كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

بيان!

أُبي حسن- فينكس:

اكتفت فضائية الإخبارية السورية، وعلى خلفية الخطأ الذي اقترفته باستضافة داعية التطبيع مع العدو الصهيوني يوسف زيدان، بإصدار بيان (نسخة منه عقب المقال) تؤكّد فيه وطنيتها، مذكرة بوقوفها جنباً إلى جنب مع الجيش العربي السوري طوال سني حربنا مع الإرهاب، أنها لم تُثر مع ضيفها مسألة التطبيع! إذاً، والحال هذه، لتستضف الفضائية المذكورة الصهيوني "أفيخاي أدرعي" دون أن تُثر معه موضوع احتلال عصابات الصهيونية لفلسطين والجولان!

ومن نافل القول، إن الفضائية إياها لم تعتذر من الشعب السوري عن خطئها باستضافة من اعتبر أن ارهابيي جبهة النصرة ومرتزقة النظام التركي وشذّاذ الآفاق الذين كانوا يذيقون حلب الويلات قبل تحريرها، نقول اعتبرهم المُطبع زيدان "فراشات الحرية" وأن جيش النظام بحسب تعبيره يصطادهم! إذ قال بالحرف، وفي مناسبة تعقيبه على قصيدة للشاعر الكبير محمود درويش: "والعجيب هنا، أن الشاعر يوم كتب قصيدته هذه المروعة (أثناء حصار إسرائيل لبيروت) لم يكن يخطر بالبال أن تُحاصر حلب بالفعل مثلما هي محاصرة اليوم تحت أنظار الجميع، ليس بجيش الصليبيين أو الإسرائيليين الجدد، وإنما بجيش سوريا النظامي الذي يأتمر لرغبات "الأسد" الذي ينهش منذ شهور طوال فراشات الحرية ولن يشبع أبداً."

لنتفق، أن الاعتذار عن الخطأ ليس من مكونات الثقافة العربية لا سابقاً ولاراهناً، ولذلك عادة ما يلجأ المخطئ لدينا إلى المداورة والمراوغة بذريعة الاعتداد بالنفس، فالمهم بالنسبة لديه أن لايقول أنا أخطأت في تصرفي هذا أو موقفي ذاك.

بالعودة الى البيان الذي أصدرته الإخبارية أمس، وأكدت فيه على وطنيتها، سنرى أن القائمين على أمر الفضائية المذكورة، لو كانوا أوفياء لدماء شهداء الوطن عامة وشهداء الإخبارية خاصة لما كانوا استضافوا شخصية مريضة تفاخر بتطبيعها مع العدو التاريخي لنا من جهة، وناصرت وتناصر الإرهاب الذي كان أحد ضحاياه شهداء الإخبارية ذاتها، من جهة أخرى!

طبعاً، قد يقول قائل في الإخبارية أو سواها: ها هي الدولة انفتحت على بعض الدول العربية التي كانت تدعم الإرهابيين بالمال والمال والسلاح والاعلام، كما هي -أي الدولة- تتحاور مع تركيا أردوغان للانسحاب من الأراضي السورية في الشمال، وردنا على هذا السائل حال وجد: إن سياسات الدول تختلف عن سياسات المؤسسات العامة العاملة لديها والمنظمات والأفراد فيها، فمن شأن الانفتاح العربي على سوريا أن تخفّ وطأة الإرهاب عنا من خلال كفّ بعض "الأشقاء" عن دعمهم له، كما قد يكون لذلك الانفتاح أثره في تحسّن الوضع الاقتصادي لوطننا.. الخ، أما ماهو المكسب الذي حققته الإخبارية من خلال استضافتها لمّطبع رخيص، بمعزل عن مكانته الأدبية التي نتفق أو نختلف حولها؟ وما هي الفوائد التي جنتها من لقائها عمن أجهش بالبكاء وهو يرى جيش النظام يصطاد "فراشات الحرية" (لطفاً اقرأها: ارهابيي جبهة النصرة ومجاهدي تركمانستان ومجاهدات النكاح.. الخ) في حلب؟

وهل من اللائق استضافة مثل هذه الشخصية اللقيطة والحرب لم تضع أوزارها بعد؟ ناهيك عن مشاعر أرامل الشهداء وأولادهم وآبائهم وأمهاتهم؟ وهل أخذت الإخبارية بالحسبان مشاعر من أقعدتهم الحرب؟

ما أقدمت عليه الإخبارية ليس هفوة، وبيانها غير كاف، إذ هي تكاد (نؤكد على "تكاد") تبرر فيه موقفها، دون أدنى شعور بتأنيب ضمير، بدليل لغة البيان المتعالية..

من جانب آخر، وفي ظل استفحال الأمية الإعلامية، باعتبار أن الكثير من إعلاميينا، صاروا إعلاميين بقوة الفساد (أحد أوجهها الوساطة، وأشياء أُخر)، ظهر مؤخراً تقرير عبر الفضائية السورية، اعتبر معدوه أن أبواب دمشق التاريخية هي أبواب رومانية، متجاهلين أن عمر دمشق ينوف عن الاثنتي عشر ألف عام، أي قبل أن تولد روما التي رأت النور في القرن الخامس قبل الميلاد! لابل بعض المصادر تشير أن السوريين هم من بنوا روما، وهذا ما يؤكده عالم التاريخ الدكتور أحمد يوسف داود الذي قال إن: "المهندس السوري هو من صمم وبنى روما نفسها.. جاءهم من دمشق بناء على طلب مباشر من الامبراطور "تراجان في القرن الأول ميلادي.

ختاماً: لم نستغرب حالة التخبط التي وصلنا إليها في إعلامنا، وبالنسبة لنا كانت متوقعة في ظل العقلية الراهنة التي تدير الاعلام السوري، وقد تكون هذه الحالة انعكاساً لحالة تخبط أخرى على المستوى الحكومي ككل، والله أعلم! 

*****

أدناه بيان الإخبارية:

#بيان

تؤكد إدارة قناة #الإخبارية_السورية أن ماورد في حلقة برنامج "جذور" يوم السبت في الرابع والعشرين من الشهر الماضي لم يتطرق لأي عبارة أو تلميح من قريب أو بعيد للتطبيع مع العدو الصهيوني ولم ترد أي عبارة تخالف الثوابت الوطنية السورية.

وإن الإخبارية السورية الوفية لقضايا الوطن والمواطن والتي كانت كتفاً بكتف مع الجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب ونقل الحقيقة لمواجهة التضليل والتزييف تشدد على أنها ستكون أكثر دقة في اختيار ضيوف برامجها