقشه ملياً بالوثائق (في الجزء الثاني من مقالنا) بعد أن نحاول تفنيد إحدى أكاذيبه الزاعمة أن سليمان الأسد جد الرئيس الراحل حافظ الأسد حاول التأقلم مع مشروع "الانفصال" عن سوريا! علماً أن الساحل لم يكن يتبع إلى دمشق قبيل دخول الفرنسيين إليها كي يُتهم سليمان الأسد (حال وقّع فعلاً) وسواه, بالانفصالي!
من خلال مطالعاتي سابقاً والتقصي لاحقاً لم أقف على تاريخ ولادة سليمان الأسد بيد أن وفاته كانت عام 1924 وقد أرّخ لوفاته الشيخ العالم والشاعر محمد حمدان الخّير (القرداحة- مرفق أعلاه صورة عن تأريخ الوفاة)، وكان طاعناً في السن عند وفاته, والمعروف والموثّق أن تاريخ ولادة نجله علي سليمان الأسد والد الراحل حافظ الأسد, كان عام 1875, وذلك بحسب عدة مصادر منها "الأسد والصراع على الشرق الأوسط" لباتريك سيل, و"تاريخ سوريا المعاصر" لكمال ديب, ما يعني أن سن والد حافظ الأسد كانت نحو 43 سنة في العام الذي دخل الفرنسيون فيه إلى الساحل الشمالي لولاية بيروت (السوري لاحقاً) أي سنة 1918, فالمعروف أن الساحل السوري كان يتبع إلى ولاية بيروت –كما أسلفنا- وليس إلى دمشق, فسوريا بتكوينها الجغراسي الحالي لم تكن نشأت في ذلك التاريخ (وهذه الخطيئة كفيلة وحدها بنسف مقال ميشيل كيلو وعشرات المقالات الشبيهة به إبّان تناولها وأصحابها باستسهال للعلويين وموقفهم من مسألة الدولة العلويّة فيما مضى.. الكاتب السوري الوحيد الذي نبّه إلى هذه الخطيئة التاريخية هو المؤرّخ د. عبد الله حنا في مقال له منشور سابقاً في فينكس؛ وإذا افترضنا أن علي سليمان الأسد هو الابن البكر لأبيه، يُفترض أن عمر الأب سيكون عند دخول الفرنسيين الساحل الشمالي لولاية بيروت نحو 63 عاماً (إذا ما كان متزوجاً وهو في سن العشرين، ولم يسبق أن رزق فبل نجله علي بإناث)، وسيصبح عمره سنة 1925 وهو العام الذي بدأت فيه فرنسا تقسيم دولة سوريا (الحالية), قرابة السبعين عاماً, مع التأكيد أن سنوات 1922-1925 لم تشهد حرب وثائق مع أو ضد الدولة العلويّة في أوساط الطائفة المغبونة, فجميع الوثائق ذات الصلة كانت بعد عام 1930 وغالبيتها سنة 1936 (وهي أعوام 1930- 1936 كان قد مضى سنوات على وفاة سليمان الأسد, ناهيك أن لا أحد في القرداحة من مواليد 1920 فما فوق يتذكره, بحسب مبادرة شخصيّة كلّفت بها بعض الأشخاص), وفي حال كان سليمان حياً كم سيكون عمره في عام 1936 إن كان نجله علياً في الحادية والستين (مع تأكيدنا أنه توفى عام 1924 كما أسلفنا وأثبتنا)؟!, هل لكم أن تتصوروا شيخاً طاعناً في السن بمقاييس ذلك الزمن(81 عاماً- نكرر إذا كان حياً عام 1936, ولم يكن كذلك) سيلعب دوراً سياسياً ولو متواضعاً ويمضي على عرائض تهدف إلى تفتيت سوريا التي لم تكن موحدة من قبل ذلك التاريخ؟!

أكثر من ذلك تؤكد الوثائق الفرنسية التي بحوزتنا (لسوء حظ كيلو وأمثاله) أن علي سليمان الأسد رفض, بحكم موقعه كوجيه محليّ مُعتبر في محيطه الصغير, الدولة العلوية وأصرّ على الوحدة مع دمشق خلال إحدى زيارته مع وفد ضمّ شخصيات علويّة للمندوب الفرنسي الذي كان يخدم تحت إمرته بصفة دركي المرحوم والد ميشيل كيلو في اللاذقية! واللافت أن حافظ الأسد لا يتحدث مع باتريك سيل عن جده لأبيه, ما يعني أنه توفى قبل ولادته 1930, وهذا يتقاطع مع ما أفادنا به بعض الطاعنين في السن الذين أدلوا بشهادتهم في القرداحة, لا بل يقول الأسد إن والده كان مركز حياته في صباه مع أنه كان "يراه دائماً رجلاً عجوزاً, إذ كان في الخامسة والخمسين عندما ولد الأسد".

حقيقة لا أعرف من سأعاتب! هل أعاتب "المثقف" السوري المعارض على جهله بتاريخ بلاده, أم تراني أعاتب الخالق عزّ وجلّ كونه ابتلانا بمجموعة مرتزقة للخارج حُسبوا علينا مفكرين وفلاسفة ومثقفين تنويريين؟! أم تراني أصدق "وثائق" معالي وزير خارجية فرنسا السيد فابيوس والتي على الأرجح تشبه "الوثائق" التي ينشرها عمار القربي في الفيسبوك وهي صناعة خاصة بـ"الثورة" السورية بتزكية من برنامج الفوتوشوب؟ لأدع حيرتي جانباً ولأتابع فأفيد بخصوص سليمان الأسد "العميل" للفرنسيين بحسب أدبيات ثوار حلف الناتو, نعم مارس سليمان الأسد العمل الخيري في حدود منطقته وإمكاناته, فقد ساهم عام 1915 وقد كان مايزال قوياً نسبياً في مساعدة الأرمن اللاجئين إلى جبال العلويين هرباً من المجازر التي ارتكبها بحقهم أجداد رجب طيب أردوغان مُبيد الأكراد و"صديق" و"أمل" ميشيل كيلو وأمثاله, كما كان يلعب الأسد الجدّ دور المحكّم في بعض قرى العلويين ومنها قرية زينة في قضاء مصياف نظراً لثقتهم به وبضميره, هذا هو الأسدُ الجد الذي يطيب لميشيل كيلو نبش قبره علماً أن تأريخ شاهدة ضريحه كافية لنسف جميع أكاذيب ومزاعم المدعو ميشيل كيلو.

يتبع

رابط الجزء الثاني من المقال: https://feneks.net/study/poltical/382-8-2-2

أُبي حسن: ميشيل كيلو وسليمان الأسد الجد والدولة العلويّة! ج2 من2 حرب الوثائق