كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

في الذكرى 17 لنصر تموز.. كلمات في سيد الجهاد وكرامة الخطاب

أُبي حسن

ماذا بمقدور أي محلل سياسي أو صحفي أو مراقب أو متابع (حال لم يكن معانداً ومكابراً) أن يضيف لما يتفضّل به سماحة السيد حسن نصر الله في كل إطلالة جديدة له؟.. نعم، ماذا بمقدور أحدنا الإضافة لمن شهد له الأعداء قبل الأصدقاء بالصدق في القول والوفاء بالوعد، ولمن يقرن قوله بفعله؟ ترى، ألا يكفي سماحته فخراً أن العدو الوجودي لنا في الكيان المؤقت يتابع كلماته حرفاً حرفاً متأملاً ودارساً كل نقطة وفاصلة، ومتمعناً بتقاسيم وجهه الأسمر وهو يخطب؟ والأهم أن مستوطني ذاك الكيان يتابعونه ويصدقونه أكثر مما يصدقون ويتابعون إعلام كيانهم؟

هل حاد سماحته عن الصواب، عندما قال إن التوافق والتكامل بين المقاومة والدولة هي من منعت العدو من الانتقاص من حقوق لبنان في ثرواته الطبيعية، لاسيما النفطية الكائنة في البحر؟ وهل هذا القول يزعج تجار الحرب في لبنان؟

وهل نكون قد أفشينا سرّاً إن قلنا: من حسن حظ لبنان أولاً، والعرب والمسلمين ثانياً، أنّهم في عصر فيه هذه القامة والقيمة الجهادية والأخلاقية والإنسانية التي اسمها حسن نصر الله (مع حفظ الألقاب)..

لن نشير للتوضيحات التي قالها سماحته حول حادثة الكحالة التي يرغب لصوص "آل المر" وأمثالهم أن يجعلوا منها بوسطة "عين الرمانة" لكن هيهات، بيد أنه وجب أن نلفت الانتباه إلى ثقافة الحياة التي تحدث عنها سماحته، والماثلة في وهب أهل الشاب المتوفى علي حسن شرف الدين (وهو من كشّافة الإمام المهدي عليه السلام) لأعضاء ابنهم المتوفى لإنقاذ حياة آخرين بمعزل عن دينهم وجنسهم ولونهم وطائفتهم.. فهل ثمة ثقافة حياة وحب لها أسمى من هذه الثقافة التي أبعد ما يكون عنها في لبنان والديار العربية من ينصّب من نفسه عدواً لهذه المقاومة الشريفة وقائدها؟

من جانب آخر: لكم ولنا أن نتصور، مثلاً، لو أن العتاد والسلاح والعنصر البشري الجهادي المتوفر لدى حزب الله، كان متوفراً لدى شخص عريق وموغل في الإجرام كسمير جعجع، ترى ماذا كان حلّ بلبنان؟ أو أن "آل المرّ" لديهم عشر ما لدى حزب الله، ماذا كانوا يفعلون بلبنان بعد أن أنهكوه خراباً ودماراً إبّان وجودهم طوال عقود مضت في الحقل السياسي حيث عاثوا فيه فساداً وإفساداً وهم يفتقدون السلاح فكيف كانت الحال لو أنهم امتلكوا بعضه!؟.. صدق من قال: إن من نعم الله على لبنان هي وجود سماحته فيه، ومن مزايا سماحته أنه مدرك تمام الإدراك للتناقضات التي يعجّ بها بلد العشرة آلاف كيلو متر مربع.

بمعزل عما سبق، لنعد بذاكرتنا إلى 25 أيار عام 2000، يوم الانسحاب الإسرائيلي الذليل من جنوب لبنان، وكيف تسامى السيد حسن نضر الله وجهه على الجراح فصفح عن الخونة والجواسيس والعملاء الذين لفظهم العدو إبّان انسحابه.. ولنتذكر تواضعه الجم أمام بواسل حزبه وأمام الشعب اللبناني في ذلك اليوم التاريخي المشهود.

وإن كان ثمة حاجة للمزيد من التذكّر، فلنتذكر كيف أهدى نصر حرب تموز عام 2006، التي كانت بالأمس (14 آب) الذكرى السابعة عشرة لها، للعرب قاطبة، بمن فيهم من تمنى الخسارة الساحقة للحزب من قبيل من وصفوا تلك الحرب بالمغامرة، وبمن فيهم بعض السياسيين اللبنانيين الذين شعروا بالسعادة في الأيام الأولى للحرب إذ توهموا أن حبيبتهم "إسرائيل" ستريحهم من حزب الإرادة والكرامة والحياة.. حزب الله... وأسمح لنفسي بأن أذكر هنا ما قاله لي الدكتور المحترم خالد حدادة الأمين العام (السابق) للحزب الشيوعي اللبناني في مقر الحزب في بيروت، آواخر عام 2006، وكان أميناً عاماً لحزبه، قال: إنه عندما قام في الأيام الأولى للحرب بجولة على بعض المسؤولين اللبنانيين، وذكر منهم (سنتذاك) رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري قائلاً لهم إن الأولوية الآن للوقوف مع حزب الله في الحرب لأنها حربنا جميعاً، ويجب وضع الخلافات السياسية جانباً ريثما تنتهي الحرب، أجابوه ببرودة (وربما بتشف) بأن المسألة بضعة أيام وسينتهي الأمر، أي سيتم القضاء على حزب الله! "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين".

عود على بدء، صحيح إنه ليس لدينا ما نضيفه بعد خطاب سماحته، ذاك الخطاب الذي نزداد كرامة عندما نتابعه، وستتضاعف كرامتنا لاسيما أن الخطاب في ذكرى الحرب التي شهدت غرق المدمرة "ساعر"، كما كانت الحرب التي عشنا فيها بهجة المجزرة التي حاقت بدبابات ميركافا الإسرائيلية.. هل ثمة اتساع لـ"لكن"؟ نعم، لكن يبقى أن نسأل الله أن يكون زوال الكيان المؤقت على يديه الكريمتين، وإن كان هذا سيزعج الكثير من المتأسرلين.