العصر الجليدي القادم.. ح2
2023.06.23
باسل علي الخطيب- فينكس:
يقول الخبر أنه قد قتل 54 جندياً أوغندياً من قوات حفظ السلام الأفريقية في الصومال، إثر هجوم شنته حركة الشباب الصومالية على قاعدتهم قرب مقديشو، هذه الحادثة حصلت قبل أسبوعين تقريباً...
حتى هنا يبدو الخبر اعتيادياً، نظراً للاضطرابات و الفوضى التي يعانيها الصومال....
يأتيك خبر آخر يتحدث عن مقتل 25 أوغندياً في هجوم شن على إحدى المدارس في هذا البلد، و مرة آخرى يبدو الأمر و كأنه اعتيادي حيث أن معظم البلدان الإفريقية تعاني من بعض الفوضى....
و لكن....
دعونا نأخذ نظرة بانورامية، و نطرح السؤال التافه التالي: لماذا أوغندا تحديداً؟.... وقد خسرت أكثر من ثمانين من مواطنيها خلال أسبوعين في هجومين منفصلين؟
لن نحتاج الكثير للبحث عن الإجابة، قبل أيام من الهجوم الأول، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيفرض عقوبات على أوغندا و الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني لأنه قد سن قانوناً لمحاربة المثلية في بلاده...
أتراها مصادفة؟!...
إن هجوم حركة الشباب الصومالية استهدف لاحقاً الحنود الأوغنديين فقط، وبعد أيام معدودة؟...
خذوا علماً، هذا الهجوم كان تباشير العقوبات...
قبل يومين من الهجوم الثاني، خرج علينا أمين عام الأمم المتحدة انطونيو غويريتش ليقول أنه قلق بسبب قوانين محاربة المثلية في أوغندا.....
ماهذه الصدف التي لاتنفك تتكرر؟!...
قبل أيام، ارتفع فوق البيت الأبيض علم المثليين بجانب علم الدولة، بعد أن كان جو بايدن قد أعلن وبكل فخر أن أمريكا أمة مثلية.....
بالمناسبة، من الممنوع حالياً في المؤسسات التعليمية الأمريكية منذ الروضة حتى نهاية التعليم الثانوي ذكر كلمتي ذكر أو أنثى، لا يسمح للطلاب أن يعرفوا عن اأنفسهم أنهم ذكوراً أو إناثاً خلال هذه الفترات، من مبدأ إعطائهم الحرية أن يختاروا هم لاحقاً من يكونوا، ذكراً أو أنثى بعد نهاية المرحلة الثانوية!...
صار تعريف الذكر في تلك المؤسسات هو الكائن المنتج للحيوانات المنوية، و تعريف الأنثى هو الكائن الذي يحمل البويضات....
يتفاخر البريطانيون أن برلمانهم هو الأكثر مثلية في العالم،تراهم وعلى سبيل المثال في سبيل الدعاية لهذا الأمر يضيئون ملاعب كرة القدم من الخارج بعلم المثليين، يرتدي هاري كين كابتن منتخب إنجلترا و غاريث بيل كابتن منتخب ويلز السابق علم المثليين كإشارة قيادة الفريق بدل علم بلاده.....
كانت مهمة ترويج العقيدة المثلية بالنسبة للمنتخب الألماني في كأس العالم 2022، أهم من ربح المباريات والكأس، و نذكر تلك اللقطة المقرفة عندما تم تصوير اللاعبين و هم يضعون أيديهم على أفواههم اعتراضاً على منعهم عن التعبير عن دعمهم للمثليين....
في السويد أعلنوا عن مسابقة للجنس، يتبارى فيها 20 زوجاً على مدى أسابيع، هناك اتجاه لاعتبار الجنس نوعاً من أنواع الرياضة، رياضة لها معايير وقوانين وحكام وجماهير ومسابقات، ولن أستغرب إن تمت المطالبة لاحقاً بإدراجها ضمن الالعاب الأولمبية....
في العديد من الدول الأوروبية تم سن قانون أسموه قانون الشرف، صراحة لا أعرف لماذا أُعطي هذا الاسم، القانون ينص أنه عندما يبلغ الابن أو تبلغ الابنة عمر 12 سنة لا يحق للأهل في أي حال من الأحوال التدخل في حياتهم الشخصية، و يعاقب القانون على المخالفة، إلى درجة أنه ممكن أن ينتزع الطفل من أسرته....
العقيدة المثلية في أوروبا الغربية و أمريكا، قد قطعت شوطاً كبيراً، و صارت أحد أساسيات السياسة التربوية و التعليمية هناك، صارت ورقة انتخابية، و صارت معياراً للديمقراطية و الرقي و التحضر، حتى المستوى الديني لم يسلم منها، ولم يستطع الوقوف في وجهها، بل أنه صارت هناك كنائس للمثليين....
ليست القصة أن أوروبا و أمريكا تغرق في قاذوراتها، و ترى ذلك أمراً حسناً و عظيماً، ليست القصة أن أوروبا و أمريكا فقدتا حاسة الشم مع كل تلك الروائح النتنة التي صارت تلف أجواء ثقافتهم و حضارتهم و فكرهم و كلامهم، ليست القصة أن أوروبا و أمريكا قد فقدتا عقليهما بعد أن فقدتا روحيهما و تتباهيان بذلك، إنما القصة أن أوروبا و أمريكا يريدون تصدير هذه القاذورات و هذه الروائح النتنة و هذا الجنون و هذه الثقافة إلى كل العالم، و لو بالغصب و الإكراه....
قلت و أعيد و أكرر، إن ما يجري على مستوى العالم من نزاعات خلال العقدية الأخيرة و منها الحرب على سورية، ليس له علاقة بمصالح أو جغرافية أو كراس أو عروش أو محاور فحسب، هذه أبعاد دنيا للصراع، التجلي الأساس لهذه الصراعات هو تجلي أخلاقي، الحرب في أوكرانيا ليست حرباً على أراضي، إنما هي حرب بين منظومتين أخلاقيتين، لا يمكن لهما أن تتعايشا، لذلك هي حرب كسر عظم، و هذا سينسحب على صراعات قادمة أخرى في العالم ستحمل هذا الطابع الحدي جدا.....
هذا التسارع في تحويل دول أوروبا و أمريكا إلى أمم مثلية عبر كل تلك القرارات، و محاولة فرض هذه العقيدة على بقية دول العالم، ليس إلا مقدمة لتلك المعركة الفاصلة...
كان عنوان مقالي السابق العصر الجليدي القادم، و قد كان توطئة لهذا المقال، العصر الجليدي قادم، وهو لن يكون برداً وسلاما، إلا لمن استمسك بالعروة الوثقى، هل مازلتم تبحثون عن المكان الذي ترسو فيه سفينة نوح؟