كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

فيض إنساني سوري و عربي بحجم الزلزال

فينكس:
أثبت الشعب السوري إبّان تعامله مع الكارثة التي أصابته فجر السادس من شباط 2023 أنه شعب في منتهى الحيوية و الرقي و الأخلاق، و أن سنوات الحرب الجائرة و الجارحة لم تنزع منه روح المحبة و التآلف و الرحمة، فلقد شاهدنا كيف تسابق الكثير من السوريين، و في جميع المحافظات و المناطق المنكوبة للمساعدة بنقل المصابين و الجرحى إلى المشافي، و المساهمة في إزالة الأنقاض و إن كان بأدوات بدائية و بسيطة.. الخ. كما ساهم أبناء هذا الشعب في تقديم وسائل البقاء على قيد الحياة لمن فقدوا منازلهم و مد يد العون لهم في الكارثة التي أصابتهم.. باختصار: أثيتوا أنهم عائلة واحدة متكاتفة و متآلفة.

على الضفة الأخرى، كانت النقابات و الاتحادات في سورية على قدر المسؤولية، إذ سرعان ما بادرت نقابة الفنانين السوريين للإعلان عن التبرع بمبلغ مالي قدره 75 مليون ليرة سورية، كما طالبت بأن يكون هذا اليوم الأربعاء 8 شباط 2023 يوماً للتبرع بالدم للجرحى. و بدوره اتحاد غرف التجارة السورية بادر لمد يد العون بهذه الطريقة أو تلك.. أما الجبهة الثقافية ممثلة باتحاد الكتاب فقد نشطت في قاهرة المعز ليثمر نشاطها عن مطالبة لفيف من الأدباء و الكتّاب للمطالبة برفع الحصار الجائر عن وطننا، و القائمة تطول.
المحافظات السورية غير المنكوبة، أرسلت على الفور المساعدات، فدمشق و ريف دمشق أرسلتا طواقم الإسعاف إلى محافظتي حماة و اللاذقية، فيما محافظة السويداء أرسلت المواد الغذائية و لوازم الأطفال و غيرها إلى المحافظات المنكوبة.. قبالة ذلك كان المسؤولون السوريون في الحكومة عبارة عن خلية نحل من خلال جولاتهم و متابعاتهم تنفيذاً لتوجيهات سيد الوطن عقب اجتماعه الصباحي بهم بُعيد الكارثة.
يضاف إلى ما سبق التضامن العربي مع سوريا، حتى من دول كانت تتآمر عليها و تساعد العدوان طوال سني الحرب الظالمة.. و هنا تنبغي الإشارة إلى فائض النخوة و الرجولة لدى الجزائر الشقيقة و العراق الشقيق، و لا ننسى دولة الامارات الحبيبة و الأردن و لبنان و غيرهم من دول صديقة كإيران و روسيا و الهند.. إلخ.
و حقيقة كان الفيض الإنساني الذي شهدناه ممن ذكرنا من سوريين و عرب بحجم كارثة الزلزال، و هذا لا يمنعنا أن نشير إلى بعض المباني المنشأة حديثاً في بعض المدن، كمدينة جبلة مثلاً، إذ هل يعقل أن تنهار بمثل هذه السهولة و هي حديثة البناء فيما لو التزم القائمون على انشائها فعلاً بضوابط البناء و قوانينه الناظمة؟ ألا يفترض أن يكون البناء الحديث مصمماً ضد الزلازل؟ نعتقد أن هذه المسألة ينبغي أن تدرّس جيداً من خلال المسؤولين المعنيين بعد الانتهاء من آثار الكارثة، و أن يتم التعامل معها بحزم، فليس "السيد" الفساد أغلى و أكثر قيمة من أرواح الناس.
من ثم لماذا لم نستفد من تجارب الصديقة ايران في موضوع البناء، و هي التي عانت كثيراً من الزلازل، فكان أن اعتمدت البناء بالحديد.. لا نظن أن الاستفادة من تجارب الآخرين معيب أو شائن، بل العيب هو أن لا نتعلّم من أخطاء غيرنا و ليس أخطاءنا نحن فحسب. 
نعم، أثبت السوريون أنهم عائلة واحدة، قيادة و شعباً، و كانوا محط احترام الجميع، و يبقى أن نترحم على ضحايا الزلزال، سائلين الله الشفاء للمصابين.