كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

قوى العطالة

بشار عباس

 قام عدد كبير من رجال الدين تاريخياً بتحريم كل ما هو جديد وعملوا بذلك على تعطيل تقدم الحياة، ولا حاجة لتكرار أشياء معروفة من العصور الوسطى في أوربا، التي تشكل فيها محاكم التفتيش واضطهاد غاليليو وغيره من العلماء أبرز مثال على ذلك، ولكننا هنا بصدد الحديث عن دور قوى العطالة في فتاوى رجال الدين الإسلامي.
فقد أفتى هؤلاء بتحريم القهوة وتحريم استخدام صنبور الماء (ما عدا المذهب الحنفي ولذلك سميت بالحنفية) وتحريم الطباعة ووقفوا بقوة في وجه طباعة القرآن وحرموا إذاعة تلاوة القرآن من الإذاعة وحرموا تدريس الفلسفة وحرموا تدريس العلوم الطبيعية لأنها تعترف بتطور الكائنات الحية، وطال التحريم أيضاً علوم الفضاء التي تقول إن الأرض كروية وإنها تدور حول الشمس وإن القمر يدور حول الأرض ويستمد نوره من الشمس، وإن الشمس مثل النجوم الأخرى تضيء من ذاتها، بل وأنكر بعضهم وجود الشمس والنجوم وقالوا: إن هي إلا مصابيح زين الله بها وجه السماء (يا للهول!!؟؟) والقائمة طويلة لا تنتهي، ولو تمكنوا من إخضاع المجتمع لفتاواهم لكان هذا المجتمع أكثر بؤساً بكثير مما نجده عليه اليوم، وعلى الرغم من ذلك فإنهم ما زالوا يحاولون وقف حركة الزمن.
ويجب أن نعترف أن هذه الكثرة المهيمنة على الفتاوى الدينية الإسلامية ليست قاعدة دائمة فقد ظهر من بين المشايخ رجال لم يقفوا في وجه التطور بل ساعدوا في تقريب التقدم إلى أذهان العامة مثل الإمامين جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده في القاهرة وخير الدين التونسي في تونس والشيخ سعيد الجزائري الذي أسس حلقة علمية في دمشق والشيخ عبد الحميد بن باديس الذي أسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والشيخ محمد البشير الإبراهيمي في الجزائر، ومن رجال دين المذهب الشيعي نذكر السيد محسن الأمين في دمشق والسيد محمد حسين فضل الله في بيروت، ومحمد كاظم شريعتمداري من إيران وعلي شريعتي والسيد أحمد الكاتب من العراق (اسمه الحقيقي عبد الرسول عبد الزهرة عبد الأمير بن الحاج حبيب الأسدي). وكثيرون غيرهم من معظم المذاهب الإسلامية لا يزالون إلى اليوم يكافحون ضد الجهل والظلام.
خلاصة القول: علينا أن نكون واعين لتطورات العالم الذي نعيش فيه، وعندما تأتينا فتوى من شيخ متخلف لا تنسجم مع العقل علينا أن ندرك أن العيب في فهم الشيخ وليس في النص الديني.