كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

ردّ أكثر من تاريخي

أُبي حسن

نعم، هو ردّ أكثر من تاريخي ذاك الذي تابعناه آخر ليل أمس الأول، والذي قامت به الجمهورية الإسلامية الإيرانية.. فلأول مرة نرى صواريخ ومسيرات دولة صديقة وأكثر من شقيقة، وإن لم تكن عربية اللسان، تدخل المجال الحيوي للكيان المؤقت، غير آبهة به وبمن يقف خلفه من دول عظمى على رأسها الشيطان الأكبر.. ولأول مرة تتمتع أنظار المكلومين وأعين المظلومين والمقهورين بمشهد المسيرات الإيرانية فوق القدس والمسجد الأقصى..

كان من الطبيعي أن نسمع أصوات بعض "المتفذلكين" الذين "لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب"، فهؤلاء برأيهم أن انطلاق عشرات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز ومئات المسيرات من الأراضي الإيرانية، وعلى الملأ، قاصدة الكيان الغاصب، هو مجرد مسرحية متفق عليها! وأمثال هؤلاء لا ينبغي الوقوف عند أراجيفهم ولا إضاعة الوقت بالردّ عليهم.

وثمة أصوات لمن لانشك بوطنيتهم، ولا بولائهم لقضيتنا المركزية، ولا بتعاطفهم الصادق مع محور المقاومة، رأت أن الردّ كان دون المتوقع، ولهؤلاء نقول: لننظر في الجوانب الإيجابية العديدة للردّ، وما سيترتب عليه مستقبلاً، ومن بعض هذه الإيجابيات:

-الجسارة في الردّ، هي انتصار قائم ذاته.

-تحقيق معادلات ردع غير مسبوقة من قبل محور المقاومة، أو وفق ما نقول في لغة السياسة "تغيير قواعد الاشتباك" والارتقاء بها إلى مستويات عليا قد تكون بلا سقف.

-وإن كانت النقاط المستهدفة محدودة، بيد أنها رسالة شديدة اللهجة مفادها أن بمقدورنا استهداف أي نقطة في كيانكم الغاصب.

-تأكيد الفعالية العالية للسلاح الذي يمتلكه محور المقاومة، والدقة العالية التي يتمتع بها، فمثلاً دقة إصابة صاروخ خيبر هي 30 مترا بناء على مدى ألفي كيلومتر، وهو سلاح بمعظمه صناعة إيرانية.

-الحالة النفسية التي خلقها الردّ في قلب ونفوس المستوطنين الصهاينة، وهذا ما يؤكده الازدحام الشديد الذي شهده مطار بن غوريون، من قبل مستوطنين يريدون مغادرة الكيان؛ وهم معذورون في هذا، إذ ماذا لو تعمّدت إيران تفجير مسيراتها فوق الأبنية السكنية وعلى المنشآت العامة.. الخ؟ وحالة الذعر التي عاشها المستوطنون تأتي تعزيزاً كبيراً للحالة التي يعيشونها منذ 7 أكتوبر 2023.

-إظهار الجرأة الإيرانية، من خلال تحديها للشيطان الأكبر وأتباعه الغربيين وأذنابه من العرب، بالفعل لا بالقول فقط، من خلال ردّها ذاك.

إظهار الردّ مدى ضعف وهشاشة الكيان المؤقت، والذي لايملك سوى قتل الشيوخ والعُجز والأطفال والتعبير عن مدى وحشيته وإجرامه التي يترجمها عبر طيرانه الحربي.

-الردّ الإيراني، ينعكس ايجاباً على جميع أطراف محور المقاومة.

-اعتراف العدو بأن الهجوم كان فوق ماتوقعه من جهة تعقيده وطريقة الإعداد له.

-إظهار ضعف وهشاشة منظومة الدفاع الإسرائيلية.

-اعتراف العدو بأن كلفة التصدي على الردّ الإيراني وتبعاته، بلغت المليار دولار.

-حالة الانشطار السياسي التي يعيشها قادة الكيان، بين من يدعو للرد على إيران وبين من يطالب بعدم الردّ.

-تواصل العديد من دول العالم الوازنة والمقربة من الكيان المؤفت، ومطالبتهم له بعدم الردّ. ولذاك التواصل وهذا الطلب قراءات عدة، منها حفظ ماء وجه الكيان من خلال احترامه لرغبة حلفائه بعدم الردّ.

ختام القول، إن الردّ الإيراني تاريخي فعلاً بمجرد القيام به، وهو أكثر من تاريخي من جهة ما ترتب وسيرتب عليه في الأيام والأشهر القادمة، وإن سنوات عمر الكيان باتت معدودة بإذن الله.

رئيس التحرير