قصة الدولة الدرزية
2025.05.08
مروان حبش
من المعروف أن من أهداف الإستراتيجية الصهيونية تجزئة الأقطار المحيطة بها وإقامة دويلات فيها على أساس طائفي أو مذهبي، وكانت ترى بذلك حلاً لضمان أمن دولة "إسرائيل" وسلامتها.
من هذا الهدف عملت "إسرائيل" بعد احتلال الجولان بنشاط لإنشاء دولة "درزية"، ولهذا السبب لم تلجأ إلى طرد المواطنين السوريين من أبناء الطائفة الدرزية من الهضبة، كما كانت تهدف إلى نقل عرب الجليل من أبناء الطائفة الدرزية إلى الهضبة، وفي اجتماع في مجدل شمس لضباط من مخابرات الجيش "الإسرائيلي" مع بعض الشخصيات من القرية، أبلغوهم أن عليهم معرفة سبب حسن المعاملة لهم وعدم طردهم يعود لمصلحة مشتركة "إسرائيلية" - درزية وهي إقامة دولة درزية يكون الجولان نواة لها.
في اجتماع في تل أبيب بين كمال كنج أبو صالح من قرية مجدل شمس وبعض السياسيين والعسكريين "الإسرائيليين" وضعوه في صورة مخططهم، وطلبوا منه أن يُرشح شخصية من دروز لبنان، فاقترح عليهم المحامي كمال أبو لطيف، وهو مقدم سابق في الجيش السوري وينتمي للحزب السوري القومي.
سافر كمال كنج في منتصف الشهر العاشر 1967 إلى روما مع ضابط كبير في المخابرات العسكرية "الإسرائيلية" ومن هناك اتصل مع بيروت بالمحامي كمال أبو لطيف، وألح عليه بضرورة القدوم إلى روما، وجرت عدة اجتماعات بين الثلاثة (كمال كنج - كمال أبو لطيف - ضابط المخابرات الإسرائيلي) وفي نهايتها تم الاتفاق على سفر أبو لطيف إلى عمان ليدعو الأمير حسن الأطرش لزيارة كمال كنج في روما.
في بيروت أبلغ كمال أبو لطيف الأستاذ كمال جنبلاط والزعيم شوكت شقير، وأخبر جنبلاط الرئيس عبد الناصر بكل ما جرى في روما، وفي طريقه إلى عمان مروراً بدمشق أبلغ أبو لطيف العقيد عبد الكريم الجندي بكل ما دار في اجتماعات روما.
وفي عمان أَبلغ الأمير حسن برسالة كمال كنج وضرورة سفره إلى روما للالتقاء به، فأوفد الأمير حفيده حمد إلى روما ووصل إليها في الثلث الأخير من الشهر الحادي عشر 1967، كما عاد إليها المحامي أبو لطيف.
عُقدت عدة اجتماعات في روما بين الأربعة، وتحدث الضابط "الإسرائيلي" عن الرفاه والازدهار اللذين ستنعم بهما الدولة الدرزية، كما أبلغهم عن خطط "إسرائيل" العسكرية لسلخ المناطق الدرزية في لبنان وجبل العرب في سورية لتنفيذ مخطط قيام دولة درزية.
كان كمال كنج قد التقى قبل سفره إلى تل أبيب مع العقيد حكمت الشهابي رئيس فرع الاستطلاع والنقيب نشأت حبش رئيس فرع مخابرات الجبهة، في قرية حضر وتركز الحديث على الوضع المعيشي والأمني لسكان القرى الأربع بعد الاحتلال، وبعد عودة كمال كنج من روما إلى مجدل شمس، تسلل إلى قرية حضر واجتمع مع العقيد حكمت الشهابي ومعاونه الرائد ابراهيم العمر والنقيب نشأت حبش، وأطلعهم على ما دار في اجتماعات روما، وفي التزامن مع ذلك نقل المحامي أبو لطيف إلى العقيد عبد الكريم الجندي كل المعلومات عن المخطط "الإسرائيلي".
تأكدت المعلومات عند العقيد الجندي بأن حمد بن زيد بن الأمير حسن الأطرش غادر روما إلى "تل أبيب" كما تسربت معلومات، أيضاً، عن إمكانية نشاطه لتنفيذ المؤامرة الصهيونية، ولمّا لم يبلغ الأمير حسن الحكومة الأردنية أو الحكومة السورية عن هذا الاتصال كما تم الاتفاق في روما بين الكنج وأبو لطيف والأطرش، وخشية من ابلاغ الأمير حسن بعض الشخصيات "الدرزية" وتوريطها بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا المخطط ، أوعز عبد الكريم الجندي بجلب الأمير من عمان إلى دمشق، وكانت النية متجهة إلى محاكمته غير أن تقدمه في العمر أدى إلى إطلاقه.
من كتاب البعث وثورة آذار