كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

أبو نُوَاس - الحسن بن هانئ

محسن سلامة- فينكس

ولد عام 139 هجريّة، سُئل عن كنيته، أبو نُواس، فقال: (نُواس و يزن وكلال وجدن) أسماء جبال لملوك اليمن، ونسبي ينتهي إلى العرب اليمانية، يصل نسبه بسبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، قال:
أمِنْ تميمٍ؟ قلتُ: كلا ولكنّي من الحيِّ اليماني
مات أبوه هانئ وهو ابن ستّ سنين، فنقلتْهُ أمّه جلّبان إلى البصرة، فتعلّم الشيء الكثير، نظر في نحو سيبويه، وسمع الحديث عن أشهر رجالاته، وحفظ القرآن، وحفظ الشعر العربيّ،
قال ابن قتيبة عنه في كتابه الشهير: الشعر والشعراء: كان النواسيّ متفنّناً في العلم قد ضرب في كلّ نوع منه بنصيب،
قال عنه الجاحظ: ما رأيت أحداً أعلم باللغة من أبي نواس ولا أفصح منه لهجة،قد تكون صورة ‏نص‏
جاء في كتاب طبقات الشعراء لابن المعتزّ، الصفحة 201:
كان أبو نواس عالماً فقيهاً، عارفاً بالأحكام والفتيا، يعرف ناسخ القرآن ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه،
قال الشافعيّ: لولا خمريّات أبي نواس لأخذت عنه.
ورد في تهذيب تاريخ دمشق الكبير، لابن عساكر: كان المأمون ابن الخليفة هارون الرشيد يقول: لو سُئلت الدنيا عن نفسها ما نطقت عن نفسها كما نطق عنها أبو نواس:
إذا امتحن الدنيا لبيبٌ تكشَّفَتْ لهُ عن عدوٍّ في ثياب صديقِ
لم يتعرّض شاعر في العربيّة لحملة تشهير كتلك التي تعرّض لها أبو نواس، فقد كانت فئة من رجال السياسة يمارسون المجون في الخفاء ويقولون الشعر الماجن الفاحش، وينسبونه لأبي نواس، خوفاً من أن تهتزّ صورتهم، وينتقص قدرهم لدى الناس،
ثورته على منهج القصيدة وسخريته من الشعراء الذين يبدؤون قصائدهم بالوقوف على الأطلال أيضاً لعبت دوراً في حملة التشهير، يقول ساخراً من هؤلاء الشعراء:
قلْ لِمَنْ يبكي على رَسْمٍ دَرَسْ واقفاً ماضرّ لو كانَ جَلَسْ
كان محبّاً لآل البيت، ورد في وفيّات الأعيان لابن خلكان الجزء الثاني، الصفحة، 432.
قيل لأبي نواس: ما تركت شيئاً إلّا مدحته، وهذا عليّ بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين في عصرك لم تقل فيه شيئاً، فقال:
قلْتُ: لا أستطيعُ مدحَ إمامٍ كانَ جبريلُ خادماً لأبيه
ويتابع ابن خلكان في نفس الجزء نشر قصائد لأبي نواس في مدح عليّ بن موسى، الصفحة 433:
مطَهَّرون نقيّاتٌ ثيابهمُ تجري الصّلاة عليهم أينما ذُكِروا
مَنْ لم يكنْ علويّاًحين تنسِبُهُ فما لَهُ في قديمِ الدَّهرِ مُفْتَخَرُ
فاللّهُ لمّا برا خَلْقاً فأتْقَنَهُ صفّاكمُ واصطفاكم أيّها البشرُ
فأنتمُ الملأُ الأعلى وعندَكُمُ علمُ الكتابِ وما جاءَتْ بهِ السُّوَرُ
قبل أن يموت عام 199 هجريّة، دعا بدواة وقرطاس وكتب أبياتاً وضعها تحت وسادته:
ياربِّ إنْ عَظُمَتْ ذنوبي كَثْرَةً فلقد علمْتُ بأنّ عفوَكَ أعظمُ
إنْ كان لايرجوكَ إلّا مُحسِنٌ فَبِمَنْ يلوذُ ويستجيرُ المُجرِمُ
أدعوكَ ربِّ كما أمرْتَ تضرُّعاً فإذا ردَدْتَ يدي فَمَنْ ذا يرحمُ
ما إليكَ وسيلةٌ إلّا الرَّجا وجميلُ عفوِكَ ثُمَّ إنّي مُسْلِمُ