كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عن مصطفى جيرو الذي سلّم مروان حديد.. وشهم البرازي

خالد محمد جزماتي

كان مصطفى جيرو (مواليد اللاذقية 1950- صورته أعلاه) يتردد على المساجد منذ صغره، وعندما التحق بالجيش للخدمة العسكرية تعرف على أحد منتسبي الطليعة المقاتلة وهو عصام السمان (مواليد دمشق 1950) ونشأت بينهما صداقة قوية، ومن خلالها بدا لعصام السمان أن صاحبه شديد الزهد والتقوى، وتسبب ذلك بالخطأ الفادح الذي ارتكبه عصام، حيث اصطحب صديقه التقي الزاهد مصطفى الى منزل قائده الشيخ مروان حديد في شقة العدوي (الشقة هي لآل البرازي، والذي أعطى مفتاحها للشيخ مروان حديد السيد شهم البرازي، وهو كان مطلوبا من قبل النظام قبل سقوطه حيا أو ميتا)، ومع ذلك كانت أسماء جميع من تعرف عليهم "حـركـيـة"... وهكذا حدثت معركة العدوي التي أدت الى اعتقال الشيخ مروان، كما تحدثت عنها في مقالتي السابقة (رابطها في فينكس)...
بعد عدة أسابيع من معركة العدوي التقى الجاسوس مصطفى جيرو بالقائد الطليعي موفق عياش (من التلاميذ القدامى للشيخ مروان) مواليد حماة 1948 بالطريق، وكان لا يعرف اسمه الحقيقي، فأبدى له حزنه الشديد على ما حدث في معركة العدوي وأبدى له رغبته في الانتقام عن طريق متابعة العمل المسلح ضد النظام... بعد ذلك تم اتخاذ القرار بإنشاء معسكر تدريبي، في الساحل، وبعد مضي يوم واحد أقبلت دورية ادعت أنها من ضابطة الغابات وأثناء تقديم الضيافة طرحوا عليهم بعض الأسئلة التي بواسطتها ثبت شكهم بأنهم مخابرات يتابعون نشاطهم، فقفلوا راجعين الى دمشق وحلب لأن أحداً من حماة لم يشترك في هذا المخيم، وأيقن موفق عياش أن مصطفى جيرو هو جاسوس تسبب في كل فاجعة حدثت للتنظيم.
وبعد تفكير ليس بطويل كلّف موفق عياش زميله أيمن الشوربجي بالعمل على متابعة الجاسوس، والمبيت عنده..... ونفذ الشوربجي الأمر وطلب من مصطفى المبيت عنده بحجة مشاجرة حدثت بينه وبين عناصر من سرايا الدفاع في دوما بلدته (خدعه بذلك لأنه دمشقي ميداني).. فرحب جيرو به، وبات عنده ثلاثة أيام كشف فيها أمره بشكل جلي، حيث قرأ وثائق ورسائل تثبت عمالته، وأيضا وجد في خزانته مجلات اباحية لا يمكن أن يحويها مسلم ملتزم... ومن فوره كتب تقريرا مفصلا عن الجاسوس قدمه لموفق عياش الذي بدوره بعث به لقائد الطليعة الجديد (بعد اعتقال الشيخ مروان حديد) عبد الستار الزعيم (طبيب أسنان مواليد حماة 1947) عن طريق عرفان مدني مسؤول دمشق. وشرح في تقريره كلّ ما وجده من وثائق خيانته، مبديا استعداده للقضاء عليه....شهم البرازي بن اخت اديب الشيشكلي
وفي يوم من الأيام التقى موفق عياش مع الجاسوس في أحد شوارع دمشق، فمشيا يتحدثان في أمور مختلفة، فاستوقفتهما دورية أمنية راجلة وطلبوا منهما إبراز هويتهما، ولما انتهوا من التدقيق فيهما، فارقاهما بلطف شديد.. وهكذا تم التعرف على الاسم الحقيقي لموفق عياش بمساعي الجاسوس... وبعد عدة أسابيع ذهب الطالب موفق عياش الى الجامعة لتقديم المواد الأخيرة للتخرج من كلية الهندسة الميكانيكية، فاقتحمت القاعة المخابرات الأسدية واعتقلت قائد تنظيم دمشق للطليعة المقاتلة موفق عياش، حيث كان الضحية الثمينة للجاسوس مصطفى جيرو.
حاول أيمن الشوربجي اقناع الدكتور عبد الستار الزعيم السماح له بتصفية الجاسوس مصطفى جيرو، ولكن لم يوافق على ذلك نظرا للأمور المعقدة بين السلطة والطليعة بعد العمليات النوعية في حماة ودمشق وحلب، وقال له إذا تركنا الجاسوس ولم نقتله والمخابرات تعرف أن ذلك سهل علينا من أي شخص اّخر، فسيقتنعون أننا في ضعف شديد، وهذا ما تريده حاليا.... أما بالنسبة للطليعي موفق عياش فقد أثبتت الدلائل والنتائج بعد اعتقاله أنه لم يعترف بشيء يفيد المخابرات، ولم يحصلوا منه سوى أنه تعرف على شاب في المسجد وعرفه عن نفسه بأنه رياضي محترف، فدعاه الى بانياس للاشتراك في مخيم ترفيهي يدرب فيه شباب المخيم ففعل..

