د. عمرو سالم: ليلتزم كلّ إنسانٍ حدوده فهذه دمشق الشّام
بمناسبة الخبر (الذي نفته المحافظة) المتعلق بأن محافظة دمشق منعت التقبيل في الحدائق العامة، كتب أحدهم مقالاً مطولاً عنونه: (التبويس في دمشق بين الماضي والحاضر)...
قال فيه أن من عاش في دمشق في الستينيات والسبعينيات يعرف أن حدائق قاسيون كانت منذ ذلك الوقت مكاناً للعلاقات...
وقال أن دمشق كانت مقصداً للشباب من بقية المحافظات لإقامة العلاقات مع فتياتها...
وأن تلك العلاقات كانت تتمّ على مرأى من العائلات الدمشقيّة...
كاتب هذا المقال ليس كاذباً فحسب، بل هو جاهل إلى أقصى درجات الجهل...
كوني من مواليد المهاجرين، ومقابل القصر الجمهوري تحديداً، وكون أهلي انتقلوا إليه من بيتنا العربي في دمشق القديمة عام ١٩٤٦، أي قبل ولادتي ب ١٢ سنة. وعشت كلّ عمري في تلك المنطقة التي تحوي أعرق العائلات الدمشقيّة، فإنني أقول للجاهلين أن جبل قاسيون وطريق الجندي المجهول وما يسمى بطريق القهاوي، لم يفتح إلا في الثمانينيات...
ولم يكن هناك شيء في الستينيات والسبعينيات...
ولم يكن هناك حدائق عامةّ في قاسيون...
وكان هناك مقهى وحيد في ساحة آخر الخط كان يسمى مقهى النيربين...
كان رواد تلك المناطق من أهالي المناطق الأخرى من دمشق وكلهم عائلات ترتاد المنطقة بكل احترام...
في الثمانينيات، تم شق طريق الجندي المجهول، وطريق القهاوي، ولم يكن فيه لا مقاهي ولا حدائق ولا شيء إلا الكلاب الشاردة...
نعم كنا ترى بعض العشاق وبشكل قليل جدا في سياراتهم. وكانت الشرطة تعتقل هؤلاء إن وجدوا (الأخلاقيّة)...
أما من يكتب ويتداول مقالات كهذه تهدف إلى النيل الرخيص من دمشق وأهلها وإشاعة الرذيلة والتطبيع معها، فهي أحقر وأدنى ما يمكن أن يصل إليه عقل مريض حاقد يعاني من عقدة النقص...
دمشق كانت وما تزال ملجأ من يريد أن يعمل عملاً شريفاً ويتعلّم الحضارة والمدنيّة...
وليذكر العالم بأكمله أنّ كلمة تدمْشَقَ تعني تمدّن...
والمدنيّة لا تعني الدعارة...
إن من يكتب مثل هذه المقالات أو غيرها، هو مساند ومنضمّ إلى الغزاة الذين يحاربون سوريّة...
هل أنا متعصّب لدمشق؟ بكلّ تأكيد...
متعصّبٌ لدمشق وكلّ مدينة وقرية من سوريّة. بلد الحضارة والمسيحيّة والإسلام...
وتعصبي أعمى...
فليلتزم كلّ إنسانٍ حدوده، فهذه دمشق الشّام...
عمرو سالم: تزول الدّنيا قبل أن تزول الشّام...
.
يمنع حذف اسم الكاتب ويمنع اقتطاع أي جزء من المقال.