كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

محمد بن سلمان حامل لمشروع نهضوي عربي

أُبي حسن- فينكس

ليس من قبيل المصادفة أن يحوز الأمير محمد بن سلمان، وفي عامين متتاليين -عام 2021 و2022، على صفة "القائد العربي الأكثر تأثيراً". فكما هو معروف أن القائد العربي الشاب (بن سلمان) حصل في الاستفتاء الذي أجراه موقع روسيا اليوم، نهاية العام الفائت، على نسبة 62،3 بالمائة من نسبة المصوتين الذين بلغ عددهم 12 مليون صوتاً، بمعنى أن سبعة ملايين وقرابة نصف المليون ممن شاركوا في الاستطلاع رأوا أن سموه هو القائد العربي الأكثر تأثيراً لعام 2022.

والمراقب للإنجازات الداخلية والخارجية لابن سلمان سيجد من الطبيعي أن يحز سموه على ذلك الترتيب، وعلى مدى عامين، وهو يستحقه بجدارة فعلاً، فعدا عن شخصيته القوية والحازمة فيما يخصّ الشأن السعودي العام، هو صاحب مشروع ورؤية، و لانقصد بالرؤية هنا رؤيته للسعودية عام 2030 التي تم الإعلان عنها 25 نيسان 2016 و هي خطة لمرحلة ما بعد النفط في السعودية يتزامن الإعلان على الانتهاء منها مع نهاية تسليم ثمانين مشروعاً حكومياً عملاقاً، (وعملياً يمكن للمهتم أن يطلع على الرؤية السعودية 2030 عبر شبكة الأنترنت، وهي جديرة بالاطلاع و الاهتمام).. الرؤية التي نقصدها أبعد مما سبق ذكره بكثير، فالأولى هي رؤية تخصّ السعودية وحدها فيما نعنيه يتعدى حدود المملكة بكثير.. فليس سرّاً أن بن سلمان صاحب مشروع نهضوي عربي تنويري، فقد استطاع سموه، وخلال مدة وجيزة اقناع رجال المؤسسة الدينية السعودية، بضرورة الإصلاح الديني الجدي لا الشكلي، فكان لابد من إخضاع المؤسسة الدينية للتجديد ولإعادة النظر في الكثير من القضايا التي لا تمسّ عقائد الدين بل أمور الدنيا والحياة العامة، والمعروف والشائع في بلداننا العربية والإسلامية أن السطوة كانت للمؤسسات الدينية التي كثيراً ما كانت تتجاوز الدور المنوط بها.

إذاً، كان من الثورات الإصلاحية التي قام بها سموه هي توجيه رجال الدين كي يقوموا هم بأنفسهم بإصلاح ماتهدّم من أمور فهمنا لديننا الحنيف بفعل ترسبات الزمن وعوامل الجهل والشح المعرفي والانغلاق على الآخر، وهذه ثورة لا ينبغي أن نقلل من شأنها، لأنه لا معنى لنهوض أمة العرب والإسلام إن لم تنهض بلاد الحرمين كونها تختزن روح الإسلام وفي بقاعها تكمن مقدساتنا الأسمى. وكي لا أتهم بالمبالغة فيما سبق، لنتذكر النهضة التي بثّ روحها في مصر الكنانة محمد علي باشا في النصف الأول من القرن التاسع عشر، ولنتذكر كيف أنها لم تؤت أُكلها كما ينبغي، ويقيني ليس السبب كائن في تآمر الغرب عليه، قدر ما هو كائن في أن مصر (مع بالغ احترامنا لها تاريخاً وشعباً) ليست شبه جزيرة العرب التي منها شع النور المحمدي، من هنا نعتقد بأهمية النهضة السعودية وانعكاسها ايجاباً على المسلمين عامة، والعرب منهم خاصة، وهذا ما يفعله سمو ولي العهد..

ولأن القائد العربي السعودي الشاب، قارئ إيجابي للواقع، فقد قدّم حِزماً كبيرة في الإدارة، كما نجح إلى حد كبير في مكافحة الفساد، والقضاء على التطرف في بلاده، وعزّز التوازن الاقتصادي فيها، مما ضاعف الناتج المحلي لوطنه، ورفع معدلات التوظيف، ومكّن المرأة السعودية في الكثير من ميادين الحياة العامة، ومجمل ما ذكرناه يكشف حجم الجهد الحقيقي الذي يبذله سمو ولي العهد لتطوير المواطن والمجتمع في مختلف القطاعات ومجالات الحياة في بلاده، والأشقاء في السعودية أدرى منا بهذه التطورات والإصلاحات وأحق بالحديث عنها من كاتب هذه السطور.

