لاتأمنن للعقرب.. حول العدوان الإسرائيلي على ايران
أُبي حسن
اتفقت الغالبية الساحقة في الكيان المؤقت (من مستوطنين ومنصات إعلامية ومسؤولين حاليين وسابقين على اختلاف درجات مسؤولياتهم) أن الرد الإسرائيلي على إيران كان هزيلاً وركيكاً وتافهاً، وطبعاً يمكن للمهتم متابعة تلك التصريحات عبر مواقع عدة خاصة بالإعلام العبري الإسرائيلي، وليس عبر بعض الاعلام العبري الخليجي.
وكان آخر تصريح، يبرر ضعف الرد وركاكته، هو ما أدلى به مسؤول إسرائيلي لصحيفة وول ستريت جورنال، ومفاده: "رسالتنا من الهجوم على إيران أننا لانريد التصعيد"، وهذا التصريح يشي في طياته الكثير عن عجز الكيان عن مواجهة الجمهورية الإسلامية الايرانية.
طبعاً، كانت سرت تسريبات أن إيران كانت على علم مسبق، قبل وقت قصير نسبياً، من قبل الوسيط الروسي، بموعد الاعتداء الإسرائيلي ومحدودية حجمه، وإن صح هذا القول فهو يصب في صالح إيران بوصفها قوة عظمى يحسب لها ألف حساب وليس كما يتقوّل بعض السفهاء والشامتين الذين كانوا بانتظار توزيع الحلوى بأنها "تمثيلية" ومتفق عليها.
من جانب آخر، وإن بدا أن الردّ أتى حفظاً لماء وجه قادة الكيان، الموغلين في دماء الفلسطينيين واللبنانيين، كما أنه قد يكون صحيحاً أنه أتى لدواع انتخابية تخصّ مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، بيد أنه فعلاً كان رداً يثير شهية المتابع لمعرفة أمرين في آن واحد: أولهما عجز الكيان عن المجابهة، وثانيهما تفوق القدرة العسكرية الإيرانية ومدى قدرتها على ضرب المصالح الأمريكية عن بكرة أبيها في المنطقة. أما عجز "إسرائيل" نجده في لو أنها كانت تضمن عواقب ردها وفق ما تبجح قادتها لما كانت توانت عنه ولما كانت رضخت لأوامر شركائها في واشنطن، لكنها عرفت حدها فلزمته.
نعم، أوضح العدوان مقدرة ايران على ردعه، وتأثير رسائلها الردعية في لجمه ولجم الولايات المتحدة الأميركية عن شنّ عدوان سبق أن أعلن نتنياهو في أكثر من مناسبة أنه “سيكون قاس وقوياً ومؤثراً”، وتصريحات من هم دونه من كبار مسؤولي الكيان فاقوه في أوهامهم التي احتفى بها الذباب اليزيدي منتظراً توزيع الحلوى والشعيبيات هنا وهناك.. لكن كلام عضو الكنيست الإسرائيلي فلاديمير بلياك عندما علّق اليوم على عدوان كيانه بالقول: “حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فاسدة وفاشلة لا تعرف كيف تنتصر ولا تدفعنا باتجاه تحقيق أهداف الحرب”، مضيفاً أن “هناك فجوة عميقة بين التصريحات المضطربة لنتنياهو وأعضاء المجلس المصغر بشأن إيران وبين الواقع على الأرض”، يختصر الكثير مما يمكن للمتابع قوله
وفي السياق السابق ذاته يندرج تصريح نُسب لمسؤول أمريكي، مفاده: إن الردّ الإسرائيلي على ايران انتهى، ونطلب من طهران عدم الرد أو التصعيد"، إذ هو إقرار أمريكي علني بقوة ايران، وليس -مجدداً- كما يتشدق بعض المغرضين.
من جانبنا لانشك بالقدرة العسكرية الإيرانية التي أثبتت حضورها، لذا يحق لنا أن نسأل مستخدمين أداة الشرط غير الجازمة "لو":
لو كانت عملية الوعد الصادق1 في نيسان 2024 بقوة الوعد الصادق2 التي جرت مطلع تشرين الأول 2024، ألم يكن الكيان حسب ألف حساب للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وربما لكان تردد عن الاعتداء على لبنان، مع ما ترتب على ذلك العدوان من آلام ومآس في مقدمتها استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله، والله أعلم!
الآن، وباعتبار أن إيران فرضت نفسها قوة عظمى، على الأقل على مستوى الإقليم، نأمل أن لاتعمل فقط على ردع العدوان عن الشعبين اللبناني والفلسطيني، بل وبمطالبة تعويضات يدفعها الكيان المؤقت عن الدمار الذي لحق ببلدينا في فلسطين ولبنان جرّاء حربه النازية، وهذا أضعف الايمان.
وإن كان لا بدّ من ختام: ينبغي أن لا نركن، فنظن أن العقرب الإسرائيلي قد اكتفى فعلاً بهذا العدوان الوضيع اليوم، فربما كان خديعة منه ومن الولايات المتحدة، تحضيراً لعدوان آخر قد يكون أوسع وأشمل وأوجع.
فينكس