كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

قسد تسقي "اسرائيل".. والحكسة تموت عطشاً!

فادي الياس نصار- فينكس

يعيش أهالي الحسكة اليوم، حالة عطش رهيبة، حالة لا إنسانية، سببها ومسببها ميليشيات تدعي أنها تمثل الشعب الكردي، وأنها ديمقراطية أيضاً، قطعوا المياه عن عامة الشعب العربي والكردي، السرياني والآشوري، الغني والفقير، ويندرج هذا التصرف (القسدي) اللإنساني، في إطار علامات بداية النهاية، وخاصة بعد أن فلتت الأمور من أيديهم في العديد من القرى والبلدات.
ويلاحظ المتابع لمسيرة "قسد" أن قادتها يخشون دائماً أن ينسحب داعمهم ومحركهم الأكبر "العم سام"، من الأراضي السورية، تاركاً إياهم أمام خيارين أحلاهما مُر: فإما أن يعودو أذلاء الى حضن الدولة السورية، أو أن يبتلعهم الوحش السلجوقي (خاصة في ظل التقارب السوري- التركي الأخير)، ففي حال ابتلعهم "الغول التركي" سينهي بذلك حلمهم الكبير بإقامة وطن "كردستان"، ناهباً كل الثروات التي في أراضيهم.
لعل هذا الخوف عند قادة قسد قد تبدى جلياً، عندما قض، ذات يوم، الرئيس الأميركي السابق، “ترامب” مضاجع "قسد"، حين أعلن أنه سيسحب قواته من سوريا، يومها وبالرغم من أنَّ الإنسحاب لم يتجاوز حدود الوعد الكاذب، ارتعب قادة "قسد"، خوفاً من أن يُسحب الغطاء عنهم، فبدأوا علناً بالتملق والإلتفاف حول الولايات المتحدة الأميركية، بغية إرضائها، مجاهرين بتبعيتهم لها، متخذين إلى ذلك مغازلةً "تل أبيب" ودلالها سبيلاً.
الغزل الذي مارسته "قسد" جاء على لسان المسؤول الإعلامي "مصطفى بالي" في لقاء مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي بث عام2019 حين قال: "قطعاً لايمكن أن نؤمن بشعار أن نرمي إسرائيل في البحر".
كما أن انغماسهم في خدمة إسرائيل، إرضاءً لداعمهم الأكبر “الأميركي”، فضحه رجل الأعمال الإسرائيلي”موتي كاهانا”، الذي أكد عمق تلك العلاقات، في تقاريرٍ متعددةٍ نشرتها وسائل الإعلام العبرية، معرباً عن أمله بأن يتمكن من بيع 400 ألف برميل يومياً (12 مليون برميل شهرياً)، وأن تتم عملية البيع لأي جهة وأي شخص، شرط ألا تكون على علاقة بإيران، وألا تصل أموالها إلى سوريا”. (يومها ادعت "قسد" أن "كاهانا" هو أمريكي وليس اسرائيلياً)
كما حصل رجل الأعمال الإسرائيلي (بحسب وثيقة مسربة نشرتها جريدة الأخبار عام 2019 ) هذا على تفويض رسمي موقّع من رئيسة الهيئة التنفيذية لـ”مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) "إلهام أحمد"، يفوضه وشركته بتمثيل “مسد” في جميع الأمور المتعلقة ببيع النفط المسروق من المناطق الكردية شرق الفرات (القضية تتعلق بانتاج 11 بئراً نفطية)، وذلك بموافقة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (صاحب قرار العقوبات على سوريا)، مع إعطاء “كاهانا” حق استكشاف النفط بمنطقة الجزيرة السورية.
الجدير ذكره هنا أنَّ المنطقة التي باتت القوات الكردية تسيطر عليها شرقي الفرات تحوي أكثر من 90% من أهم الموارد النفطية لسوريا (قيمة ما تبيعه “قسد” من إنتاج النفط وحده، يقارب 130 مليون دولار شهرياً، هذا عدا المحاصيل الزراعية وغيرها من الثروات).
