كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

في رحاب اللغة العربية

غزوان أحمد علي- فينكس

1- نعرف أن (قد) تكون حرف تقليل إذا جاء بعدها فعل مضارع، فكيف أتت في الآية: [قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا] الأحزاب 18, فهل هنا تقليل لعلم الله؟
2- وسؤال: لماذا كلمات كمثل: [صحراء، حسناء] ممنوعة من الصرف، بينما كلمات تُشبهها كمثل: [سماء، بناء] غير ممنوعة؟
وأيضاً كلمات جمع كمثل: [مواد، شعراء، عظماء، علماء، أصدقاء، أدباء، أشياء... الخ] ممنوعة من الصرف، بينما كلمات جمع تُشبهها كمثل: [أضواء، قُراء، أزهار...رالخ] غير ممنوعة؟
3- [وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ..]، لماذا [خيراً] منصوبة؟
4- وسؤال عن الفرق بين: [اسطاعوا] و[استطاعوا]، في قوله تعالى: [فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا] الكهف 97.
________________
1- [قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ...] وردت في سورة الأحزاب 18، وفي سورة النور في آيتين: 63 و64:
[قد] هنا هي حرف تحقيق وتكثير:
الشرح:
القواعد المدرسية تمر على هذا (الحرف) سريعاً وتختصره فتقول: إنه "قبل الفعل المضارع للتقليل وقبل الفعل الماضي للتحقيق"، ولكن المختصين يعرفون أنّ له دلالاتٍ عدةً بِحَسْبِ السّياق، وهي في كتاب [مغني اللبيب] لابن هشام، وفي غيره، وقد جعلوا لها خمس دلالات: [التحقيق، التقليل، التوقّع، التقريب، التكثير]، وليس شرطاً أن تكون حرف تحقيق قبل الماضي، مثال: [قد قامت الصلاة] فهنا (قد) حرف تقريب، فالصلاة لم تتحقق بعد، وليس شرطاً أن تكون حرف تقليل قبل المضارع، مثال: [قد يصل المُسافر في أيّة لحظة]، فهنا ليست للتقليل، بل للتوقّع... الخ.
فأمّا الآية: [قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ...]، فـ(قد) هنا للتحقيق وللتكثير، ولكي لا يأتي أحدهم ليقول إنما أضاف النحاة ذلك لأجل القرآن، فلن أستشهد سوى بالشعر القديم، يقول زهير بن أبي سلمى:
أخا ثقةٍ لا تُهلِكُ الخمرُ مالَه
.... ولكنّه قد يُهلك المالَ نائلُه
فالبيت لوصف الممدوح بالكرم، وأشعار كثيرة أتجاوزها منعاً للإطالة، ومعرفة القصد من (اللفظة) بحسب السياق شهير، كمثل: (رأى) العينية، و(رأى) القلبية، فلا نعرف أيّاً منهما إلا في السياق، وحتى كلمة [ربما] تأتي للتكثير بحسب السياق:
فإنْ تُمسِ مهجورَ الفناء فربما
أقام به بعد الوفود وفودُ
فالقصد: صحيح أن منزلك الآن مهجور، ولكن كثيراً ما كان الناس يجتمعون به ويتم إكرامهم.
2-
كل ما انتهى بألف وهمزة زائدة: [زائدة للجمع أو للتأنيث] يكون ممنوعاً من الصرف.
فأمثلة الكلمات السابقة غير الممنوعة:
سماء: الهمزة غير زائدة بل هي مُبدلة من [الواو]: سَمَوَ
بناء: الهمزة غير زائدة بل هي مُبدلة من [الياء]: بَنَيَ
أضواء: الهمزة غير زائدة، كذلك هي اللام في: ضَوَءَ
قُرّاء: الهمزة غير زائدة، كذلك هي اللام في: قَرَأَ
كمثل: [أزهار] من: زَهَرَ
بينما: [صحراء، حسناء، شعراء، علماء... الخ]: فهي ممنوعة لأنّ الهمزة زائدة: أي الجذر الثلاثي موجود في الكلمة قبل الألف، وعليه فإنّ كلّ ما انتهى بـ ألف وهمزة زائدة ممنوع من الصرف.
ملاحظة:
كلمة [أشياء]: أصلها [أشيئاء] فالهمزة بعد الألف زائدة، أي ممنوعة من الصرف.
كلمة: [موادّ]: هي موادِدُ، أي صيغة منتهى الجموع وبعد الألف حرفان، وكذلك الأسماء كمثلها التي بعد الألف حرف مُشدد.
كلمة [أسماء(جمع اسم)]: كلمة [اسم] نجدها في المعاجم في: [وَسَمَ], كمثل: [أحد] نجدها في: [وَحَدَ]، فـ[أسماء(جمع اسم)] من: [فعلاء] وليس من: [أفعال], و[فعلاء] ممنوع من الصرف:
قال ابن الروميّ [ت 283 هـ, 896م]
كلُّ طِفلٍ يُدعى بأَسماءَ شَتّى
....... بيـنَ عـودٍ ومِزْهَرٍ وقِرانِ
3- [هو]: ضمير فصل لا محلّ له من الإعراب.
[خيراً]: مفعول به ثان (عامله: يَحْسَبَنَّ)، أما المفعول الأول فمحذوف يدل عليه سياق الكلام, وهو البخل.
وسبق وتوسعت في ذلك في منشور سأضع الرابط في التعليقات.
4- في اللسان العربي زيادة المبنى زيادة في المعنى، فـ[ما استطاعوا] أشد صعوبة مِن [ما اسطاعوا]، فنقب السد أكثر صعوبة من الصعود عليه، ومِن ذلك ما جاء على لسان الخِضر لـ موسى: [..سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا]، لكنّه لمّا أخبره التّأويل جاء: [..ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا].
يتبع