كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

قولوا النظام (الأسدي أو البعثي) ولا تقولوا النظام العلوي

علي سليمان يونس

أنا متأسف لأنني أتحدث بهذه اللغة الساقطة التي حاربتُها طيلة حياتي, وسأبقى أحاربها.. إنها لغة الطوائف الخطيرة والمدمرة والمرفوضة.. لغة الأكثرية والأقلية التي هي تعبير سياسي يتعلق بالأحزاب التي تفوز أو تخسر بالانتخابات النيابية.. وقد أسقطها البعض على مكونات الوطن.. ولا يجوز التحدث بها.. فالأصل في الإنسان الاحترام والتقدير، بغض النظر عن مكانته ومقامه، وبغض النظر عن دينه ومذهبه، وبغض النظر عن عرقه ولونه ولغته. فاحترام الإنسان بما هو إنسان، بغض النظر عن لونه ولغته وقوميته ودينه ورأيه، يجب أن يكون لكل الناس حتى إذا كانوا كفاراً وغير مسلمين؛ لأن الإنسان بما هو إنسان محترم؛ والقرآن الكريم يقول:
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ).
وقد صنف الإمام علي ع أبناء المجتمع على معيارين:
الأول: المعيار الديني (إما أخٌ لك في الدين).
الثاني: المعيار الإنساني (وإما نظيرٌ لك في الخلق).
أقول:
الطائفة العلوية شيء, والنظام الأسدي أو البعثي شيء آخر.. ولا يجوز اختزال الملايين بشخص.
أيها الناس..
بالله عليكم لا تخلطوا الأمور.. النظام لم يكن في حياته نظاما (للطائفة العلوية)، كان نظاماً أسدياً أو لنقلْ بعثياً، أو سموه ما شئتم.. وهذا النظام ضمّ من كل مكونات الوطن وكانت الأكثرية الساحقة فيها من (الطائفة الكبرى الشقيقة)، الذين مدوا له أيدي المساعدة والدعم، ولولا هذا الدعم لما استطاع الاستمرار.. الغالبية العظمى من الوزراء كانت منهم وكذلك المحافظين والسفراء وأعضاء القيادات البعثية.. وكانت تضم الموحدين والنصارى والإسماعيلية ومن كل القوميات: أكراد وتركمان وشركس وأرمن وآشوريين... تجار دمشق وحلب كانوا من أهل السنة، رجال الدين في دمشق وحلب كانوا أيضا منها.. رؤساء الوزراء في عهد حافظ الأسد: (خليفاوي والأيوبي والحلبي والكسم والزعبي وميرو).. ألقوا نظرة متفحصة على هوية وزرائهم... وكذلك رؤساء الوزارات في عهد بشار: (ميرو- العطري – سفر – حجاب- غلاونجي –الحلقي- خميس- عرنوس –الجلالي..)، انظروا بعين الفحص إلى وزرائهم... كانوا يحلفون بحياة الأسد والولاء للأسد إلى الأبد اكثر من أي علوي. كانت المناصب حكرا عليهم فالمحسوبون على النظام كان منهم الوزير ونائب الوزير ومعاون الوزير ومدير مكتب الوزير وغالبية السفراء، بينما الكثير من المحسوبين على الطائفة العلوية مشكوك بولائهم، وأعرف الكثير الكثير من أبناء الطائفة العلوية لشدة انتقاداتهم للسلطة والنظام لم يتعينوا لا وزراء ولا مديرين ولا محافظين ولا حتى أعضاء في مجلس الشعب مع انهم أفضل بكثير بالخبرة والعلم والقيادة من غيرهم، وأعرف العديد من الأشخاص هم أقدم مرتبة بالوزارة ولم يتعين مديرا بل أحالوهم للتقاعد بشكل لئيم. لم تكن هناك حصانة لأي علوي كان مشكوكا بولائه للنظام الأسدي. ولذلك لم يكن هناك شيء اسمه نظاماً علوياً وإنما نظام أسدي، أكرر أنا متأسف أن اتحدت بهذه اللغة التي رفضتُها طيلة عمري، وسأبقى أرفضها. فالطائفة العلوية شيء والنظام الأسدي شيء آخر مختلف جدا.. سأورد بعض الأمثلة.. وكلُ لبيبٍ بالإشارةِ يفهمُ:
أولا: اللواء صلاح جديد (وهو من أشرف وأنظف الضباط الذين مروا في تاريخ الجيش السوري)، وهو من أعاد النقيب المسرح حافظ الأسد إلى الجيش عام 1963م، وقد رفّعه لاحقا إلى رتبة لواء ومن ثَمَّ إلى رتبة فريق، ولكن الرئيس حافظ كافأه برميه في سجن المزة العسكري لمدة ثلاث وعشرين سنة، وتوفي في السجن في 19 آب 1993م؟
ثانياً: اللواء محمد عمران كان (رئيس اللجنة العسكرية التي شكلت في مصر) المعروفة، التي قامت بثورة 8 آذار 1963م، وأصبح لاحقا وزيرا للدفاع، تم تسريحه من 15/ 3/1966 وغادر سورية بعد تسريحه، وعاش في لبنان حيث (اغتيل!؟) في ظروف غامضة بتاريخ14/ 3/1972؟
ثالثاً: عندما أصيب الرئيس حافظ الأسد بنوبة قلبية في 13/11/1983م، عيّن لجنة قيادية لإدارة البلاد مؤلفة من (العماد مصطفى طلاس- العماد حكمت الشهابي – عبد الحليم خدام –عبد الله الأحمر – عبد الرؤوف الكسم- زهير مشارقة)؟....
