شايلوك والحمير!
2025.07.20
نقلها واختارها صبري عيسى
ذهب اليهوديّ إلى قرية نائية، عارضاً على سكّانها شراء كلّ حمار لديهم بعشر دولارات، فباع قسم كبير منهم حميرهم، بعدها رفع اليهوديّ السعر إلى 15 دولاراً للحمار، فباع آخرون حميرهم، فرفع اليهوديّ سعر الحمار إلى 30 دولاراً، فباع باقي سكّان القرية حميرهم، حتّى لم يبق في القرية حمار واحد!
عندها قال اليهوديّ لهم: أنا مستعدّ لشراء الحمار الواحد بخمسين دولاراً إبتداء من الأسبوع المقبل. ثمّ غادر القرية إلى استراحته ليقضي إجازة نهاية الأسبوع .
بذلك، زادت قيمة الحمير، وفي الوقت نفسه ازداد الطلب عليها وبحث الناس عن الحمير في قريتهم والقرى المجاورة، فلم يجدوا. وفي خلال هذه المدّة، أرسل اليهوديّ مساعده إلى القرية متنكّراً كتاجر غريب وعرض على أهلها أن يبيعهم قطيع حميره، التي اشتراها سيّده اليهوديّ منهم سابقاً، بأربعين دولاراً للحمار الواحد.
بمعنى آخر: إعادة بيع حميرهم القديمة. فقرّروا جميعاً الشراء بنِيّة أن يعيدوا بيع تلك الحمير لليهوديّ، فور رجوعه إلى القرية في الأسبوع التالي، والذي عرض الشراء منهم بخمسين دولاراً للحمار، إلى درجة أنّهم دفعوا كلّ مدّخراتهم، بل واستدانوا جميعاً من بنك القرية، حتّى أنّ البنك قد أخرج كلّ السيولة الإحتياطيّة لديه.
فعلوا هذا كلّه على أمل أن يحقّقوا مكسباً سريعاً!
ولكن للأسف، بعدما اشتروا حميرهم بسعر 40 دولاراً للحمار، لم يروا التاجر اليهوديّ الذي عرض الشراء بخمسين دولاراً، ولا مساعده الذي باعها لهم.
في الأسبوع التالي، أصبح أهل القرية عاجزين عن سداد ديونهم المستحقّة للبنك، وأصبح لديهم حميراً لا تساوي حتّى خمس قيمة الديون، فلو حجز عليها البنك مقابل ديونهم، فلا قيمة لها عند البنك، وإن تركها لهم أفلس تماماً ولن يسدّده أحد.
بمعنى آخر، أصبح على القرية ديون، وفيها حمير كثيرة لا قيمة لها. ضاعت القرية، وأفلس البنك، وانقلبت الحال رغم وجود الحمير، وأصبح مال القرية والبنك بكامله في جيب التاجر اليهوديّ، وأصبحوا لا يجدون قوت يومهم!