حين كان اسمه "برلمان" أو "مجلس نيابي"
2025.09.11
نشوان أتاسي
حين كان اسمه "برلمان" أو "مجلس نيابي"، ولم تكن هناك بدعة "مجلس شعب" النظام الأسدي.
كانت لوحة سيارة رئاسة الجمهورية السورية تحمل الرقم -1- بينما تحمل لوحة سيارة رئاسة المجلس النيابي الرقم -2-، وكان الرقم - 3- مخصصاً لرئاسة الوزراء...
عَكَسَ تسلسل الأرقام هذا أهمية تلك المناصب، إذ كانت السلطة التشريعية، ممثلة بالمجلس النيابي تحتل المرتبة الثانية في هرم السلطة من حيث كونها المسؤولة عن مراقبة أعمال الحكومة وعن محاسبتها، بينما احتلت السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الوزارة المرتبة الثالثة في الأهمية..
بقيت أرقام السيارات الثلاثة تلك سائدة منذ استقلال البلاد إلى أن اجتاح البعثيون السلطة في آذار 1963، فعمدوا إثرها إلى استخدام اللوحات الخصوصية والأمنية لسياراتهم الرسمية فاندثرت لوحات تلك السيارات الثلاث، كما اندثر معها الفصل بين السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وغاب معها أيضاً مبدأ المراقبة والمحاسبة.
وفي السياق ذاته، يُذكر أنه خلال واحدة من جلسات مجلس النواب تقدم أحدهم (وأظنه كان الراحل أكرم الحوراني) بطلب استجواب للحكومة فحواه أنه لوحظ أن لدى رئاسة الجمهورية سيارتين، في حين أن ملاكها المخصص لها هو سيارة واحدة فقط، وطالب ببيان الكيفية التي تم بها شراء السيارة الثانية ومن أين جرى صرف الاعتماد اللازم لذلك، وكيف أن عملية الشراء هذه لم تخضع لموافقة البرلمان المسبقة؟
طلب مندوب الحكومة مهلة لاستجلاء الأمر فمنحه إياها رئيس المجلس؛
في الجلسة اللاحقة تقدم مندوب الحكومة ببيان مفصل أفاد فيه بأن سيارة رئاسة الجمهورية الرسمية قد تم شراؤها بعد الحصول على موافقة المجلس أصولاً، وبموجب مناقصة رسمية جرى الإعلان عنها، وأرفق بيانه بكل الثبوتيات الداعمة..
أما السيارة الثانية، موضوع الاستجواب، فقد قدمتها حكومة الولايات المتحدة الأميركية هدية إلى رئاسة الجمهورية ولم يُدفع ثمنها من الخزينة السورية، وقدم كذلك الوثائق التي تثبت أقواله..
بعد أن اقتنع النائب مقدم الاستجواب بصحة ما قدمه مندوب الحكومة، انتقل النقاش إلى مسألة كلفة تشغيل السيارتين وبأن خزينة الدولة يجب ألا تتحمل كلفة تشغيل السيارتين معاً (من توظيف سائق إضافي ونفقات محروقات وصيانة...).
بعد نقاش مطول حول هذه النقطة تم الاتفاق على عدم جواز استخدام السيارتين معاً، وعلى أن تبقى الثانية سيارة احتياطية تستخدم فقط في حال عدم جاهزية الأولى أو لعطل ألم بها... وبهذا تم إغلاق ملف هذا الاستجواب.