أما في المجال السياسي فقد قاد سموه، وباقتدار، ملفات العلاقات السياسية مع أمريكا وما حققه في هذا المضمار لم يسبقه إليه أي حاكم أو قائد سعودي سابق (مع الاحترام لمن سبقه)؛ ولا نكون قد اكتشفنا لغزاً إن قلنا إنّه -بن سلمان- دارس حذق للتاريخ بوصفه حركة مستمرة وفاعلة و ليس باعتباره أخباراً ماضية لمن سلف، و مصداق قولنا نجده في طريقة إدارته لملف العلاقات الأمريكية – السعودية في ضوء المتغيرات على الساحة العالمية، و لنضرب مثلاً في هذا الحقل بما صرح به وزير الخزانة الأمريكية السابق لورانس سامرز بتاريخ 15 نيسان 2023 إذ قال بكل وضوح إن "القرار المشترك للمملكة العربية السعودية وروسيا وأعضاء آخرين في مجموعة "أوبك +" بخفض إنتاج النفط الخام، صعّب من مهمة مكافحة التضخم في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو ودول أخرى." ففي هذا الاعتراف الأمريكي الرفيع والخطير إقرار بدور السعودية في رسم مستقبل الاقتصاد السياسي العالمي.

وعلى ضوء القراءة الواعية جيداً وإيجاباً -من قبل سموه- للتاريخ وحركته، رسم بن سلمان مستقبل العلاقات مع روسيا والصين ودول شرق آسيا، ومن ثمّ دول أوروبا، وكذلك الدول العربية والإسلامية ليتكلل مسعاه النبيل على الصعيدين الإقليمي و العربي في عودة العلاقات الطبيعية مع ايران على قاعدة الاحترام المتبادل و المنافع المتبادلة، كما كان من نتائج سعيه الصادق في هذا المضمار هو العزم على انهاء المأساة في سوريا واليمن التي دفعت ثمنها الشعوب العربية البريئة في جميع البلاد المعنية، وقد نجح سموه في إدارة هذه القضايا بامتياز، ما رفع من مكانة المملكة عالمياً، وهذا أحد أسباب جعل العاصمة الرياض محجاً سياسياً للوفود العربية و الأجنبية، وبالآتي باتت مركراً حسّاساً للقرارات السياسية والاقتصادية، تجد تفسير بعض ما سبق ذكره في ترؤس السعودية لاجتماعات قمة العشرين منذ فترة ليست ببعيدة، إضافة إلى تسجيلها قفزات في مؤشر التنافسية العالمية، و مشروع البحر الأحمر الذي كان لافتاً أن يعقد سموه اجتماعه، قبل بضعة أيام، مع الوزراء السعوديين فيه، و كان عقد ذلك الاجتماع في البحر الأحمر رسالة بالغة الدلالة لما يفكر فيه سمو ولي العهد، وأرجّح أن الوزراء السعوديين التقطوها. طبعاً يطول الحديث في الجانب الاقتصادي الإصلاحات التي تمت في هذا الحقل كتحويل شركة آرامكو إلى شركة مساهمة، ومشروع نيوم.. الخ، وللحديث عن هذا الجانب أهله..

عود على بدء: إن المراقب لما أنجزه بن سلمان خلال سنوات قليلة من بروز نجمه على الساحة السياسية السعودية، وبالآتي الساحتين العربية والدولية، يدرك أنّ الأمير الشاب هو فعلاً أكثر قائد عربي تأثيراً على الساحة العربية وهو صاحب مشروع نهضوي عربي تنويري على الصعد كافة، بمعزل عن بعض الأخطاء التي قد تعتري مسيرة هذه النهضة، ووجودها أمر طبيعي.

ختاماً: لا يسعنا سوى التعبير الصادق عن رغبتنا الجامحة بأن ينجح سمو ولي العهد في مسعاه، لأن في نجاحه نجاح العرب كلهم وطيف واسع من المسلمين غير العرب، وفي نهوضه بالسعودية الى المكانة التي تستحقها نهوض لجميع اللاهجين بحرف الضاد، لذا من واجب كل عربي شريف ومسلم غيور ان يقف الي جانب بن سلمان، لأنه بوقوفه معه وبجانبه فهو يقف مع نفسه اولاً ويقف في سبيل نهوض أمته ثانياً..

اللهم اجعل النجاح حليف القائد العربي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في يصبو اليه من عزّة ومجد للسعودية وللعرب والإسلام.