رابعاً: في عام 1994م وبعد وفاة باسل الأسد.. استدعى الرئيس حافظ ابنه بشار من لندن، وأطلق يده في حكم الدولة...
ففي 4/4/1994 صدر أمر يتضمن: تنفيذ أوامر بشار وكأنها أوامر صادرة عن الرئيس حافظ، وتعليق صور بشار في المكاتب جنبا إلى جنب مع صورته... وقد استفز ذلك معظم ضباط الجيش، ولكن اللواء علي حيدر قائد القوات الخاصة تجرأ وانتقد ذلك بشكل أو بآخر، فأمر الرئيس حافظ باعتقاله وزجه في السجن لمدة 45 يوما وإنهاء خدماته في الجيش؟...
خامساً: جميل الأسد (أمير المؤمنين كما كان يسمي نفسه)، قام بنبش وحرق وتنجيس قبور بعض الأولياء الصالحين للعلويين، ورغم الاحتجاجات لم يقل له النظام ما أحلى الكحل بعينك..!
أما ما فعله بشار فأعفي نفسي بل أتقزز من ذكره.. وقد كنتُ أحد ضحاياه..
سادساً: أعود قليلاً إلى الوراء..
عندما شكّل الفريق حافظ الأسد الوزارة الأولى بتاريخ 20/ 11/ 1970 جاءت على الشكل التالي:
* الفريق حافظ الأسد... رئيسا لمجلس الوزراء - وزيرا للدفاع. * محمد طلب هلال.. نائبا لرئيس مجلس الوزراء - وزيرا للزراعة والإصلاح الزراعي. * عبد الحليم خدام - وزيرا للخارجية. *محمود الأيوبي- وزيرا للتربية. * الدكتور داود الرداوي... وزيرا للصحة. * عبد الغني قنوت... وزيرا للأشغال العامة والثروة المائية. *سامي صوفان... وزير دولة لشؤون التخطيط. * الدكتور شاكر الفحام... وزيرا للتعليم العالي. *... مصطفى حداد... وزيرا للنفط والكهرباء والثروة المعدنية. * غالب عابدون... وزيرا للأوقاف. * فايز إسماعيل... وزير دولة. * الدكتور ناجي الدراوشة... وزيرا للإعلام. * نور الله نور الله... وزيرا للمالية. *فوزي الكيالي... وزيرا للثقافة والإرشاد القومي والسياحة. * محمود قنباز... وزيرا للشؤون البلدية والقروية. *يوسف فيصل... وزير دولة. * مصطفى حلاج... وزيرا للاقتصاد والتجارة الخارجية. * أديب النحوي... وزيرا للعدل. * العميد عبد الرحمن خليفاوي... وزيرا للداخلية.. * عمر السباعي... وزيرا للمواصلات. *المهندس عبد اللطيف قطيط... وزيرا للصناعة. *منير ونوس... وزيرا لسد الفرات. * عدنان بغجاتي... وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء. *المهندس احمد قبلان... وزير دولة لشؤون القرى الأمامية. * متعب شنان... وزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل. *** صدر عن رئيس الدولة احمد الخطيب؟؟....
وكانت القيادة القطرية مؤلفة من: [حافظ الأسد، مصطفى طلاس، محمد حيدر، عبد الحليم خدام، عبد الله الأحمر، محمد علي الحلبي، فهمي اليوسفي، عبد الكريم عدي، محمود الأيوبي، داوود الرداوي، أحمد الخطيب]؟....