اجتهد “كاهانا” هذا، على مدارِ سنوات الحرب السورية، في إسباغ الصفة الإنسانية على عمله كمدير جمعية “عماليا “Amaliah (عمل الله)، لغوث اللاجئين السوريين (لديها مكتبان، واحد في الولايات المتحدة الأميركية وآخر في إسرائيل، و تنشط بين لبنان، الأردن، سوريا، تركيا وإسرائيل)، كما سوّق عبر موقع الجمعية الإلكتروني، أنَّ جمعيته تقدم خدمات إنسانية، للسوريين، لاجئين ومقيمين (على نسق “الخوذ البيض”).
كذلك جاهر “كاهانا” عبر الإعلام و وسائل التواصل الإجتماعي، بتدخله لمصلحة واشنطن وتل أبيب في الحرب على سوريا، وأنه كان من أولوياته في “عماليا” إنشاء منطقة آمنة في الجنوب السوري (حزام أمني يهدف إلى حماية إسرائيل).
أضف الى ذلك كله، تؤكد صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنَّ كاهانا كان مديراً لجمعية كل ماتقوم به يتمّ بتوجيه من الجيش الإسرائيلي وبتنسيق عالٍ معه.
ذاتهم الذين استماتوا لإنشاء المنطقة الآمنة في الجنوب، (الخاصرة الرخوة لإسرائيل)، انتقلوا بعد فشلهم بتلك المهمة، لإنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري، آخذين بعين الإعتبار أنَّ ذلك سيسهل عليهم نهب الجزيرة السورية، (خزان سوريا الطبيعي)، و أنَّ المنطقة الآمنة ستضمن بقاء الأكراد في مأمن لفترة أطول، مايسمح بتبرير الوجود التركي هناك، وبالتالي إطالة عمر الحرب.
يسعى الأميركي، اليوم، الى تبديل الشكل الإستعماري لوجوده في سوريا (في حال سحب قواته يوماً ما)، وذلك عبر بناءِ جيوشٍ مأجورة- مأمورة، قوامها وعديدها من أبناء الجزيرة السورية (عرباً وأكراداً)، يقودها ويدربها ضباطاً من دول التحالف الإستعماري (كشفت موسكو إنه فقط في النصف الثاني من حزيران /يونيو عام 2019، وصل حوالي 540 شخصاً، إلى شمال شرق سوريا، من بينهم 70 قائداً ومدرباً، وأنَّ المهمات الرئيسية لهذه القوات هي تدريب المقاتلين الموالين للولايات المتحدة وحماية مواقع النفط)، وبذلك يكون قد ضرب عصفورين بحجرٍ واحدةٍ.
العصفور الأول: إنه لن يترك الأرض الغنية بالنفط والمياه تعود لأهلها (الدولة السورية).
أما ثاني العصفورين فهو: وفاءه بوعده المتكرر (الكاذب) بسحب قواته من سوريا، فينسحب شكلياً، تاركاً خلفه أذيالاً إستعمارية، على شكل منظماتٍ وجمعياتٍ (تعمل تحت غطاء الخدمات الإنسانية)، مثل “الخوذ البيض” و”عماليا”، وشركات خاصة و جيوش مأجورة على شاكلة “بلاك ووتر” وغيرها، مجبراً دول الخليج العربي، على دفعِ كامل التكلفة… وكله كرمى لعيون “إسرائيل”!!.
يذكرني هذا السعي الأميركي الدؤوب لخدمة الكيان الصهيوني، بإقامة منطقة آمنة مرةً في جنوب سوريا، وأخرى في شمالها، مستخدماً كوسيلة لذلك مايسمى بـ"قسد" بالمثل الشامي الذي يقول: “وين ما بدو الفاخوري بيركب إدن الجرة”، إذن الجرة اليوم هي قسد وأمثالها من ذيول المستعمر، والجرة اليوم هي الحسكة.
أليس من أقبح العيوب وأمقتها، أن يعاني أهل الحسكة اليوم من عطشٍ شديد، على الرغم من أن جرتهم مليئة بالمياه العذبة النقية؟!
يبقى السؤال هنا: من الذي سيكسر (أو ربما تنكسر لوحدها) يوماً الجرة على رأس حاملها (قسد)؟
من يعش ير.