كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مرايا المحبة

جمانة طه

التقيت الطبيبة السورية الدمشقية مارينا رزق في جنيف في أثناء مشاركتي بالمؤتمر العالمي عن الحوار الإسلامي المسيحي، وتعرفت إليها كصديقة في دمشق. مارينا من الناس الذين حين تجلس إليهم يغمرك دفء من المحبة والثقافة والإحاطة. درست الطب في جامعة دمشق وتخرجت فيها، وتابعت في جنيف وإنكلترا، وفرنسا حيث تقيم وتمارس عملها ك طبيبة نفسانية. لدى مارينا قصص كثيرة في هذا المجال، ولا أستبعد أن تفاجئنا ذات يوم بإصدارها في كتاب بقلمها الجميل.
بتاريخ" 23 أيار، 2005"، كرمتني مارينا برسالة بمناسبة يوم الشعانين على التقويم الشرقي أحببت مشاركتها معكم أحبتي.
جمانة الجمانة، الله يسعد أوقاتكقد تكون صورة ‏‏كعب تذكرة‏ و‏نص‏‏
قال المثل: "صورة واحدة خير من ألف كلمة". صورتك مع حفيداتك في أحد الشعانين لا تزال في مخيلتي. صحيح أني لم أركم، إلا أن وصفك الأنيق جعل الصورة في مخيلتي تعبق بالألوان. كم سيدة مسلمة تتجرأ على فعل كهذا؟ كم سيدة مسلمة قادرة على اصطحاب حفيداتها إلى الكنيسة للاحتفال بعيد الشعانين؟ الحق أقول لك: إن وجدت واحدة غيرك في دمشق "قادرة على ارتكاب ما ارتكبت" تقاسمت معك تاجك المتواضع الذي تزينه المحبة.
أتعرفين لماذا يمسّ هذا الفعل البسيط قلبي؟ لأني واثقة ومتأكدة من صحة إسلامك وجماله. أنت من أنت، ولن يغير فعل كهذا هويتك. المسلمة السورية الأصيلة التي تعيش دينها ببساطة اللحظة وجمال تدين القلب. ولهذا يسعدني وجودك في الكنيسة في يوم عيد تزينه بساطة شعبية وقلوب أطفال نامت تحتضن ثوب العيد وحذاءه. حركة كهذه من حركات القلب جديرة بامرأة.. فلنكن في هذا اليوم إناثا فقط ولنترك النقاش العقلي والجدل اللاهوتي للغد. لنقبل اليوم اليد المفتوحة بدل مناقشة سبب فتحها وألوان راحتها وأسرار خطوطها. لنقبل حركة القلب، وهو مركز وجود الإنسان. القلب الصافي الذي تنعكس في نقائه صورة الله. لنحيا معا هذه اللحظة الشفافة ولا نحاول الاختباء خلف أعذارنا.
الآخر ينتظرنا وراء المنعطف القادم.. ليس وحشًا ولا قاتلًا. الآخر يشبهني ويقاسمني سمائي وزهوري. نتكلم لغة هي الوحيدة في العالم التي يعبد بها كل الناس من كل الأديان "الله". الله هو إله الجميع في هذه الأرض، لا يتقاسم رعيته مع أحد. "في عيد الشعانين 2005 ذهبت جمانة طه الأديبة السورية المعروفة مع كنتها وحفيدتيها إلى الكاتدرائية المريمية في دمشق للاحتفال بعيد الشعانين". خبر يستحق الصفحة الأولى في جرائد السنة. فهل نرى يا ترى في السنة القادمة خبرًا عن سيدة مسيحية اصطحبت أولادها وأحفادها إلى احتفال إسلامي؟ وفي حال ازدادت حركة الذهاب والإياب بين بيوت عبادتنا وقت الأعياد والاحتفالات، هل نحن مضطرون لإبقاء أبوابها مغلقة بقية أيام السنة؟ ليست هذه بأسئلة بل هي صلوات، يرفعها قلبي اليوم إلى ربك وربي إله الجميع. الرب إلهنا نسأل.. يا رب استجب.
من باريس. تحياتي ومحبتي
مارينا