كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

نعي يوسف زعين لصلاح جديد (من الأرشيف السوري)

في نعيه لرفيقه الراحل، المناضل العربي الكبير صلاح جديد، وبتاريخ 27-9-1993، كتب المناضل العربي الكبير الراحل يوسف زعين يقول:
أنعي اليوم صديقاً عزيزاً، وما أشد وجع وحزن وألم هذه المناسبة.. وأقول للجميع، ليكن عزاؤنا أن الفقيد نذر حياته لقضية كبيرة وجليلة وعادلة.. كان الفقيد هادئاً، وهكذا عرفه أصدقاؤه، وعندما حانت المغادرة الأخيرة غادرنا بهدوء كعادته.. إلا أن الهدوء الأول كان طبعاً فيه، ونمط تعامل، وأخلاقية، أما الهدوء الثاني فكان مغادرة صامتة في ظاهرها.. كان الصمت مفروضاً، ورهيباً..
غادرنا أبو أسامة زارعاً خلفه تقاليد وقيماً ومثلاً، في مقدمتها مفاهيم الإيثار، والتضحية، ونكران الذات، وحب الوطن الغالي العزيز، الوطن الذي أراد له أن يكون دوماً كريماً وموحداً.. لم تكن هذه المفاهيم، بالنسبة لصلاح ورفاقه، مجرد كلمات تقال أو تذكر عند الحاجة إليها، في هذه المناسبة أو تلك، بل كانت حقيقة، وعقيدة، دونها كانت النتائج الرهيبة والملموسة التي تترتب على مثل هذه المفاهيم والمواقف، والتي دفع صلاح ورفاقه من أجلها أثماناً باهظة، آخرها كانت الحياة، وأولها السجن والعزل والإيذاء..
ولا شك أن رحلة الربع قرن (في السجن) قد تخللتها مرارات إنسانية كثيرة، حيث يصبح الوليد كهلاً، وليس أقلها مكافحة وحشة السجن، ومكابدة غياهبه الرهيبة، ودفع ثمن الشموخ والوعي في فظاظة السجن..
والرائع أن يكبر الوطن بأبنائه، بالضد من رغبة السجن في التضييق عليه.. نعم، يكبر الوطن بأبنائه الأكثر التصاقاً به، والأكثر حباً له..
ويطرح السؤال: لماذا نال صلاح كل هذا الضيم؟ ولماذا لم ير النور حتى آخر لحظة في حياته؟.. السؤال بذاته قضية، والسؤال بذاته يفسر لنا الحالة.. نعم، كل هذا الضيم لأنه طرح ورفاقه برنامجاً وطنياً صافياً وقابلاً للتحقيق.. برنامجاً أصاب الهدف الأساسي الذي تخشاه القوى المعادية للوطن والأمة، وعلى رأسها الصهيونية، تلك القوى التي وضعت هذا الهدف السامي في خانة المحرمات الكبرى. وبقدر ما أن أبا أسامة كبير الشأن، ويستحق الكثير الكثير من الوفاء، فإن رفاقه الذين غادروا الحياة لم يكونوا أقل شأناً، وهكذا هم..
- منقولة عن الصحف
عن صفحة نصر شمالي