سابعاً: توفي الرئيس حافظ الأسد عن الوزارة التالية:
الدكتور محمد مصطفى ميرو رئيسا لمجلس الوزراء- العماد أول مصطفى طلاس نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للدفاع- المهندس محمد ناجي العطري نائبا لرئيس مجلس الوزراء لشؤون الخدمات- السيد الدكتور خالد رعد نائبا لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية- السيد فاروق الشرع وزيرا للخارجية- السيد الدكتور محمد حربه وزيرا للداخلية- السيد الدكتور محمد العمادي وزيرا للاقتصاد والتجارة الخارجية- السيد ناصر قدور وزير دولة للشؤون الخارجية- السيد الدكتور محمد خالد مهايني وزيرا للمالية- السيد الدكتور محمد إياد الشطي وزيرا للصحة- السيد أسعد مصطفى وزيرا للزراعة والإصلاح الزراعي- السيد المهندس رضوان مارتيني وزيرا للمواصلات- السيد المهندس حسام الصفدي وزيرا للإسكان والمرافق- السيد المهندس منيب بن أسعد صائم الدهر وزيرا للكهرباء- السيد محمد عبد الرؤوف زيادة وزيرا للأوقاف- السيد محمد ماهر بن حسني جمال وزيرا للنفط والثروة المعدنية- السيد سلام ياسين وزيرا للإدارة المحلية- السيد عدنان عمران وزيرا للإعلام- السيد هيثم ضويحي وزيرا لشؤون رئاسة الجمهورية- السيد نهاد مشنطط وزيرا للإنشاء والتعمير- السيدة الدكتورة مها قنوت وزيرة للثقافة- السيد الدكتور حسان النوري وزير دولة- السيد قاسم المقداد وزيرا للسياحة- السيد الدكتور محمود السيد وزيرا للتربية- السيد الدكتور فاروق العادلي وزير الدولة لشؤون البيئة- السيد نبيل الخطيب وزيرا للعدل- السيد الدكتور عصام الزعيم وزير دولة لشؤون التخطيط- السيد الدكتور حسان ريشة وزيرا للتعليم العالي- السيد المهندس مكرم عبيد وزيرا للنقل- السيد محمد مفضي سيفو وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء- السيدة الدكتورة بارعة القدسي وزيره الشؤون الاجتماعية والعمل -السيد الدكتور أسامة ماء البارد وزيرا للتموين والتجارة الداخلية- السيد الدكتور إحسان شريتح وزير دولة- السيد المهندس احمد حمو وزيرا للصناعة- السيد طه الأطرش وزيرا للري- السيد مخول أبو حامضة وزير دولة وقد استمرت هذه الوزارة من تاريخ 13/3/2000 لغاية 12/12/2001؟..
وكانت القيادة القطرية بعد وفاته كالتالي: - بشار الأسد. 2 - عبد الله الأحمر. 3-عبد الحليم خدام. 4 -زهير مشارقة. 5- سليمان قداح. 6 -عبد القادر قدورة. 7-مصطفى طلاس. 8 - احمد ضرغام. 9 - وليد حمدون. 10 - فايز الناصر. 11 - محمد مصطفى ميرو. 12 - فاروق الشرع. 13 - محمد سعيد بخيتان. 14- ناجي العطري. 15- محمد الحسين. 16 - سلام الياسين. 17 - وليد البوز. 18 - ماجد شدود. 19- فاروق أبو الشامات. 20- إبراهيم هنيدي. 21 - غياث بركات؟..
وهكذا كانت كل الوزارات من عام 1970 إلى عام 2024...
وأخيرا اسمحوا لي أن أسال:
هل لا يزال يوجد في هذه الأمة المرحومة من له مسكة من عقل، أو إثارة من دين، أو نسمة من تقوى، أو ذرة من ضمير، أو نقير من عروبة، أو قطمير من وطنية، من يعتقد ان الحكم كان للعلويين..؟
إن الحكم أيها الأحبة كان للنظام الأسدي... وليس للعلويين..
وأختم: نحن في مرحلة جديدة من تاريخ سوريا لا يمكن أن تنجح إلا بالعفو والتسامح والصفح والمحبة والتعاون وتشبيك الأيدي بين كل أبناء الوطن.. والتصويب على الأعداء في الداخل وعلى الحدود الذين يكيدون الشر لسورية..
وأرجو من جميع السوريين الأعزاء أن يكون خطابكم وطنيا صرفا جامعا وموجها لكل أبناء الوطن ومطمئنا لكل أبناء الوطن بعيدا عن المفردات الطائفية البغيضة، وإلا لن تنجحوا وسوف تتراكم الأخطاء حتى يحصل انفجار شعبي جديد.
أتمنى أن يلقى هذا الكلام صدى، وان لا نغلق أسماعنا عنه كما كان مسؤولو النظام السابق يغلقون أسماعهم عن كل صوت عاقل، وكل نصيحة حكيمة، بل كانوا يسخرون من أصحابها ويتهمونهم...