الجنوب السوري تحت الرقابة الخارجية
2025.09.17
حسن عبد الله الخلف
الاتفاق الأخير حول السويداء هو وثيقة إذعان صريحة تكشف سقوط ما تبقى من وهم السيادة، فالبند الأول يعني أن الحكومة تخلت عن قضائها الوطني واستدعت لجنة التحقيق الدولية لتفتح الباب لمحاكمات أممية تطال رؤوس الأجهزة والمسؤولين وشيوخ ووجهاء عشائر وغيرهم.
والبند السادس يفرض سحب المقاتلين المدنيين من حدود السويداء وتجريدها من سلاحها المحلي ليستبدل بقوة شرطية تحت إشراف خارجي وتبقى خارج الحدود الادارية لمحافظة السويداء.
فيما يكرّس البند الثاني تبعية كاملة حين تتعهد الحكومة باتخاذ إجراءات قانونية ضد من يثبت تورطه وكأنها جهة منفذة لا صاحبة قرار.
أما البنود الثالث والرابع فتضع الخدمات والمساعدات تحت وصاية الأردن والولايات المتحدة والمانحين لتتحول مؤسسات الدولة إلى واجهة بلا مضمون ويأتي البند الخامس ليجعل طريق السويداء–دمشق تحت حماية شرطية "مدرّبة" بغطاء أميركي وأردني، بينما تفتح البنود السابع والثامن والتاسع الباب لتدخل خارجي في ملف الأسرى والخطاب الوطني وحتى التشريعات، لتصبح السيادة مجرد شعار.
وصولا إلى البند الحادي عشر الذي يمنح الأردن والولايات المتحدة حق المشاركة في ترتيبات الأمن والإدارة المحلية وتشكيل قوة شرطية ومجلس محافظة أي إدارة مشتركة بغطاء دولي.
ليختتم البند الثاني عشر الكارثة بإقرار تفاهمات أمنية مع إسرائيل حول الجنوب السوري في أخطر اعتراف بانزلاق الملف الوطني إلى أروقة التفاوض الخارجي أما البند الثالث عشر، فيقنن التدويل بإنشاء آلية مراقبة ثلاثية لتنفيذ خارطة الطريق تحت شعار "احترام السيادة".
وتحت هذا المشهد سيقف مطبلو السلطة ليفسّروا الإذعان بأبشع السفسطة: سيغنون لحن "الضرورة السياسية" ويدّعون أن كل ما حدث «تضحيات مؤقتة لحفظ الاستقرار»، ولن يعترف أحد منهم بخطأ جسيم؛ بل سيتحول كل فشل إلى إنجاز مزعوم وكل توقيع على فقدان القرار إلى حرفية تفاوضية.
وإذا ادعى أحدهم — كما سمعنا — أن الهجري ينسق مع الأزرق فسنقول له بصراحة نعم ينسق مع الأزرق وحكومتنا ستنسق أيضا مع الأزرق وفق البند 12 وليس لنا بذلك لا حول ولا قوة أما من كان يصفق وينادي بالولاء فسيبررون السكوت بالـ"مخارج الدبلوماسية"، بينما الواقع يقول إننا سلمنا مفاتيح الجنوب دون مقاومة.
والنتيجة العملية أن ملف الساحل والسويداء سيجعل ملفّ الجزيرة السورية أكثر هشاشة وخطورة على وحدة البلاد لأن من يتولون اليوم إدارة الحكومة ومصفقوها لم يستمعوا لنصائح أبناء الشعب الذين عاشوا خارج مظلة هيئة تحرير الشام، وبهذا الإهمال تكرس السلطة الحالية فشلها في إدارة الملف الوطني وتضع مستقبل الوحدة السورية رهينة تفاهمات لا تُصاغ إلا خارج إطار إرادة الشعب.
يشهد الله منذ أن سمعت باراك وهو يمدح بسورية والحضارة قلت الرجل مجهز لنا خازوق أمريكي غير العثماني الذي نعرفه.
ملاحظة: تم اعتماد البنود من موقع وزارة الخارجية الأردنية لأسباب عدة، ما يعطي الاتفاق بعدًا رسميًا وموثقًا يكشف حجم الإذعان الفعلي.