عودة ترامب..
2024.11.12
أحمد رفعت يوسف
أما وقد عاد دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، فقد أثارت هذه العودة، من التساؤلات والتحليلات، أكثر من أي رئيس أمريكي منتخب قبله.
توزعت الآراء والمواقف، للدول والقادة والشخصيات، المؤثرة في السياسات العالمية، بين مرحب وخائف وقلق، والكثير من بنى مواقفه، على أحلامه وتمنياته، وأحياناً شطحاته.
بالتأكيد لم تأت هذه المواقف، وردود الأفعال من فراغ، وإنما بسبب ما يتمتع به ترامب، من شخصية إشكالية وجدلية، ولكونه رئيساً سابقاً، والكل خبر شخصيته، وأسلوب قيادته.
أياً يكن الأمر، فهناك حقيقة، لا يمكن لترامب وإدارته المقبلة تجاهلها، وهي أن أمريكا والعالم اليوم، مختلفون كثيراً، عما كانا عليه خلال ولايته السابقة، رغم أن الزمن الفاصل، بين الولايتين ليس كبيراً، فأمريكا لم تعد الإمبراطورية العظمى، التي كانت يوماً تسيّر الجيوش، وتغزو الدول، وتأمر فتطاع، وهناك منافسون جديون، في السياسة والاقتصاد والقوة العسكرية، وهناك الكثير من المياه، قد مرت متدفقة، في نهر الأحداث العالمية.
من عملية طوفان الأقصى، والعدوان الوحشي الإسرائيلي، على قطاع غزة ولبنان، والفشل في تحقيق أهداف العدوان، وما تسبب به ذلك، من مآزق أمريكية، بسبب الترابط الموجود، بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، كما هو الحال في البحر الأحمر، والممرات المائية في المنطقة، وفي خطوط وسلاسل التوريد العالمية.
وهناك العملية الروسية في أوكرانيا، والفشل الأمريكي الأوروبي، في تمكين أوكرانيا، من الانتصار على روسيا، وما رافق ذلك، من أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة، في معظم دول أوروبا، وهناك الصعود الصامت، والواثق، للصين، التي تعتبر اليوم، المنافس والمهدد الأكبر، لمكانة الولايات المتحدة، وقيادتها للسياسات والاقتصاديات العالمية، وهناك مجموعة البريكس، التي بدأت ترسخ أقدامها ووجودها، في الساحة العالمية، وغيرها الكثير من الأحداث والتحولات، والتي تؤكد كلها، أن موازين القوى، والقوة في العالم، تتحول بسرعة، على البارد والساخن، من مرحلة الأحادية القطبية، التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية، المتحكمة بالسياسات والاقتصاديات العالمية، إلى عالم متعدد الأقطاب.
إن ما قاله ترامب، في أول خطاب له بعد فوزه، وما صدر عن بعض الشخصيات، التي يتوقع أن تكون في المناصب الرئيسية في إدارته المقبلة، يبدو واضحاً، أنهم يدركون هذه التحولات، وعمق تأثيرها، على موقف ومكانة الولايات المتحدة في العالم.
وفي النهاية، فأياً تكن برامج وخطط ترامب، وإدارته المقبلة، فإن من يحدد مسارات الأحداث، والتوازنات الإقليمية والدولية، هو الميدان، وما تتمتع به القوى والدول المؤثرة والفاعلة، من قوة، وقدرة على العمل والتأثير، وليس فقط ما يريده ترامب، وما يخطط له، ويبقى للدول والشعوب، التي ترفض الانصياع إلى الهيمنة الأمريكية، ومخططاتها العدوانية، دور وكلمة، لا يمكن لأحد تجاهلها، وفي المقدمة ترامب وإدارته المقبلة.