كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الفنان موفق بهجت: السوريون ابتدعوا الفولكلور.. وأمنيته أن يُكرّم في وطنه

لا تزال المكانة التي زرعها الفنان الكبير موفق بهجت في قلوب الناس وأغانيه التي قدمها عبر ستة عقود راسخة في قلوب الناس وذاكرة الأجيال، حتى اعتبر بحق أحد رموز العصر الذهبي للفن والموسيقا في سورية، مقدماً خلاله نوعاً فريداً من الغناء ما بين الأغنية الراقصة والقصيدة والرومانسية، إضافة إلى الأغنية الوطنية التي أخذت حيزاً واسعاً من مسيرته الفنية.

بداياته الفنية:

ابن مدينة دمشق حاول أن تكون بداياته الفنية من مدينته ويكون مخرجاً للمنوعات إلا أنه لم يتمكن من تحقيق طموحه، بسبب وجود العديد من العوائق فتوجه إلى لبنان بداية الستينيات للعمل الإخراجي، ثم ذهب إلى مصر واختار طريق الغناء بعد أن نصحه بعض الأصدقاء الذين استمعوا إلى صوته.

شهرته الفنية:

شهرته في عالم الغناء تحققت مع أولى أغنياته (عشقت في الأندلسية) للشاعر السوري الراحل مصطفى البدوي، والتي انتشرت على مستوى العالم العربي بشكل كبير، ما شجع المطرب السوري على المضي قدماً في عالم الأضواء.

وامتاز صاحب أغنية (بابوري رايح) بفنه الاستعراضي وخفة دمه وابتسامته فاختار الأغاني التي تتميز في الكلمة واللحن والصورة ضمن لون خاص به.

الأغنية الوطنية:

اتجه صاحب أغنية (عزي وبلادي سورية) في سنواته الأخيرة للتركيز على الأغنية الوطنية بدءاً من (سألوا الأحبة و بلدي يا عيني عليك) و(طير البشائر) وصولاً إلى أغنيته الأخيرة (عاش الوطن)، منطلقاً من حبه لوطنه ووقوفه معه باعتباره واجباً أخلاقياً وإنسانياً، ولإيمانه بدور الفن في ترسيخ حب الوطن بين الناس.

الأغاني الوطنية القديمة التي ما زالت في ذاكرة الجمهور:

الفنان بهجت في حوار مع سانا أكد أن الناس لا تزال تردد أناشيد وطنية قديمة تذكي فيهم الحماس والعنفوان من (سورية يا حبيبتي وبلاد العرب أوطاني) وغيرها الكثير، مشيراً إلى أهمية دور الأغنية الوطنية في تعزيز مفاهيم الانتماء والمواطنة.

ولفت بهجت إلى أن هاجس الأغنية الوطنية كان بداخله منذ بداياته الفنية حيث إنه من أوائل المطربين الذين غنوها ففي عام 1970 غنى للقائد المؤسس الراحل حافظ الأسد.. (الشمس طلعت يا أهل الغوالي) وهي من كلمات وألحان المبدع الراحل شاكر بريخان الذي ترك بصمة واضحة على الغناء الوطني والقومي وأغنية ثانية بعنوان (رعاك الله) التي لاقت شهرة واسعة على مستوى سورية.

ونلاحظ عند موفق بهجت ميله للحزن في أغانيه الوطنية الجديدة بدل الحماس ويعود ذلك حسب رأيه إلى الظروف الصعبة التي مرت على الوطن، معتبراً أن هذا النوع من الأغاني يعكس مشاعر وأحاسيس الناس.

ورداً على سؤال عما إذا كان للغناء الوطني نفس التأثير في الناس قبل خمسين عاماً رأى بهجت أن هذا الغناء يتأثر بالواقع المعيشي لذلك خف بريقه قليلاً، في حين كان للأغاني الوطنية القديمة تأثير كبير في نفوس المستمعين، وكثير منها غناها الأطفال في الحارات والقرى.