طبعا تم اعجام موفق عياش فيما بعد واستلم تنظيم الطليعة المقاتلة بعده في دمشق يوسف عبيد.

******
راسلني عبر "الماسينجر" أحد منتسبي الطليعة المقاتلة بشكل مبكر وهو "شــهــم حــمــو الــبــرازي" المولود في حماة عام 1953 ووالده عبد الرزاق حمو البرازي أحد وجهاء عائلة البرازي الكبيرة في حماة والتي قدم أجدادها الى حماة عام 1780، وأمه المرحومة "أديـبـة بنت حـسـن اّغـا الـشـيـشـكـلـي"، فخاله الرئيس السوري الأسبق "أديـب الـشـيـشـكـلـي"..... وقد تقصدت ذلك التعريف بشـهـم الـبـرازي (الذي يقيم منذ زمن طويل مع أهله في عاصمة ولاية تكساس الأمريكية - هيوستن) حتى يعلم القاصي والداني، أن ما جرى من أحداث سياسية وأخرى دموية ضد حكم الأسد الأب والولد في سورية بشكل عام وفي مدينة حماة بشكل خاص اشترك فيها جميع شرائح المجتمع... الغني والفقير والوسط أيضا....
تم تنظيم شهم البرازي في الطليعة المقاتلة عام 1969، وعمره ستة عشر عاماً من قبل "مـحـمـد حـسـن عـجـعـوج" (من التلاميذ القدامى للشيخ مروان حديد، كنت معه في المهجع 11 بسجن تدمر لأكثر من عام، وخرج من المهجغ مريضاً الى مهجغ السل، وقد توفاه الله وهو ساجد في الصلاة كما أعلمني كثير من السجناء في مختلف الأزمنة، وأيضا كما كتب لي شهم البرازي عن ذلك على لسان "غـديـر الـحـلـبـي" الذي كان معه في المهجع ".. وبالمناسبة أنا الذي أخبرت المرحوم محمد عجعوج عن هدم بيتهم وبيت آل مـكـيـة، في حي وادي الحوارنة من قبل محافظ حماة في ذلك الوقت (عام 1980) الحموي العقيد محمود قـوشـجـي"
أختم بالقول: بأن شهم أخبرني بأن الذي قتل الجاسوس "مــصـطـفى جـيـرو" الذي كان سببا في اعتقال الشيخ مروان حديد هو الطليعي "ضـرار قـاسـمـو" ... وأيضا علّق على حديثي السيد "خلدون عجان"، فقال: تم قتل الجاسوس "مصطفى جيرو" في مدينة اللاذقية عام 1980 من قبل الطليعة المقاتلة..

وللحديث بقية

 مواد ذات صلة

معركة فـي دمـشـق أدت الى اعتقال الشيخ مروان حديد