مدينة الشمس "لواء الاسكندرون"
لواء إسكندرون أو لواء الإسكندرونة يُعتبر المحافظة الخامسة عشر في سوريا، رغم كونه منذ 1939، تُبع زوراً لـ تركيا، ويسميه بعض المؤرخين أمثال ستيفن لونغريج "الأزاس واللورين السورية.. تبلغ مساحة اللواء 4800 كيلومتر مربع، يطل على خليجي اسكندرون والسويدية في الزاوية الشمالية الشرقية لـ البحر المتوسط،، ويتوسط شريطه الساحلي رأس الخنزير الذي يفصل بين الخليجين المذكورين.
أهم مدنه أنطاكية، اسكندرون، أوردو، الريحانية، السويدية، أرسوز.. اللواء ذو طبيعة جبلية، وأكبر جباله أربعة (الأماننوس وجبل الأقرع وجبل موسى، وجبل النفاخ)، وبين هذه الجبال يقع سهل العمق.. أما أهم أنهاره فهي نهر العاصي الذي يصب في خليج السويدية ونهر عفرين ونهر الأسود الذين يصبان في بحيرات سهل العمق.
كانت منطقة إسكندرون تابعة لولاية حلب في العهد العثماني، ونافذتها البحرية.
مٌثلت في المؤتمر السوري العام واعتبارها دولة مستقلة في أعقاب صدور مراسيم التقسيم، غير أنه أعيد ربطها بالدولة السورية عام 1926 بجهود وطنية عاصرت إطلاق الجمهورية السورية الأولى عام 1938
قامت فرنسا "بخطوة غير مسبوقة واستفزازية" إذ أعادت منح اللواء حكمًا ذاتيًا مع بقاءه مرتبط من ناحية شكلية بالجمهورية السورية، ثم أعادت إلغاء هذا الرباط الشكلي؛ وفي العام التالي 1939، انسحبت فرنسا بشكل نهائي، في حين دخلت اللواء قوات تركية، وقامت بضمه وإعلانه جزء من الجمهورية التركية تحت اسم "هاتاى" وهو ما يعتبر مخالفة لصك الانتداب الذي يلزم الدولة المنتدبة بالحفاظ على أراضي الدولة المنتدب عليها.
غالبية سكان اللواء كانت من السوريين ومن جميع الطوائف بالإضافة إلى الأرمن، ولم تتجاوز نسبة التركمان فيه 39.4% حسب إحصاءات 1939.. بعد سلخ اللواء، نزح أغلبهم إلى دمشق، وحلب، وحمص، واللاذقية، أعداد كبيرة من سوريي اللواء وأرمنه، مع استثناء صغير نزح لبلدة كسب ذات الأغلبية الأرمنية التي كانت تابعة لـ اللواء، فعدّلت المفوضية الفرنسية الحدود بحيث تتبع لـ محافظة اللاذقية.
قضية سلخ اللواء أَدَّتْ لإنطلاق احتجاجات 1939 أطاحت بحكومة جميل مردم، ثم استقالة الرئيس هاشم الأتاسي نفسه في السنوات التالية، اعتبر اللواء أرضاً سورية محتلة، وساهم هذا الاعتبار في إبقاء سوريا خارج مشاريع على مستوى المنطقة مثل حلف بغداد لكون تركيا عضواً فيه.
في سوريا الإنتيكية، كانت أنطاكية "عاصمة اللواء" عاصمة سوريا ومركزها، ومقر بطريرك أنطاكية، الرأس المحلي للكنيسة السورية بشقيها البيظنتي والسرياني، ومنه خرجت شخصيات بارزة على مستوى العالم مثل إغناطيوس الإنطاكي، يوحنا فم الذهب، أما في سوريا المعاصرة فقد خرجت منه مجموعة من الشخصيات التي لعبت دورًا هامًا على الصعيد المحلي مثل المفكر زكي الأرسوزي والشاعر سليمان العيسى، والروائي حنا مينه الذي جسد روح الساحل السوري المشترك بعاداته وتراثه، والروائي صدقي اسماعيل بـ راويته الشهيرة "الله والفقر" التي تحولت إلى دراما تلفزيونية "أسعد الوراق" واشهر شخصياتها أسعد الوراق.
الدكتور وهيب الغانم (1919 -2003) مفكر قومي عربي ومن مؤلفاته المطبوعة كتابه (الجذور الواقعية والفكرية لمبادئ حزب البعث العربي) عام 1994، وله ديوان شعر قومي اجتماعي بالإضافة إلى أشعار الزجل الشعبي الذي تميز به الساحل السوري، كما كتب العديد من المقالات المنشورة في الصحف والمجلات السورية واللبنانية.
كما لعب الفن التشكيلي بتكريس الذاكرة السورية في قلبها المنسلخ "لواء اسكندرون" من خلال الأخوين أدهم اسماعيل ونعيم اسماعيل، والفنان عزيز اسماعيل مصمم طوابع المؤسسة العامة للبريد في سوريا.
أصول
أسس الفينقيون مدينة ميرياندوس في هذه المنطقة عام 1500 ق م.. يرجع اسم ميرياندور إلى مورا- واند التي تعني عبادة للإله الشمس، ذكر هيرودوت في كتاباته "إذا أخذنا الشمس مثلا، فإن شكل الساحل الدائري في فينقيا يشبه الشمس، يبدأ من خليج ميرياندور حتى تربيون بورنو.. يقيم على طول هذا البحر ثلاث مئة سلالة من الناس".
يرجع معنى كسيونون التابعة لهذه المنطقة، في انابيسى (Anabasis) (401-400 ق م) إلى "تقدم كايورس من هناك حتى مدينة باش فارسك في داخل سوريا ووصل إلى ميرياندور المدينة الساحلية التي يتواجد فيها الفنيقيين. هنا ميناء تجاري ترسى العديد من السفن التجارية إليه وتنتظر.
أما استاربون ترجع اسمها لـ "المجئ إلى قرية صغيرة تسمى ايسوس ونهربيناروس.. حدث هنا معركة بين داريوس والإسكندر الأكبر. فتم تسميتها بخليج كوى ايسوس.
دخلت المنطقة تحت حماية مقدوني عقب الحرب التي حدثت بين داريوس الثالث والإسكندر الأكبر في عام 333 ق م. تغير اسم ميرياندور بعد هذا التاريخ وسميت الإسكندرية.. يرجع اسم الإسكندرية إلى الإسكندر الأكبر وقفا لـ هيلن.. تم تسمية هذا الاسم أيضا لمدنية أسسها الإسكندر الأكبر في مصر وتم تسمية هذه المدينة التي تقع في منطقة كليليكيا في العهد الصليبي بـ الإسكندرية الصغيرة وذلك من أجل تميزها عن مدينة الاسكندرية المصرية.