كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

زيارة الأسد إلى الامارات تدق أوّل مسمار في نعش الأحادية القطبية

أُبي حسن- فينكس:

سبق أن كتبنا أن "التاريخ يُضبَط على توقيت "موسكو- دمشق""، و كنّا، و مازلنا، نعي حرفية ما قلناه، و ها هي زيارة الرئيس السوري بشّار الأسد إلى الامارات العربية المتحدة بتاريخ 18 آذار 2022 على رأس وفد رفيع و مُصغّر، تؤكد حقيقة ضبط التاريخ على التوقيت السوري- الروسي، بدلالة انزعاج الإدارة الامريكية من تلك الزيارة، و بالآتي عدم سرور بقية الأذيال و الأذناب الأمريكية المنتشرة في أصقاع المعمورة ان كان في القارة العجوز او في بعض المحميات الامريكية في الاصقاع العربية.

أبسط دلالات زيارة الرئيس الأسد، على الصعيد السوري، تكمن بأن العرب هم من بدأ بقرع أبواب دمشق، بدلالة أن زيارته للإمارات أتت بُعيد زيارة وزير خارجيتها لسوريا بنحو أربعة أشهر، فالمعروف أن الأخير زار دمشق بتاريخ 9/11/2021، و هي زيارة كانت بمثابة الاعلان الرسمي عن الانفتاح العربي على دمشق و فك طوق العزلة المفروضة عليها، و لا نظن أن تلك الزيارة ستكون الأخيرة، إذ يبدو أن سبحة الانفتاح كرّت، و هذا ليس غريباً، فبعض العرب كانوا مُجبرين على موقفهم السابق و غير المنصف من "قلب العروبة"..

و المفترض أن تنعكس النتائج الايجابية للزيارة على الصعيد الاقتصادي السوري، و إن كانت تلك النتائج قد تستغرق بعض الوقت.

أما على الصعيد الدولي، فقد لا يكون ثمة رابط مباشر بين زيارة الأسد السوري للامارات، و هي -كما قيل- كانت مقررة قبل عملية إعادة تصحيح التاريخ في أوكرانيا، و بين تلك العملية المجيدة، لكن بالرغم من ذلك لا يمكن فصلهما عن بعض من حيث النتيجة. و لا نبالغ إن قلنا هنا إن إعادة تصحيح التاريخ بدأت فعلياً عندما واجه الجيش العربي السوري و قيادته أقذر حرب عرفها التاريخ، نعني الحرب التي فُرضت على سوريا، و التي كانت تهدف فيما تهدف -عدا تجزيئها للمُجزّأ و جعل المنطقة تدور في الفلك الصهيو امريكي أخونجي- إلى تطويق الاتحاد الروسي و إضعافه من خلال اقصائه عن المياه الدافئة في حوض البحر المتوسط و من خلال تطويقه بالأعداء شرقاً، و هذا كُلّه تم اجهاضه بتضحيات الجيش السوري و صمود قيادته إضافة إلى مساعدة الحليف الروسي و الصديق الإيراني.

في سياق مواز، نجد أن موقف الامارات العربية المتحدة إزاء الحرب الروسية- الأوكرانية هو موقف رزين و حصيف، تماماً كموقفها الذي لم يكن متطرفاً و تحريضياً من الحرب الجائرة على سوريا طوال عشر سنوات مضت، بهذا المعنى يمكن القول إن زيارة الرئيس السوري للإمارات أتت تتمة لتصويب التاريخ لكن بمعنى أوسع و أشمل من الجانب العسكري الذي تقوم به -راهناً- روسيا في خاصرتها "الرخوة"، فزيارة الأسد جاءت تتويجاً سياسياً للانتصارات العسكرية التي سبق أن حققها الجيش العربي السوري على الإرهاب و داعميه في سوريا، كما هي في السياق ذاته تتويج لانتصارات الجيش الروسي في أوكرانيا، إذ لا يمكننا الفصل بين الإرهاب الذي عانت منه سوريا و بين الإرهاب الذي يقوم به "النازيون الجدد" في كييف، خاصّة أن المُشغّل للإرهابيين في سوريا و للنازيين الجدد في أوكرانيا هو مُشغّل و مُستثمر واحد.

انطلاقاً مما سبق، لا نتردد في القول إن زيارة الرئيس الأسد الى الامارات، وسط امتعاض امريكي، هي اشعار بنهاية الأحادية القطبية، لا بل هو -أي الأسد- من خلال تلك الزيارة، و في ظل الأجواء الدولية شديدة التعقيد- دق المسمار الأوّل في نعش الأحادية القطبية مُعلناً أن العالم بدأ يستعيد توازنه و إن ببطء.

و هي زيارة من شأنها أن تعبّد الطريق أمام علاقات مميزة مستقبلاً بين الامارات و الاتحاد الروسي، لا سيّما أن "الهيبة" الأمريكية الناجمة عن البلطجة و الترهيب في ظل غياب الرادع الدولي، قد بهتت، و هي في طريقها الى الزوال، و إن غداً لناظره قريب.