مأساة المكتتبين.. هل تحتاج إلى مرسوم رئاسي؟
فينكس- خاص
أحسنت صنعاً المهندسة راما ظاهر مديرة المؤسسة العامة للإسكان في ردّها (تجدونه عبر الرابط السكن الشبابي.. ومصير المكتتبين المجهول.. المؤسسة تردّ.. فهل ردت؟)، إذ هي بررت عدم تجاهلها لشكاوي المواطنين ولما ينقله بريد الصحافة عن معاناتهم في المجال الذي يخصّ عمل صاحبة الردّ والوزارة التي تتبع لها.
نقول أحسنت صنعاً، وإن لم يكن التوفيق حليفها فيما ساقته من تبريرات، بعضها ينعكس على المؤسسة والوزارة ذات الصلة، أكثر مما ينطبق على المواطن الذي يدفع الضريبة مرتين، مرة جرّاء الانعكاسات السلبية الطبيعية للحرب والإرهاب ومفرزاتهما على وطننا، ومؤسسات الدولة بمجملها شريكته أو قسيمته في هذه الضريبة، ومرة ثانية بسبب اجحاف بعض مؤسسات القطاع العام بحق المواطن، بحيث توحي (وربما تؤكد) بعض هذه المؤسسات أنها تريد أن تلقي بعبء الحرب ومخلفات الإرهاب على المواطن وحده متنصلة هي من تبعات ما جرى. على الأقل هذا ما يوحي به رد المهندسة راما ظاهر على بعض ما أُثير من لغط حول بعض مستكتبي السكن الشبابي، لا بل أضافت الأستاذة ظاهر وزراً آخر، ألا وهو عندما أحالت الخطأ الذي ارتكب بين المصرف العقاري والمؤسسة الاسكانية ذات الصلة بخصوص عدم وجود أتمتة لمن كانوا يواظبون على الدفع إبّان قولها: "لا يوجد ربط مؤتمت بين بيانات المسددين لدى المصرف العقاري وبيانات المؤسسة وهو ما جعل من الصعوبة متابعة عملية التحصيل والمعرفة الدقيقة للمتخلفين عن السداد."، إذ في هذا القول اعتراف واضح بأن المؤسسات ذات الصلة هي من يتحمّل مسؤولية هذا الخطأ وليس المواطن الذي يريدون له أن يتحمّل مسؤوليته في وقت لاعلاقة له هو في هذا الخطأ المؤسساتي! والأهم، ليس من الصعب تلافي هذا الخطأ طالما توجد وثائق بيد المستكتبين المظلومين تشعر التزامهم بدفع المستحقات المترتبة عليهم، حال أرادت المؤسسة فعلاً أن لاتظلمهم!
وتقول الأستاذة راما إن التعويض يتم بإعادة المدفوعات بعد حسم النفقات الإدارية! ويحق لنا أن نتساءل مع كثيرين غيرنا، هل يعقل أن يكون التعويض هكذا؟ ومن ثمّ هل يحق لهم هم كمؤسسة أن يأخذوا فرق الأسعار بعين الاعتبار، لكن عند التعويض لايتم أخذ هذا الفرق (فرق قيمة العملة) بعين الاعتبار؟ وهل كانت المصارف، عندما كانت الأموال مودعة لديها، تقوم فيها بأعمال خيرية مثلاً وغير ربحية؟ ترى ألّا توجد طريقة أكثر رحمة وتحترم حقوق المواطن أكثر من التمسّك بظواهر القانون الذي يبدو أنه يُطبق -في هذا المجال- على الحلقة الأضعف، وهي المواطن؟
أسئلة كثيرة تُطرح، ولا نظن أن ثمة أمل للمواطنين مهضومي الحق الذين يدفعون أخطاء المؤسسات قبل أن تكون أخطاءهم هم، سوى بمرسوم عفو من السيد الرئيس -كما أشار أكثر من مرة الزميل هلال عون- رحمة بالطبقة الفقيرة، فليس سرّاً أن غالبية مسجلي السكن الشبابي هم من الشرائح الأكثر فقراً في وطننا، وهم يجبرون على دفع أخطاء لاذنب لهم فيها.
وخير ما نختم به هو تعليق الزميل يونس خلف حول الموضوع المثار عبر إحدى مجموعات الواتس آب، إذ كتب: "أي حوار يحتاج إلى الشفافية ويكون سقفه المصلحة العامة وخدمة المواطن معا.
ومن هنا فإن السؤال المنطقي: كيف يمكن لأي جهة عامة من المؤسسات والوزارات أن تبرر لنفسها التقصير والعجز عن تقديم الحد الأدنى من واجباتها تجاه المواطن بسبب الظروف الصعبة والقاهرة. ولا تبرر للمواطن ذلك؟ ولماذا تنفذ القانون على المواطنين في الظروف القاهرة، دون تطبيقه على نفسها؟
لماذا لا تحاسب المؤسسة مثلاً أنها خالفت عقودها مع المكتتبين حين تأخرت بتسليم المساكن لهم؟
خلاصة القول: إن القانون فوق الجميع وفي خدمة الجميع، لكن بالتأكيد لا يجوز أن يكون القانون فوق البعض، بينما البعض الآخر فوقهم مظلات تحمي رؤوسهم من تطبيق القانون.
المشكلة فعلا في النصوص التي تستقوي بها المؤسسة، لكن هل التفكير يسير باتجاه إمكانية مساعدة المواطن في هذه الظروف الصعبة. أم التمسك بالنص وكأننا في كوكب آخر غير سورية التي تعاني من حرب ظالمة وحصار جائر وظروف معيشية قاسية؟
الذين انحدر منسوب انتمائهم الوطني ووضعوا أيديهم مع الإرهابيين سامحناهم وجرت تسويات على أوضاعهم. فهل من الصعب جدا أن تتم تسوية تأخير أو تقصير في تسديد الأقساط لمؤسسة الإسكان. المواطن دفع الثمن الكبير مع مؤسسات الدولة نتيجة الظروف القاهرة. فلماذا لا تتقاسم المؤسسات المسؤولية معه وتكون المساعي باتجاه المساعدة ريثما يتم تعديل التشريعات الناظمة لذلك..".