ويستمد بهجت أغنيته الوطنية التي يصنعها من الحدث الذي يطال الوطن أحياناً ومن مشاعره وعواطفه المتدفقة أحياناً أخرى، لافتاً إلى أن المرحلة التي يعيشها الفنان تفرض عليه خصوصية الأغنية، فأحيانا يستدعيه الواجب الوطني وأحيانا أخرى الحب فيتغنى ببلده كما يتغزل بحبيبته.

وعاد بهجت إلى جمهوره من بوابة الغناء الوطني بعد غياب استمر سبعة أعوام، من خلال أغنيته الجديدة طير البشاير التي كتبها ولحنها وأنتجها بنفسه، مبيناً أنه عندما كان مقيماً خارج الوطن للعلاج شاهد كيف تناقلت محطات التلفزة خبر استئناف مشاركة سورية في اجتماعات جامعة الدول العربية، واحتفاء العرب حيث تأثر بهذا الحدث ليعيده إلى بلده وفي جعبته نص الأغنية.

وسورية بالنسبة له هي الثقافة والتاريخ والحضارة العريقة ورغم سفره المتكرر إلى أوروبا إلا أنه كلما شعر بالتعب والشوق يختار قبلته دمشق ليعيش الفرح مع الناس بكل تفاصيلهم ويرى البساطة والمحبة في عيونهم مؤمناً بأن سورية رغم ما طالها من حروب وحصار لا تزال قلب العروبة النابض، ورغم كل الإغراءات التي حصل عليها إلا أنه لم يستطع العيش دون بلده لأن الوطن هو الكرامة والعزة.

وبين صاحب أغنية جاية مخباية أن السوريين هم أصحاب الفن والفلكلور اللذين أخذهما الرحابنة وعملوا منهما أعظم المسرحيات الغنائية، كما أن المطربين السوريين حملوا الفن الأصيل ونشروه في كل أصقاع العالم كفهد بلان وصباح فخري وميادة الحناوي وجورج وسوف، ويدين الكثير من نجوم الغناء العرب للإذاعة السورية في انتشارهم، ولا سيما مع وجود لجان موسيقية كانت تضم أسماء كبيرة مثل شاكر بريخان وسهيل عرفة، أما الآن فاختفت كل هذه التفاصيل برأيه وغاب معها تفاصيل وجماليات الأغنية السورية.

وعن رأيه بجيل المطربين الشباب:

بين صاحب أغنية (يمكن) أن الساحة الفنية الآن تفتقد لوجود مطربين يضعون نصب أعينهم اختيار الكلمة واللحن المناسبين كما الجيل الذي سبقهم مثل مروان حسام الدين ونعيم حمدي وعصمت رشيد وسمير سمرة والراحلة ميادة بسيليس الذين نشروا الأغنية السورية في العالم.

وعن عمله الأخير (عاش الوطن) من كلماته بالتعاون مع الشاعرة أليسار عمران وألحانه:

بين أنه عاد إلى سورية تقريبا منذ شهر حاملا معه فكرته من بلاد الاغتراب ويهدي هذا العمل إلى وطنه سورية الذي سيتم عرضه قريباً.

وعن جديده:

بين أنه بصدد التحضير لأغنية باللهجة السورية بعنوان (هالأفندية هي هي) من ألحان الفنان القدير حسام تحسين بك.

تجربته السينمائية:

وعن تجربته في السينما بين أنه شارك في عدة تجارب مع فنانين مصريين وكان الفيلم الأحب إلى قلبه السلم الخلفي من تمثيل ميرفت أمين ونور الشريف وصفاء أبو السعود، حيث غنى فيه أغنية سورية لمحمد ضياء الدين اسمها مجنون بحبك يا جارة.

أمنية الفنان بهجت الأخيرة:

الفنان الكبير بهجت الذي يحمل على كتفيه 86 عاماً قضى جلها في الفن والغناء، يقول في ختام حواره مع سانا: أتمنى لو أكرم على مسارح بلدي الذي أعشقه وعشت فيه وغنيت باسمه ولناسه ولقضاياه، وحملت راية الفن السوري في كل جولاتي ورحلاتي.

سامر الشغري- شذى حمود

سانا