محلة الفتالة وزقاق الصخر
2024.05.09
عماد الأرمشي- فينكس
الفتالة: اسم لمن يصنع الحبال، والمعروفة لدينا بين أهل الشام، وخاصة في مسقط رأسي بمحلة العمارة ومن أصنافها (المراس و الخيوط المصيص القوية).
و كان أكثر عمالة وصناعة الحبال هم أهل المزة في محلة الفتالة وسفح جبل المزة عند جادة العلم. ويزرع الفتالة قصب القنب كسائر الحبوبات، فيبذرون حبه في أوائل فصل الربيع وينضج منه (حب القنبز طعام العصافير) في الصيف، وأنا كنت احب أكل الفنبز كثيراُ مع انه هو طعام للعصاقير، وكانوا ينقعون القنب بالماء حوالي 15 يوماً، كما كنت اشاهدهم بنهاية خمسينات القرن العشرين حتى يتحلل لحاءه و يبدأون بتقشير اللحاء عنه.
يؤخذ اللحاء ويجفف ويباع للحبالة، فيأخذونه ويمشطونه بمشط حديدي حتى يصبح اللحاء كالحرير، ويصنعون منه الحبال بالبرم بدواليب مخصوصة، وما يتبقى منه كان يأخذه الكلاسة اللذين يطلون جدران البيوت العربية القديمة ويرممونها بالطين وقش القنب لتتماسك الطينة.
والفتالة: كانوا ينصبون أعمدتهم على طول الخط وبنهايتها دواليب اللف، ويصنعون منها الحبال بعد نقعها بالماء ونشرها على المناشر لتجف، هذا ما أذكر بنهاية الخمسينات من القرن العشرين.
وقد كانت بصراحة مهنتهم متعبة جدا، إذ يعملون من أول جهجة الضوء حتى صلاة المغرب (ذهاباً وإياباً لمسافات تتعدى أحياناً 100 متر)، وهم يضعون ألياف القنب على ظهورهم ما بين طرفي مجمع التغذية ودولاب اللف اليدوي وهو عبارة عن خشبة مبرومة طولها مترين وعليها ستة بكرات، وفي نهاية تلك الخشبة يوجد طارة قطرها (٨٠) سم نعلق عليها الحبل، ثم يوضع على الخصر، وتبدأ عملية الشد، وعندها تدور (الطارة الكبيرة المستديرة) من ثم تدور الستة بكرات التي نغزل عليها الحبل بطول (٥٠) متر لكل حبل، و هكذا.