كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

أحفاد سلطان باشا الأطرش.. لا يضلّونَ الطريق

أبي حسن- فينكس:

تشهدُ محافظةُ السويداء منذُ نحوِ عشرةِ أيّام، وبذريعةِ القرارِ الحكوميّ برفعِ الدعمِ عن شرائحَ واسِعة منَ المُواطنين، اضطراباتٍ قامَ بها البعض في مُحافظةِ بني مَعروف، بني النّخوة والشّرف و المُروءة، منهُم مَن هوَ خارجٌ على القانون، ومنهم مُغرَّرٌ به، و منهُم أصحابُ حقٍّ لا شكّ... الخ.
ليتخلّلَ تلكَ الاضطرابات قطعُ الطّريقِ الواصلِ بينَ مُحافظَتي "دمشق" و "السويداء"، و إغلاقِ بعضِ دوائرِ الدولة و مُؤسّساتِها، ما أثّرَ سلباً على مصالحِ المُواطنين.
طبعاً لسنا في واردِ الدفاعِ عن قرارِ رفعِ الدعم (أو كما تًسمّيهِ الحُكومة "إيصالُ الدعمِ إلى مُستحقّيه..!")، أو إدانته، إذ سبقَ أن أَدلَونا بدلوِنا فيه حينَ صُدوره، و نفيدُ أنّنا لسنا - مِن حيث المبدأ- ضدَّ التظاهُر السلميّ و الحضاريّ الذي كَفِلَهُ القانون، بيدَ أنَّنا نُعارضُ أيَّ تظاهُرٍ يُضِرُّ بالمصلحةِ الوطنيّة و مصالحِ المُواطنينَ عامّة، فليسَ صاحبُ حقّ مَن يمنعُ الآخرينَ منَ الوصولِ لوظائفهِم، ومَن يُعرقلُ حركةَ السّير، و مَن يُسيءُ إلى مُؤسّساتِ الدولة و دوائرِها التي هيَ ملكُ المواطنين، و ليست ملكَ شخصٍ بعينِه.
لا شكَّ أنَّ شريحةً واسعةً منَ السوريّين تشعرُ بالغُبن جرّاءَ اللغطِ الذي حدثَ على خلفيّةِ قرارِ رفعِ الدعم عن بعضِ الشرائح، و الحكومة ذاتُها اعترفت أنَّ أخطاء كثيرة تخلّلت ذلكَ القرار، وأنّها تعمل على تصويبِ الخطأ؛ و لا نبرّر لها (للحكومة) خطأها، كما لا نُبرّر لها تقصيرَها في هذا المَنحى أو ذاك، معَ معرفتِنا جيّداً بالظّروف الموضوعيّة التي يعيشُها وطنُنا، و إدراكِنا لتواضُعِ الإمكاناتِ المُتوفّرة لدى الحكومة بسببِ نتائجِ أكثر من "عشرِ سنواتِ" حربٍ جائرة و مُدمّرة على بلدنا.
من هُنا يأتي استهجانُنا لمُظاهراتٍ سُرعانَ ما انفضَّ الشُّرفاءُ في "السّويداءِ" عنها، لا سيَما بعدَ أنِ انكشفَ الوجهُ الكريهُ و القبيحُ لها، ليقتصرَ عددُ المُتظاهرينَ على بِضعةِ عشراتٍ منَ الخارجينَ على القانون و الفارّينَ من خِدمةِ العَلَم.. الخ، ممّن عبّروا عن بشاعتهِم و بشاعةِ شعاراتهِم ذاتِ الهدفِ الهدّام، و الذي يؤكّدُ مَخاوفَ و اتّهاماتِ بعضِ المسؤولينَ لهُم.
والسؤالُ الذي يطرحُ نفسَه: تُرى هل فقط تلكَ القلّة الخارجة عنِ القانون في "السويداء" هُيَ مَن تضرّرت أو منِ انزعجت من قرارِ رفعِ الدّعم؟، ألم ينزعج منهُ غالبيّةُ السوريّين؟، ألم يتضرّر أهلُ "دمشق" و "الساحل" و "حلب" و "دير الزور"... الخ من ذلكَ القرار؟، و ألم يحتجّ بعضهُم عليهِ بطرائقَ حضاريّة و راقية؟، وقد يكونُ أقرب مثالٍ إلينا "الفيديو" الذي تحدّثَ فيه "عبد الرحمن خضير" الصناعي السوريّ الحلبيّ عن مُعاناةِ الصّناعة في "حلب" (وقد تمَّ نشر الفيديو في 11 شباط 2022)، عِلماً أنَّ "حلب" أكثرُ المُدُنِ ظُلماً بالتقنينِ الكهربائيّ إذا ما أخذنا بالحسبان أنَّها مدينةٌ صناعيّة و عاصمةٌ اقتصاديّة.
نسوقُ ذلكَ معَ لفتِ الانتباه إلى أنَّ وزارةَ الكهرباء كانت من أوائلِ الوزاراتِ التي كشفت عن خسائرِها بسببِ التخريب، منذُ اندلاعِ الحربِ الظالمة على سوريا، و إطلاقِ قطعانِ الإرهابيّينَ فيها عام /2011/. و وفقَ تقريرٍ صدرَ مؤخّراً عن وزارةِ الكهرباء، فإنَّ خسائرَ الوزارة حتى نهاية العام /2021/ تجاوزت (6) آلاف مليار ليرة سورية، و معَ ذلك كانت الدولة السوريّة تفضّلُ "السويداء" على "حلب و الساحل و الجزيرة"... الخ في التغذية الكهربائيّة، إذ تأتيها ثلاث ساعات تغذية مُقابِل ثلاث ساعات قطع (هذا ما كانَ عليهِ الحال في صيف 2021)، فيما سوقُ المدينة تغذيتهُ طوالَ النهار، في حين كانَ (و مازالَ) "ريفُ دمشق" خمس ساعاتِ قطع قُبالةَ ساعةِ تغذية، و بقيّة المُحافظات السوريّة أمرُها شبيهٌ بِ "ريفِ دمشق".
لا نكشفُ سرّاً إن قُلنا إنَّ وطنَنا ليسَ بخير، و لسنا كسوريّينَ - حكومةُ و شعباً- في وضعٍ نُحسَدُ عليه، و في ظلِّ ظُروفٍ كظروفِنا يُفترضُ فيها تكاتفُ الشّعبِ معَ حكومته، و ليسَ كما يفعلُ بعضُ الخارجينَ على القانونِ هُنا و هُناك.. و عندما نجد حكومتَنا مُقصّرة، - و هيَ مقصّرة فعلاً- ، فلا يكونُ الحلّ كما شاهدنا من مظاهرَ مؤذية في بعضِ مناطقِ "جبلِ العرب" الأشمّ.
نحنُ نؤمن أنَّ أبناءَ السّويداء حَمَلةُ فضيلةِ المَعروف، و وَرَثةُ جّدّنا "سُلطان باشا الأطرش" لن يسمحوا لبعضِ الرُّعاعِ أن يُسيئوا لجبلِ العربِ و تاريخهِ الغارقِ في القِيَمِ الوطنيّة و الفضيلة، فقد سبقَ أن ثارَ بعضُ الضالّينَ و المُضلّلينَ في الكبدِ السّوريَ، و كانَ لهُ الشرفاءُ - و ما أكثرَهُم! - بالمِرصَاد...